بقلم : صلاح منتصر
المدخن المريض الذى يشعر بأنه يحس بالاكتئاب مع كل سيجارة يشعلها ويتمنى أن يتحرر من سجنها أطلب إليه أن يجلس أمام ورقة وقلم ويحاول أن يكتب ردا على سؤال: لماذا أدخن؟ مع رجاء ألا يستهين بالأمر، فنحن على طريق أهم تغير فى حياته.
والواقع أنه ليس هناك سبب واحد للتدخين، فهناك من بدأه ليكون رجلا مثل الكبار الذين يراهم، وهناك من أغواه صديق بتجربة التدخين، وهناك من تأثر بأبيه وهو يشاهده يدخن، وهناك من أعجب بممثل رآه على الشاشة وهو يدخن فأراد أن يقلده، وهناك من تصور مثلى عندما بدأت إشعال أول سيجارة أنها ستمنحنى جرأة التحدث إلى فتاة أعجبت بها فى رأس البر ونمت بيننا نظرات أردت أن أعقبها بكلام، فلما رأيتها وحدها فى الطريق أشعلت أول سيجارة لأحرك لسانى الجبان، وسعلت ولم أكلم الفتاة يوما ولكننى تشعلقت بالسيجارة.
هكذا فإنك إذا عرفت كيف بدأت التدخين فابحث عن سبب إصرارك على التدخين، فهناك من لايستطيع شرب فنجان القهوة دون سيجارة، أو لا يتمكن من التحدث مع أصحابه دونها، أو لا يفتح عينيه دون أن يشعلها، أو لا يدخل بيت الراحة ليستريح إلا إذا كانت فى فمه، أو لا يجلس ليكتب إلا ودخانها يتصاعد أمام عينيه و..و..وهكذا فالأسباب مختلفة وكثيرة.
فإذا عرفت سبب تدخينك فحاول أن تفكر جيدا فى هذا السبب الذى يجعلك تدخن وتسأل: وماذا إذا أقلعت. هل سيختنق صوتى ولا أستطيع الكلام إذا لم أشعلها؟ هل سأفتقد طعم فنجان القهوة أو الشاى دونها؟ ولماذا لا أكتفى بفنجان قهوة واحد؟ هل سيستحيل على التعامل مع دورة المياه ولماذا لاأجرب مرة واثنتين وثلاثا دون سيجارة؟ هل لا أستطيع أن أفكر أو أكتب كلمة بغيرها؟ مستحيل أن يكون كل ذلك رهنا بالسيجارة، فهناك ملايين لايدخنون ويكتبون ويفكرون ويعيشون حياة هادئة لايحملون فيها هم السيجارة فكيف لا أكون واحدا مثلهم؟ غدا نكمل.