مرافَعةُالبطاركة أمام البابا
سقوط نحو 300 قتيل في اشتباكات عنيفة بين قوات سورية الديمقراطية وفصائل مسلحة مدعومة من تركيا في محيط سد تشرين وزارة الصحة في غزة تكشف أن عدد ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع ارتفع إلى 45,259 شهيداً و107,627 مصاباً من 7 أكتوبر 2023 تسجيل 76 حالة وفاة و768 إصابة جراء إعصار شيدو الذي ضرب مقاطعات "كابو" و"ديلغادو" و"نابولا" و"نياسا" في شمال موزمبيق زلزال متوسط بقوة 5.3 درجة غرب يضرب جنوب إفريقيا تكريم الفنان الكوميدي محمد الخياري في الدورة العاشرة لمهرجان ابن جرير للسينما وفاة الفنان المغربي القدير محمد الخلفي عن عمر يناهز 87 عامًا بعد معاناة طويلة مع المرض ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 45227 شهيد و107573 جريح منذ السابع من أكتوبر 2023 توقف مؤقت للعمليات في مطار قازان الروسي إثر هجوم أوكراني ارتفاع عدد ضحايا الانهيار الأرضي إلى 40 شخصاً في أوغندا المكتب الحكومي لدولة فلسطين تعلن احصائيات حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم 440
أخر الأخبار

مرافَعةُالبطاركة أمام البابا

المغرب اليوم -

مرافَعةُالبطاركة أمام البابا

بقلم : سجعان قزي

بدأ هذا الصباحَ في روما "يومُ التفكيرِ والصلاةِ من أجلِ لبنان". لافِتٌ أنْ يُقرِّرَ البابا فرنسيس شخصيًّا فتحَ مِلفِّحلِّ القضيّةِ اللبنانيّةِ من خلالِ البطاركة الموقَّرين،كأنّه لا يَثِقُ بالدولةِ اللبنانيّةِوبالجماعةِ السياسيّة؛ والباباوات قلّما يُخطِئون. هذه اللفتةُ تُحمّلُ البطاركةَ مسؤوليّةَ قولِ "الحقيقةِ اللبنانيّةِ" دونَ سِواها، خصوصًا أنّ الشعبَ اللبنانيَّيَرصُدُهم بأنظارِه وآمالِه ليُرافعوا موحَّدين عن قضيّتِه وأوجاعِه ومصيرِه على غرارِ ما يَفعل البطريركُ بشارة الراعي في لبنان وأحبارٌ لبنانيّون شُجعان كالمتروبوليت الياس عوده.دعوةُ قداسةِ البابا بطاركةَ الشرقِ تعني أنَّ قداستَه انتقَل من الاهتمامِ بلبنان، إلى التحرّكِ دُوليًّا لدعمِ حلٍّ سياسيٍّ للبنان. ما كان الفاتيكان اتّخَذَ هذا القرارَ لو لم يَبلُغ الوضعُ اللبنانيُّ مرحلةً حَرِجَة، ولو لم يَلمُسْ تجاوبًا أوّليًا لدى المرجِعيّاتِ الدوليّةِ القادرةِ على رعايةِ الحلّ. منذ بَدأت الاضطراباتُ الدستوريّةُ والسياسيّةُ والأمنيّةُ والاقتصاديّةُ، ودوائرُ الفاتيكان تحضِّرُ بصمتٍ وثَباتٍ لعملٍ دُوَليٍّ يوقفُ انهيارَ لبنان ويَضعُ المرتكزاتِ الأسَاسيّةَ لإنقاذِ "الوطن الرسالة". يجري ذلك بالتنسيقِ المنتظِمِ مع البطريرك المارونيِّ بشارة الراعي الذي بادرَ وطرحَ الحِيادَ وتنفيذَ القراراتِ الدوليّةِ قاعدةً لأيِّ حلٍّ وطنيّ. لقد دَخل لبنانُ مدارَ الحلولِ، لكنْ لا نعرفُ مَداها الزمنيَّ، فكل حلٍّ مصيريٍّ يَتضمّنُ إشكاليّاتٍ تَستدعي المعالَجة بشكلٍ أو بآخَر.

لم يَدْعُ الفاتيكان بطاركةَ الشرقِ بصفتِهم "بطاركةَ أنطاكية وسائرِ المشرِق"، بل بصفتِهم يُمثّلون مسيحيّي لبنان. هذا التخصيصُ لا يُلغي واجبَ التضامنِ مع سائرِ مسيحيّي العالمِ العربيِّ وتَفهُّمَ مواقفِهم، لكنّه يُعبّرُ عن مدى قلقِ قداسةِ البابا على مسيحيّي لبنان وسائرِ اللبنانيّين في هذه الظروفِ المصيريّة. أفهمُ هذه الدعوةَ رسالةً مفادُها أنَّ مصيرَ لبنان يَتعلّقُ بمصيرِ مسيحيّيه، ومصيرَ هؤلاءِ رهنُ شكلِ الشراكةِ مع المسلمين. إنَّ الفاتيكان، الذي لا يَستوعبُ لبنانَ خارجَ الشراكةِ المسيحيّةِ/الإسلاميّة، صار يؤمنُ أنّه بقدْرِ ما يكون مسيحيّو لبنان أقوياءَ يَتعزّزُ الدورُ المسيحيُّ في هذا الشرق. وأصلًا، ما اهتَزَّ وضعُ المسيحيّين في العالمِ العربيِّ إلا حين بدأت الحربُ على الوجودِ المسيحيِّ في لبنان وعلى دورِه الوطنيِّ الخاصّ. يومَها بدأت تَسقُط خطوطُ الدفاعِ الأماميّة.الفارقُ بين وضعِ مسيحيّي لبنان ووضعِ مسيحيّي بعضِالدولِ العربيّةِ والإسلاميّة أنَّهم هنا أحرارٌ بدونِ شروطٍ، وهناك أحرارٌ بشروط. هنا يواجهون أيَّ مَنحى استبداديٍّ ليَبقوا أحرارًا،وهناك يُضْطرّون إلى دعمِ أنظمةٍ استبداديّةٍ ليَبقوا أحرارًا. هنا يَصنعُ المسيحيّون النظامَ، وهناك يَخضَعون للنظامِ. هنا يأذَنون وهناك يَستأذِنون. هنا يُعارضون ولو تَرفًا، وهناك يُوالون واجبًا. هنا يشاركِون في الدولةِ ريادةً، وهناك يُعيَّنون إنعامًا. هنا لا يتحوّلُ الجامعُ كنيسةً، هناك تَتحوّلُ الكنائسُ جوامِعَ (آيا صوفيا أخيرًا). هنا يَشعرون أنّهم أكثريّةٌ ولو كانوا أقليّةً، وهناك يَشعرون أنّهم أقليّةٌ ولو كانوا أكثريّة. لذلك كان لبنانُـــ وهذه رسالتُه ــــ قِبلةَ كلِّ مسيحيٍّ ومسلمٍ في هذا الشرقِ يَنشُدُ الحرّيةَ والأمنَ بعيدًا عن القمعِ الدائمِ والأمنِ الـمُقنَّنِ والحرّيةِ المراقَبة.

مثلُ هذا الدورِ اللبنانيِّ يُلقي مسؤوليّةً مضاعَفةً على مسيحيِّي لبنان. حريٌّ بهم أن يُقلِعوا عن عَبثِهم بالعطايا، وعن صراعاتِهم الدمويّة، وعن نِزاعاتِهم السياسيّةِ التي لم يَستفِدْ منها سوى الطامعين بدورِهم. لا يستطيعُ مسيحيّو لبنان أن يكونوا قُدوةَ الحرّيةِ ما لم يكونوا مثالَ الوِحدة. هذا الانقسامُ أضعفَ دورَهم في لبنان وتأثيرَهم لدى مسيحيّي المشرِق. وإذا كان مسيحيّو المشرقِ ابْتُلُوْا بأنظمةٍ فُرِضَت عليهم، فمسيحيّو لبنان اختاروا قياداتٍ سياسيّةً يَصلُحُ البعضُ منها لكلِّ دينٍ إلا للدينِ المسيحيِّ، ولكلِّ وطنٍ إلا للبنان، ولكل ظرفٍ إلا لهذا الظرف. هؤلاء، الّذين لم يَمرّوا بمعموديّةِ الدَمِوالمقاومةِ ولم يَفهَموا معنى القضيّةِ اللبنانيّة، بَلغوا ما بلغوه، في غفلةٍ من الزمن، ولا يَستحقّون ثقةَ مسيحيّي لبنان، فكيف بثقةِ مسيحيّي العالمِ العربيّ؟
لم يتوجّه القديسُ يوحنا بولس الثاني بعبارتِه "الوطنُ الرسالة" إلى مسيحيّي لبنان حصرًا، إنّما إلى جميعِ اللبنانيّين. المسيحيّون وحدَهم يَصنعون وطنًا مسيحيًّا. وقد يَلعبُ هذا الوطنُ المسيحيُّ دورًا رائدًا في محيطِه، لكنّه لن يكونَ رسالة. الدورُ غيرُ الرسالة. الدورُ وطنيٌّ زمنيٌّ محدودٌ، أمّا الرسالةُ فإنسانيّةٌ روحيّةٌ لامتناهية. الرسالةُ هي أن نكونَ امتدادًا لدورِ الله. وطنُ الرسالةِ هو في الشراكةِ الوطنيّةِ بين المسيحيّين والمسلمين، بحيث يُعطون معًا الدليلَ على أنَّ الله في عيونِ الآخَر لا في فُوَّهةِ البندقيّةِ وحَدِّ السيف، وفي الانفتاحِ على الآخَر لا في الفتوحات. بيدَ أنَّ الإيمانَ بهذه الشراكةِ اضْطَربَ ثمَّ تزَعزعَ ثم تَزلزَلَ لأنَّ الشركاءَ فقدوا الثقةَ ببعضهِم البعضِ. فَمِنهُم من فَقدوا الإيمانَ الحقيقيَّ والولاءَ الصافي، ومِنهم من اتَّبَعوا زعماءَ ادَّعوا التكليفَ الإلَهيَّأو اعتبروا أنفسَهم مَعصومين من الخطأ.

لا قيمةَ لهذه الشراكةِ خارجَ المشروعِ اللبنانيّ والهوّيةِ اللبنانيّة والحِياد. وبالتالي، إن مصيرَ "الوطن الرسالة" يَستلزمُ تجاوبَ جميعِ المكوّناتِ اللبنانيّةِ مع هذه الثوابت، الأمرُ الذي لم يَتوفّر لأنَّ اللبنانيّين ليسوا متّفقين على دورِ لبنان وهندستِه الدستوريّة. ففيما اختارَ لبنانيّون الدولةَ والدستورَ والديمقراطيّةَ والميثاقَ والحِياد، هناكَ من يريد لبنانَ مِنصّةً أو جَبهةً أو قاعدةً أو نُسخةً عن دولةٍ أخرى، أو وطنًا للإيجارِ لأنظمةِ الـمِنطقةِ ومشاريعِها المذهبيّة. وهناك من يَنظُر إلى لبنان ثَمرةً حانَ قِطافُها.قد يكونُ لبنانُ "الوطنَ الرسالة" وقد لا يكون. في جميعِ الأحوال هو وطنٌّ مميزٌ. المهمُّ أن نَعرفَ تكاليفَ هذه الرسالةِوالرصيدَ الباقي علينا. فاللبنانيّون، وإن كانوا يَفتخرونبأن يكونوا "الوطنَ الرسالة"، ليسوا مستعدّين أن يَظلّوا أضاحي على مذبحِ هذا الشعار الرائع. "الوطنُ الرسالة" يُصبح مسألةً فيها نَظر ما لم يكن وطنَالحرّيةِوالأمن، والسيادةِ والاستقلال، والاستقرارِ والحضارة. قيمةُ القيمِ المتعلِّقةِ بمصيرِ شعبٍ هي في تطبيقِها المفيد. خارجَ سعادةِ الإنسان وكرامتِه تَصغُرُ القيمُ الأخرى.في الـمُحَصِّلةِ، مهما فَعل الفاتيكان، إنقاذُ لبنان يبدأ بتغييرِ خِياراتِ الحُكمِ وتحالفاتِه وأدائِه، وإلا بتغييرِه هو. بـمُجَرّدِ تغييرِه تتبدّلُ الظروفُ السياسيّةُ، يَستعيد لبنانُ صداقاتِه واحترامَه، تأتيه المساعداتُ الماليّةُ، يُحِّررُ شرعيّتَه، يَسترجعُ دورَه وحيادَه، يعود المهاجرون، ويُصبح للبنان حكمٌ قويٌّ وحكيمٌ، وعندئذٍ يحيا "الوطنَ الرسالة".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مرافَعةُالبطاركة أمام البابا مرافَعةُالبطاركة أمام البابا



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:49 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني
المغرب اليوم - الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني

GMT 16:35 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

"هاكرز" يستولون على 17 مليون دولار في هذه الدولة

GMT 19:10 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النفط يتجه لخسارة أسبوعية 2% مع انحسار مخاوف الإمدادات

GMT 18:57 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع التضخم في منطقة اليورو 2.3% خلال نوفمبر

GMT 19:05 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

وول ستريت ترتفع في جلسة مختصرة بمستهل موسم التسوق

GMT 10:41 2022 الأحد ,02 تشرين الأول / أكتوبر

خضروات وزهور يمكن إضافتها إلى حديقة المنزل في الخريف

GMT 02:01 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حوت أبيض يندمج مع سرب مِن الدلافين ذات الأنف الزجاجية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib