بقلم : صلاح منتصر
تقاربت وتباعدت علاقات مصر وإفريقيا منذ القدماء المصريين حتى بلغت قمة التقارب فى زمن عبدالناصر ثم وصلت إلى قمة التباعد فى زمن حسنى مبارك خاصة بعد محاولة اغتياله عام 1995 فى أديس أبابا. ومع أن إفريقيا تعد ثانى أكبر القارات بعد آسيا مساحة (30 مليون كيلو متر مربع ) وسكانا (1.2 مليار نسمة) فقد تأخر اهتمامها بنفسها بسبب مرحلة الاحتلال الطويلة التى استنزفت ثرواتها وزرعت بذور الخلافات داخلها وبينها وبين جيرانها وإن كان يسجل لعبدالناصر استثمار ظروف عصره وتقديم الدعم للدول الإفريقية حتى تنال حريتها واستقلالها وإنشاء منظمة الوحدة الإفريقية التى تحولت منذ عام 2002 إلى الإتحاد الإفريقى .
ورغم أن القارة تضم اليوم حوالى 54 دولة مستقلة فإن بعضها مازال يعانى الفساد والخلافات والتسلط فى الوقت الذى كان قد قل فيه اهتمام مصر بالقارة لدرجة أن الإتحاد الإفريقى الذى يضم كل الدول الإفريقية جمد عضوية مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013.
تغيرت سياسة مصر تجاه إفريقيا منذ تولى الرئيس السيسى بدليل أنه فى سنوات معدودة استعاد عضوية مصر فى اتحادها وشهدت أديس أبابا مقر الاتحاد تسلم الرئيس السيسى قبل أيام رئاسة الإتحاد وهو ليس تقديرا لدور مصر فى إفريقيا فقط وإنما لسياستها العالمية التى تعد اليوم بصورة واضحة من أكبر استثماراتها.
وإذا كانت الآمال أن يتعامل الرئيس السيسى مع مشكلات القارة بالسرعة التى تعامل بها مع مشاكل مصر، فإن الذى لايمكن تجاهله هو قدرته على توحيد فئات الشعب وهو أيضا مايتطلبه لحل مشكلات إفريقيا العديدة من التنمية والإرهاب والمنازعات بين الدول والهجرة وغير ذلك من مشكلات الفقر وسوء الإدارة .
وربما كان أسلوب مصر فى مواجهة مشكلة سد النهضة ونزع فتيل الصدام مع إثيوبيا ومحاولة حل المشكلة بالاتفاق والتفاهم على أساس ألا يضر طرف بالطرف الآخر يمثل نموذجا قويا لباقى دول إفريقيا فى حل منازعاتها وخلافاتها بينها وبين بعضها والتى إذا تحققت يمكن التنبؤ بمستقبل تضع فيه إفريقيا أقدامها على طريق التنمية والاستقرار!