الجيش الأوروبي  أوهام ديغولية
وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023 إغلاق سفارات الولايات المتحدة وإيطاليا واليونان في أوكرانيا خوفاً من غارة روسية منظمة الصحة العالمية تُؤكد أن 13 % من جميع المستشفيات في لبنان توقفت عملياتها أو تقلصت خدماتهاالطبية في القطاع الصحة في غزة تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي أعدم أكثر من 1000 عامل من الكوادر الطبية في القطاع عطل فنى يُؤخر رحلات شركة الخطوط الجوية البريطانية في أنحاء أوروبا وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3544 شهيداً و 15036 مصاباً منذ بداية العدوان الإسرائيلي على البلاد
أخر الأخبار

الجيش الأوروبي ... أوهام ديغولية

المغرب اليوم -

الجيش الأوروبي  أوهام ديغولية

بقلم - راجح الخوري

كان في وسع الرئيس إيمانويل ماكرون أن يبقى في حدود التبشير بفوائد التعاون السياسي، الذي من شأنه أن يعمق الوئام على المستوى الدولي، وأن يدعم قيام علاقات تعاونية بروح من الانفتاح والتفهم، ولكنه ذهب بعيداً في تشديده على ضرورة إرساء القيم الوطنية، ليصف نزوع البعض إلى القومية، بأنه خيانة للوطنية والقيم الأخلاقية، رافضاً ما سمّاه «أنانية الأمم التي لا تهتم إلا بمصالحها الخاصة»!

بدا هذا الكلام وكأنه توبيخ عنيف، موجه في شكل خاص إلى الرئيس دونالد ترمب، الذي كان واقفاً يستمع وبدت عليه معالم الصدمة، على الأقل لأنه يصف نفسه عادة بأنه قومي، ويحرص دائماً على أن يدفع بسياسات «أميركا أولاً».

رغم هذا، كان من الممكن أن يتعامل ترمب مع كلام ماكرون، على أنه اجتهاد يبقى في حدود التنظير السياسي، أو كما وصفه السياسي البريطاني جون سوليفان، عندما قال: «إن حديث ماكرون عن الوطنية والقومية مجرد كلام فارغ»؛ لكن ماكرون كان قد قرع أبواباً صعبة ومحرجة جداً، في حديث أدلى به قبل ساعات إلى شبكة «سي إن إن»، عندما دعا إلى إنشاء «جيش أوروبي» لحماية دول القارة الأوروبية من الصين وروسيا، وحتى من الولايات المتحدة، رغم أنها الشريك الأساس في حلف الأطلسي!

المفارقة أن حديث ماكرون جاء عشية الاحتفال المهيب، الذي نظمته فرنسا لمناسبة ذكرى الحرب العالمية الأولى، وحضره ممثلون عن سبعين دولة، يعرفون جميعاً كما يعرف ماكرون وترمب، ما هو الدور الحاسم الذي لعبته أميركا في الحرب العالمية الثانية لتحرير أوروبا من الاحتلال النازي، ولهذا لم يكن مفاجئاً أن يذهب ترمب بدوره إلى القسوة الشديدة، في الرد على الرئيس الفرنسي، عندما غرد مع وصوله إلى باريس قائلاً: «ماكرون يدعو أوروبا إلى إنشاء جيش يحميها من الولايات المتحدة والصين وروسيا، هذه دعوة مهينة للغاية، لعله يتعيّن على أوروبا أن تدفع نصيبها للحلف الأطلسي الذي تموّله الولايات المتحدة إلى حد كبير مقابل حماية أميركا لها»!

كان يمكن أن تقف الملاكمة بين ترمب وماكرون عند هذا الحد؛ لكن ترمب المغتاظ دفع الأمور في اتجاهات تصعيدية، فردَّ على الإهانة بأسوأ منها، عندما استحضر الماضي بطريقة مهينة للفرنسيين، قبل أن تكون مهينة لماكرون، الذي تأخذه على ما يبدو أوهام «ديغولية فارغة»، إلى آفاق ليست في قدرة فرنسا ولا القارة الأوروبية، التي كان يقول عنها دونالد رامسفيلد مثلاً أيام جورج بوش الابن، إنها «ذلك العالم القديم».

مع عودته إلى واشنطن، سارع ترمب إلى قصف الرئيس الفرنسي بخمس تغريدات غاضبة، عندما قال إن ماكرون يقترح إنشاء حيش لحماية أوروبا من الولايات المتحدة والصين وروسيا؛ ولكن الأمر كان يتعلّق بألمانيا في الحربين العالميتين الأولى والثانية: «ثم كيف يمكن أن يحصل هذا في فرنسا؟ فلقد كانوا قد بدأوا تعلُّم اللغة الألمانية في باريس، قبل أن تصل الولايات المتحدة»، في إشارة واضحة إلى الاحتلال الألماني لفرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، وإلى عملية التحرير التي قادتها الولايات المتحدة بعد الإنزال التاريخي في النورماندي كما هو معروف!

لم يتوقف ترمب عند هذا؛ بل دعا فرنسا إلى تسديد مدفوعاتها المتوجبة لحلف الأطلسي، ثم استهدف ماكرون شخصياً بالقول إنه يعاني من هامش شعبية ضعيف جداً، لا يصل إلى 26 في المائة، ومعدّل بطالة يقارب 10 في المائة، ثم دعاه ساخراً إلى تبني نظريته بالقول: «اجعل فرنسا عظيمة مجدداً» على غرار ما يقول هو دائماً: «فلنجعل أميركا عظيمة مجدداً»!

ماكرون تلافى الانخراط في تراشق مستهجن بالتصريحات والاتهامات بين بلدين حليفين؛ لكن هذا لا يمكن أن يحجب حقيقة ما يعرفه جيداً، كما يعرفه كل شركائه الأوروبيين: أنه من المستحيل استنهاض الوحدة التي نفخ فيها الجنرال شارل ديغول الروح، وهو ما أدى إلى قيام الاتحاد الأوروبي في 25 مارس (آذار) من عام 1957، فالظروف تغيّرت كثيراً، وحتى طموحات ديغول لم تتجاوز حدود التعاون السياسي والاقتصادي بين الأوروبيين، لتصل إلى التعاون العسكري المنفصل عن أُطر حلف الأطلسي الذي تديره الولايات المتحدة، فكيف يمكن الحديث عن إنشاء جيش أوروبي موحد؟

وبالضرورة يجب ألا يكون خافياً على ماكرون، أن فرنسا كانت قد انسحبت من القيادة العسكرية الموحدة لحلف شمال الأطلسي عام 1966؛ لأنها أرادت يومها الاعتماد على نظام دفاعي مستقل؛ لكنها لم تلبث أن عادت إلى المشاركة الكاملة في الحلف تحديداً في 3 أبريل (نيسان) من عام 2009، فإذا كانت فرنسا وحدها لم تتمكن من الثبات في استقلاليتها العسكرية خارج الأطلسي والعباءة الأميركية، فكيف يمكن أن تقنع 29 بلداً الآن بالانخراط في إنشاء جيش أوروبي موحد؟

صحيح أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بدت وكأنها تلاقي ماكرون في منتصف الطريق، عندما قالت في كلمة أمام البرلمان الأوروبي يوم الثلاثاء الماضي: «ينبغي أن نضع رؤية تجعلنا ننشئ جيشاً أوروبياً متكاملاً وحقيقياً يوماً ما، ومجلس أمن أوروبياً، يمكن من خلاله اتخاذ قرارات مهمة في شكل أسرع». ولكن من المعروف أن ألمانيا تعتمد عسكرياً على الولايات المتحدة التي تنشر أكثر من 40 ألف جندي أميركي، في عشرات القواعد العسكرية على الأراضي الألمانية.
كذلك من المعروف أنه ليست هناك حماسة في دول أوروبية كثيرة لمثل هذه الأفكار؛ سواء فيما يتعلّق بالجيش المشترك خارج إطار الأطلسي، وفيما يتعلّق بمجلس الأمن الخاص خارج الأمم المتحدة أو في موازاتها!

وفي السياق تقول وكالة «رويترز»، إن الحديث عن جيش أوروبي مسألة لا تثير غضب واشنطن وسخريتها فحسب؛ بل إنه لا يغري كل الأوروبيين ويثير شكوك بعضهم. والدليل أنه حين كان ماكرون يدعو من سلوفاكيا في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى وحدة السلاح الأوروبي، كانت الحكومة البلجيكية تقرر شراء مقاتلات «إف 35» الأميركية، متخلّية عن عرض مقاتلات «رافال» الفرنسية و«يوروفاير» الأوروبية.

كان من الطبيعي أن يرحب الرئيس فلاديمير بوتين بأفكار ماكرون، من منطلق المصلحة الروسية الخالصة، في أن تؤدي مثل هذه النزعات الانفصالية إلى تفكيك الحلف الأطلسي الذي أنشئ في الأساس لمواجهة الاتحاد السوفياتي، الذي رد يومها بإنشاء حلف وارسو الذي انهار بعد انهياره!

ليس من الواضح أين يضع ماكرون النزعات الانفصالية التي تستنهض الطموحات القومية في عدد من الدول الأوروبية. والأمر هنا لا يقتصر مثلاً على «بريكست» وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؛ بل على ما يجري في آيرلندا واسكوتلندا أيضاً، ثم كيف ينسى ماكرون ما حصل في كاتالونيا الإسبانية، ومشاعر أهالي الباسك، والفلادرز في بلجيكا، وبادينيا في إيطاليا، وكورسيكا عنده في فرنسا، وبافاريا في ألمانيا؟

عام 2014، بعد جدل أميركي أوروبي طويل، تقرر أن يتم رفع الإنفاق العسكري في كل دول حلف الأطلسي إلى 2 في المائة من الدخل القومي؛ لكن 15 دولة من أصل 29 من أعضاء الحلف، وفي مقدمها فرنسا، لا يزال إنفاقها تحت عتبة 1.4، والأرقام لا تدعم وجهة نظر ماكرون طبعاً، ذلك أن أميركا دفعت عام 2017 مبلغ 686 مليار دولار لميزانية الحلف، أي ما يوازي 71 في المائة، وبلغ حجم الإنفاق الأميركي على الحلف منذ عام 2010 أكثر من 5.5 تريليون دولار. ورغم هذا ها هي الأوهام الديغولية تدفع ماكرون إلى الحديث عن جيش أوروبي لا يثير حماسة الأوروبيين؛ بل يشعل غيظ ترمب والأميركيين!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجيش الأوروبي  أوهام ديغولية الجيش الأوروبي  أوهام ديغولية



GMT 09:12 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الخضرة والماء والوجه الحسن

GMT 04:42 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

عن التيار المدني، بشقية المحافظ والعلماني

GMT 04:40 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اليمن بين الإنسانية والسياسة

GMT 11:28 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الأمن الإقليمى و«مصالح أهل المنطقة»

GMT 09:07 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

محاولة لفهم «ترامب»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 07:39 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
المغرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 08:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
المغرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:49 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
المغرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:10 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
المغرب اليوم -

GMT 20:49 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

دراسة حديثة تبيّن تهديد أمراض السمنة المفرطة لكوكب الأرض

GMT 02:25 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

مديرة صندوق النقد أسعار السلع المرتفعة ستستمر لفترة

GMT 16:15 2023 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي نصير مزراوي يواصل الغياب عن "بايرن ميونخ"

GMT 04:58 2023 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

وقوع زلزال بقوة 5.3 درجة على مقياس ريختر جنوب غرب إيران

GMT 10:06 2023 الثلاثاء ,27 حزيران / يونيو

المغرب يسعى لاستيراد ما يصل إلى 2.5 مليون طن من القمح

GMT 07:08 2023 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

أفكار لتجديد ديكور المنزل بتكلفة قليلة

GMT 07:17 2023 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

كاليفورنيا تتأهّب لمواجهة عاصفة مطرية عاتية و "وحشيّة"

GMT 07:44 2022 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مكياج كلاسيكي لعروس موسم خريف 2022

GMT 14:16 2021 الجمعة ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أبل تطلق خاصية جديدة تسمح لك بإصلاح أجهزة "آيفون" بنفسك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib