بقلم : د. أسامة الغزالى حرب
لا يخالجني شك في أن مستقبل التنمية في مصر يعتمد إلي حد كبير علي ازدهار واتساع المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر. ولقد صادفت فيما أقرؤه أخيرا موضوعين أولهما عن مهندس تخرج في كلية الهندسة بجامعة طنطا عام 1996 واستطاع بقرض بخمسين ألف جنيه من جهاز تنمية المشروعات الصغيرة انشاء مصنع للأدوات والمعدات الكهربية، وأصبح رأسماله مليونا ونصف المليون جنيه. والثاني عن مهندسة بدأت أيضا بقرض بخمسين ألف جنيه لإنشاء مصنع للزيوت العطرية تصدرها الآن لمنتجي العطور في الخارج خاصة في فرنسا بثمانية ملايين جنيه سنويا...لقد لفت هذان الموضوعان نظري إلي أهمية الدور الذي يقوم به جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر الذي أنشئ بقرار رئيس الوزراء في أبريل 2017 (وحل بذلك محل الصندوق الاجتماعي للتنمية). غير أن الآفاق التي يمكن أن يصل لها دور هذا الجهاز تبدو واضحة وهائلة إذا عرفنا مثلا الدور الحيوي الكبير الذي تلعبه المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر في كل البلدان الصناعية الكبري في أوروبا وأمريكا وآسيا. بل قد يبدو غريبا أيضا الدور الكبير والحيوي للمشروعات الصغيرة مثلا في الولايات المتحدة وبريطانيا، أخذا في الاعتبار الاختلافات بين كل الدول في تعريف المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر. ففي الولايات المتحدة يعرف المشروع متناهي الصغر بأنه ذلك المشروع الذي يعمل به خمسة موظفين فأقل، بل إن الكثير منها لا يوجد بها موظفون سوي أصحابها الذين يعملون لحسابهم الخاص. أما في بريطانيا فيوجد 4.5 مليون مشروع صغير، يعمل في 3.5 مليون مشروع منها شخص بمفرده ويعمل في مليون مشروع أقل من عشرة أشخاص. و الحقائق نفسها تتكرر بشكل أكبر مثلا في الصين التي تغرق العالم كله بمنتجات مشروعاتها الصغيرة ومتناهية الصغر!.