انتصار للمغرب والإمارات والمنطق

انتصار للمغرب والإمارات... والمنطق

المغرب اليوم -

انتصار للمغرب والإمارات والمنطق

خير الله خير الله
خير الله خير الله

ليس افتتاح قنصلية لدولة الامارات العربيّة المتّحدة في العيون، عاصمة إقليم الصحراء المغربية، خبرا عاديا بايّ مقياس من المقاييس، لا إقليميا، أي في منطقة شمال افريقيا ولا على الصعيد العربي ككلّ فقط. ما حصل انتصار للمغرب وانتصار للامارات وتغيير في عقليات وذهنيات سائدة، اعتبرت مسلّمات. كان لا بدّ من كسر هذه المسلّمات، بعدما هيمنت طويلا على العقل العربي وعلى العلاقات بين الدول العربيّة.

يشكّل افتتاح القنصلية الإماراتية في العيون بحضور وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة والسفير الاماراتي في الرباط العصري الظاهري مع خطاب القاه الشيخ عبدالله بن زايد عبر تقنية الفيديو، حدثا كبيرا، بل منعطفا سياسيا. هذا الحدث دليل على رغبة واضحة وجرأة في التعاطي العربي مع الواقع من جهة والذهاب الى ابعد ما يكون في تطوير العلاقات بين بلدين عربيين، هما المملكة المغربية ودولة الامارات، ربطت بينهما علاقات في العمق على كلّ المستويات من جهة أخرى، خصوصا في مجال رفض الرضوخ لسياسات الابتزاز التي لا طائل منها.

هناك بكلّ بساطة دولة اسمها دولة الامارات عرفت دائما كيف تتجاوز العقد بكلّ أنواعها بدل البقاء في اسرها وفي اسر الاوهام. لو لم يكن الامر كذلك، لما ولدت في الأصل دولة الامارات بفضل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

استطاعت الامارات، عبر افتتاح قنصليتها في العيون القول انّ ثمة قدرة على تطوير العلاقات بين الدول العربية وفق أسس علمية وعصرية قبل ايّ شيء آخر. هذا ما يبدو واضحا من كلمة الشيخ عبدالله بن زايد التي اتسمت برغبة واضحة في جعل السلام والتعاون يسودان المنطقة مع تقديم المصالح المشتركة على كلّ ما عداها.

يمكن تلخيص ما حصل مع افتتاح الامارات قنصلية عامة في مدينة العيون، في إقليم الصحراء الغربية، وهو من الأقاليم الجنوبية الغربية المغربية، بانّه تعبير عن عقلية جديدة متطورة تتلاءم مع ما يدور في العالم بدل البقاء على هامش الاحداث. مطلوب عربيا التأثير في الاحداث بدل التعاطي معها من من موقع المتفرّج عليها.

تتلاءم هذه العقلية مع مفاهيم العلاقات القائمة بين الدول المتحضّرة التي قررت الّا تكون العلاقات بينها مقتصرة على الودّ والخطب ذات الطابع العاطفي فحسب، بل على المصالح المشتركة أيضا. هناك من دون شكّ ودّ يربط بين المواطنين المغربي والاماراتي. في أساس هذا الودّ ثقافتان قائمتان على فكرة التسامح والانفتاح والاعتراف بالاخر، فضلا عن العلاقات التاريخية بين القيادتين في البلدين، وهي علاقات اسسّ لها الملك الحسن الثاني والشيخ زايد بن سلطان، رحمهما الله.

في السنة 2020، ثمّة حاجة الى الذهاب الى ما هو ابعد من ذلك، أي الى اخذ عامل المصالح المشتركة في الاعتبار، خصوصا في وقت تحقّق الديبلوماسية المغربية بقيادة الملك محمّد السادس خطوات مستمرّة الى امام في المجال الافريقي وفي مجال تأكيد المؤكّد وهو انّ الصحراء ارض مغربية. فوفق وزارة الخارجية المغربية، إن قنصلية الإمارات العربية المتحدة هي تاسع قنصلية أجنبية افتتحت في أقل من عام واحد، في مدينة العيون المغربية. والإمارات العربية المتحدة أول دولة عربية تفتتح قنصلية في العيون.

استعاد المغرب صحراءه، التي كانت تحتلّها اسبانيا، بعد "المسيرة الخضراء" في مثل هذه الايّام من العام 1975. كانت لافتة إشارة عبدالله بن زايد الى مشاركة دولة الامارات في "المسيرة الخضراء" التي كانت تعبيرا عن اندفاع شعبي مغربي صادق لا سابق له من اجل استعادة الأرض.

إنّ افتتاح اول قنصلية عربية في العيون، عاصمة الصحراء، تتويج للتقدّم الذي حققه المغرب في 45 عاما من اجل الدفاع عن وحدته الترابية في مواجهة قضيّة مفتعلة. الامل الآن، في ان يكون هناك مزيد من الوعي العربي والدولي لاهمّية الخطوة الإماراتية بكلّ ابعادها، بما في ذلك على صعيد تحسين العلاقات المغربية – الجزائرية.

في النهاية، بات مطلوبا التوصل الى تفاهم حقيقي بين المغرب والجزائر في شأن قضيّة افتعلتها الجزائر بحجة "حقّ تقرير المصير للشعوب". ليس معروفا الى اليوم عن ايّ شعب تتحدّث الجزائر التي تستخدم أداة اسمها جبهة "بوليساريو" لاستنزاف المغرب اقتصاديا. لو كانت الجزائر حريصة، حقّا، كلّ هذا الحرص على الشعب الصحراوي، لماذا لم تؤمن له دولة مستقلة في أراضيها، خصوصا ان الصحراويين منتشرون في طول شريط من المحيط الأطلسي الى البحر الأحمر؟ هذا الشريط يمرّ في الجنوب الجزائري في طبيعة الحال.

خاضت الجزائر كلّ أنواع الحروب، بالواسطة مع المغرب. يمكنها الآن ان تستريح قليلا وتفكّر في كيفية الانصراف الى الاهتمام بالجزائريين بدل التطلع الى لعب دور على الصعيد الإقليمي يفوق حجمها بكثير.

آن أوان حلول المنطق بدل الأوهام والاحلام. ما لا يمكن تجاهله أنّ الاستثمار في "بوليساريو" نوع من الاستثمارات التي كانت رائجة في الحرب الباردة. ما تحتاجه المنطقة، منطقة شمال افريقيا اكثر من ايّ وقت، في ايّامنا هذه، هو الى قليل من المنطق. المنطق يقول انّ الصحراء مغربيّة وانّ المغرب لا يمكن ان يتخلّى عنها، خصوصا ان سكان الإقليم مغاربة. من يتذكّر انّ والد (الراحل) محمد عبدالعزيز الذي كان يسمّي نفسه رئيس "الجمهورية الصحراوية" كان مواطنا مغربيا وكان ضابط صفّ في الجيش المغربي؟

يفترض في التطورات الأخيرة التي شهدتها قضية مفتعلة ان تجعل من الخطوة المقبلة خطوة العودة الى المنطق. هذا يعني بكل بساطة العودة الى اللعبة الوحيدة المطروحة سياسيا. اسم هذه اللعبة الحكم الذاتي الموسّع الذي طرحه الملك محمّد السادس قبل سنوات عدّة. مثل هذا الحلّ، الذي بدأ مفعوله يسري على الأرض فعلا، مساهمة في تكريس وجود عقلية جديدة تتحكّم بالعلاقات بين الدول، خصوصا الدول الجارة التي تجمع بينها مصالح كثيرة. فالاعتراف بالخطأ والعودة عنه ليس عيبا، بل هو فضيلة. العيب في التمسّك بالخطأ... والاعتقاد انّه الصواب.

بافتتاح قنصليتها في العيون، مع ما يعنيه ذلك من اعتراف بمغربية الصحراء، فتحت دولة الامارات العربيّة المتحدة الطريق واسعا امام تغيير جذري في الذهنية العربيّة.

فتحت الطريق امام التصالح مع المنطق والواقع لا اكثر ولا اقلّ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتصار للمغرب والإمارات والمنطق انتصار للمغرب والإمارات والمنطق



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 18:36 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
المغرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 11:20 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
المغرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"واتساب" يُعلن عن ميزة تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
المغرب اليوم -

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:49 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

المغربية عزيزة جلال تعود للغناء بعد توقف دام 30 عامًا

GMT 02:57 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

3 مشروبات شائعة تُساهم في إطالة العمر

GMT 08:43 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أبرز الأماكن السياحية في مصر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib