ابراهيم اليازجي ولد في بداية النهضة وعاش حتى وسطها، وأنا أقرأ له وأتابع ما كتب عنه شهود فلعلي أسهم في خدمة اللغة العربية
وأنقل عن معاصريه، بدءاً بعيسى إسكندر المعلوف:
هو ابراهيم بن ناصيف بن عبدالله بن ناصيف بن جنبلاط بن سعيد اليازجي الحمصي ولد في بيروت سنة ١٨٤٧… عرف بنظم التواريخ الشعرية وإجابة مراسليه من كبار أدباء عصره من الشام والعراق ومصر وبعض المستشرقين الاوروبيين
قال عنه إبن شقيقته الشيخ نجيب الحداد:
ورث العلوم وزادها من عنده / كالمال زيد عليه من أرباحه
أما فؤاد إفرام البستاني فقال:
ولد ابراهيم اليازجي في حي زقاق البلاط حيث نزل والده بعد رحيل الأمير بشير متنقلاً من كفرشيما. وكان ابراهيم الثامن من أولاد ناصيف والخامس من صبيانه… نشأ في جو من الأدب والفقه، تمرّن على النظم والنثر منذ ترعرعه وزاد على اللغة وقدرة على التصرف بأساليب الكلام…
وقال شبلي الشميل عنه:
كان الشيخ ابراهيم اليازجي كأبيه في ما خصّ المحافظة على اللغة، وهو إمام المنشئين العصريين الواسعين، وأول ما ظهرت مقدرته الكتابية في مناقشة احتدمت بينه وبين الشيخ أحمد فارس الشدياق، على أثر وفاة أبيه، الذي انتقد لفظة "فطحل" فدافع ابراهيم عن أبيه وردّ أحمد فارس الشدياق بكلام جارح ، فقال ابراهيم:
ليس الوقيعة من شأني فإن عرضتْ / أعرضتُ عنها بوجهٍ بالحياء ندي
إني أضنّ بعرضي أن يلم به / غيري فهل أتولى خرقه بيدي
أما عيسى ميخائيل سابا فهو يزيد على ما سبق عن ابراهيم اليازجي:
كتب أيضاً في مختلف العلوم من الكيمياء والفيزياء والفلك والفلسفة وأظهر في كل منها إطلاعاً واسعاً ونظراً ثاقباً وفهماً مصيباً
أنا كنت طالب أدب مع الأستاذ الراحل إحسان عباس، وأختار من شعر ابراهيم اليازجي الآتي:
سلام أيها العرب الكرام / وجاد ربوع قطركم الغمام
لقد ذكر الزمان لكم عهودا / مضت قدما فلم يضع الغمام
وعن مخاض الثورة العربية سنة ١٨٨١ قال:
تنبهوا واستفيقوا أيها العرب / فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب
فيم التعلل بالآمال تخدعكم / وأنتم بين راحات الفنا سلب
الله أكبر ما هذا المنام فقد / شكاكم المهد واشتاقتكم الترب
كم تُظلَمون ولستم تشتكون وكم / تُستغضبون فلا يبدو لكم غضب
ألفتم الهون حتى صار عندكم / طبعا وبعض طباع المرء مكتسب
وَمَنْ يعشْ يرَ والأيام مقبلة / يلوح للمرء في أحداثها العجب
وكتب:
دع مجلس الغيد الأوانس / وهوى لواحظها النواعس
واسلُ الكؤوس يديرها / رشأ كغصن البان مائس
ودع التنعم بالمطا / عم والمشارب والملابس
إن النعيم لمن يبيـ / ـت على بساط الذل جالس
وكتب أيضاً:
تعجب قوم من تأخر حالنا / ولا عجب في حالنا إن تأخرا
فمذ أصبحت أذنابنا وهي أرؤس / غدونا بحكم الطبع نمشي الى ورا
ووصف الساعة فقال:
ومحصيةٍ أعمارنا كلما انقضت / لنا ساعة دق لها جرس الحزن
فيا بنت هذا الدهر سرت مسيره / فهل أنت دون الناس منه على أمن
وأقول معه ومع الشريف الرضي:
ولقد مررت على ديارهم / وطلولها بيد البلى نهب
فوقفت حتى ضجّ من لغبٍ / نضوي ولجّ بعذّلي الركب
وتلفتت عيني فمذ خفيت / عنها الطلول تلفت القلب