لبنان مقبل على ايّام أسوأ

لبنان مقبل على ايّام أسوأ...

المغرب اليوم -

لبنان مقبل على ايّام أسوأ

خير الله خير الله
بقلم : خيرالله خيرالله

من الواضح انّ لبنان مقبل على ايّام أسوأ من تلك التي يمرّ بها في هذه المرحلة من تاريخه. من الآن الى نهاية "العهد القوي" في 31 تشرين الاوّل – أكتوبر من السنة الجارية، هذا اذا كان ثنائي العهد، ميشال عون وجبران باسيل، يستطيع تصوّر رئيس الجمهوريّة الحالي خارج قصر بعبدا في نهاية ولايته، يبدو انّ على البلد الاستعداد لمزيد من التدهور.

يستحيل تفادي المزيد من التدهور، خصوصا في ظلّ تصاعد لا حدود له للعدوانيّة الايرانيّة في المنطقة من جهة ووجود إدارة اميركيّة تلعب دورا اقرب الى دور المراقب تجاه ما يدور في العالم من جهة أخرى. ترسل الإدارة مساعدات الى الجيش اللبناني من اجل بقاء العسكريين فيه. لا تذهب الى ابعد من ذلك في احداث تغيير جذري لموازين القوى في منطقة تحتاج الى من يردع ايران وميليشياتها المذهبيّة، خصوصا بعدما راح الحوثيون يطلقون صواريخ ومسيّرات في اتجاهات مختلفة انطلاقا من اليمن.

منذ انسحابها من افغانستان، بالطريقة التي انسحبت بها، كشفت إدارة بايدن انّها إدارة حائرة. انسحبت هذه الحيرة على المفاوضات التي تدور بين الادارة و"الجمهوريّة الاسلاميّة" الإيرانية التي تسعى الى فرض شروطها على الولايات المتّحدة. يأتي في مقدّم هذه الشروط غياب الربط بين الاتفاق المتعلّق بالاتفاق النووي الإيراني وسلوك "الجمهوريّة الاسلاميّة" في المنطقة، أي المشروع التوسّعي الإيراني.

سينعكس غياب الربط هذا، علما انّ مثل هذا الربط ضروري ومنطقي في آن، بين البرنامج النووي الإيراني من جهة والصواريخ الباليستية الإيرانية والطائرات المسيّرة والميليشيات المذهبيّة من جهة اخرى، على نحو كارثي بالنسبة الى دولة مثل لبنان.

في وقت تبدو "الجمهوريّة الاسلاميّة" مستعدة للذهاب الى ابعد حدود في استخدام اوراقها في المنطقة، يكبر الخوف على لبنان. يعود ذلك الى ان ايران تواجه صعوبات حقيقية في تكريس سيطرتها على العراق. على الرغم من الضغوط التي تمارسها "الجمهوريّة الاسلاميّة" في العراق، يظهر واضحا في كلّ يوم يمرّ ان هناك مقاومة حقيقيّة للهيمنة التي تحاول فرضها على بلد جار سلمتها إياه إدارة بوش الابن على صحن من فضّة في العام 2003. ليس ما يعبّر عن المقاومة العراقية للهيمنة الإيرانية اكثر من نتائج الانتخابات النيابيّة الأخيرة التي فشل علي قآني قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" في قلبها والحؤول دون ترجمة لها على ارض الواقع من منطلق ان العراق يظلّ العراق وايران تبقى ايران.

ليس العراق المكان الوحيد الذي تواجه فيه ايران صعوبات. هناك اليمن أيضا حيث تلقّى مشروعها ضربة قويّة في ضوء التقدم الذي حققته قوات العمالقة ذات الاكثريّة الجنوبيّة. تمثلت الضربة في اخراج الحوثيين، الذين ليسوا سوى أداة ايرانيّة، من كلّ محافظة شبوة المهمّة وفي فكّ الحصار الذي كانت "جماعة انصار الله" (الميليشيات الحوثيّة) تفرضه على مدينة مأرب.

ايران غير مرتاحة في سوريا، خصوصا ان نظام بشّار الأسد بدأ يشعر بفداحة الثمن الذي عليه دفعه بسبب امساك "الحرس الثوري" به. تتلقى الميليشيات التابعة لها باستمرار ضربات إسرائيلية. اللافت انّ إسرائيل لم تعد تميّز كما كانت تفعل في الماضي بين ميليشيات ايرانيّة وقوات تابعة للنظام. لعلّ الدليل على ذلك استهدافها مرفأ اللاذقية أخيرا إضافة الى مناطق قريبة من دمشق قبل ايّام قليلة.

في ظلّ هذه المعطيات، يبدو لبنان مكان الاستراحة الوحيد في المنطقة. تمارس فيه هيمنتها بشكل كامل. وقد عبر رئيس مجلس الوزراء السابق وزعيم "تيار المستقبل" سعد الحريري عن هذا الواقع بوضوح. كان ذلك في الكلمة المؤثّرة التي القاها أخيرا واعلن فيها "تعليق" نشاطه السياسي وانسحاب تيّاره من الانتخابات النيابيّة المتوقعة منتصف ايّار – مايو المقبل.

كلّما تعقّدت المفاوضات الاميركيّة – الايرانيّة في فيينا او غير فيينا، كلّما زاد تمسّك ايران بورقة لبنان الذي يعاني من حال انهيار في ظلّ الفراغ السياسي على اعلى مستوى. من بين أسباب هذا الفراغ غياب أي رؤية لدى الثنائي الرئاسي باستثناء كيفية استرضاء "حزب الله" ومن خلفه ايران كي يخلف جبران باسيل ميشال عون في قصر بعبدا في يوم من الايّام...

ليس ما يبشّر بالخير بالنسبة الى مستقبل لبنان في ضوء تحوّله الى جرم يدور في الفلك الايراني وذلك بغض النظر عمّا اذا كانت ستحصل صفقة اميركيّة – إيرانية ام لا قريبا. استطاعت "الجمهوريّة الاسلاميّة" تحويل ازمة لبنان من ازمة نظام وانهيار في كلّ المجالات... الى ازمة وجودية!

تبدو الانتخابات النيابيّة المقبلة محطة لبنانيّة مهمّة، لكنّها غير حاسمة. يعود ذلك الى قدرة "حزب الله" على استغلال هذه الانتخابات لتكريس شرعيّته بالقوة، قوّة السلاح وقوّة القانون الانتخابي المعمول به. ستجري هذه الانتخابات، التي يخوضها الحزب كميليشيا مذهبيّة مسلّحة، بموجب قانون عجيب غريب من صنعه أوّلا واخيرا.

الأكيد انّ التحالف بين الحزب الاشتراكي و"القوات اللبنانيّة"، أي بين وليد جنبلاط وسمير جعجع، ذو اهمّية نظرا الى انّه يمكن ان يساعد في جعل الأكثرية النيابيّة عند المسيحيين تخرج من دائرة "التيار العوني" ونوابه الذين يتنافسون في مجال من هو اتفه من الآخر. كذلك، إنّ هذا التحالف سيمنع أي اختراقات درزية ذات شأن. سيظلّ وليد جنبلاط حريصا على توفير مقعد لطلال أرسلان مهمّا فعل الزعيم الدرزي الآخر الذي ارتضى ان يكون في مكان آخر لا علاقة له بمقاومة الاحتلال الإيراني. لكنّ ذلك كلْه ليس كافيا نظرا الى ان الانتخابات لن تشمل المناطق الشيعيّة. هذه المناطق اغلقها "حزب الله" بسلاحه وبقانونه الانتخابي كي يؤكّد ان لبنان لا يستطيع الافلات من الاسر الإيراني... اقلّه في المدى المنظور وفي ظلّ توازن إقليمي راهن فرضته "الجمهوريّة الاسلاميّة" عبر ميليشياتها المرتبطة بـ"الحرس الثوري" في ظلّ لامبالاة اميركيّة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان مقبل على ايّام أسوأ لبنان مقبل على ايّام أسوأ



GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 18:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة
المغرب اليوم - حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 18:36 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
المغرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 18:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
المغرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 02:37 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الأسهم الأوروبية تنهي تداولات الأسبوع على انخفاض طفيف

GMT 03:49 2024 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

كيف يمكن إحلال 40 مليار دولار واردات سنوية من مجموعة بريكس

GMT 21:29 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

الدولار عند أعلى مستوى في شهرين ونصف والين يتراجع

GMT 01:10 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بعض دول الـ«بريكس» لها مؤشرات اقتصادية عالية

GMT 02:26 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع الاحتياطي النقدي المصري 279% في 10 سنوات

GMT 02:41 2016 الأحد ,07 شباط / فبراير

دبي تطلق مشروع أكبر مكتبة في العالم العربي

GMT 03:05 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

ساندي تُبدي سعادتها بدورها في فيلم "عيش حياتك"

GMT 00:30 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عبد الحق الخيام يلقي نظرة الوداع على والدته

GMT 15:43 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار سيارة بيجو 301 في المغرب

GMT 02:03 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

بالوتيلي يقود نيس للفوز على ديغون ومهدد بعقوبة مشددة

GMT 17:36 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بسمة وهبة تتعرض لهجوم حاد بعد حضورها عزاء والدة لطيفة

GMT 14:13 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

داري يُنقل إلى مصحة خاصة لتشخيص إصابته
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib