خرجت عميرة بنت غفار (الشموس) ليلة زفافها وحولها بنات يضربن بالمعازف ويقلن:
أبدي بعمليق وقومي فاركبي / وبادري الصبح لأمر معجب
فسوف تلقين الذي لم تطلبي / وما لبكر دونه من مهرب
وقالت صبية من هذيل:
أسائل عن خالي مذ اليوم راكبا / الى الله أشكو ما تبوح الركائب
فَلَو كان قرنا يا خليلي غلبته / ولكنه لم يُلف للموت غالب
قالت إمرأة من بني تميم:
إذا هبّت الأرواح هاجت صبابة / عليّ وبرحا في فؤادي همومها
ألا ليت أن الريح ما حلّ أهلها / بصحراء فلج لا تهب جنوبها
وآلت يمينا لا تهب شمالها / ولا نكبها إلا صبا تستطيبها
وقالت إحداهن:
يا صاحب القبر يا من كان ينعم بي / عيشا ويكبر في الدنيا مواساتي
لما علمتك تهوى أن تراني في / حليّ وتهواه من ترجيع أصواتي
فمن رآني رأى حيرى مولهة / عجيبة الزي تبكي بين أموات
قالت إمرأة من العرب:
ألا قاتل الله اللوى من محلة / وقاتل دنيانا بها كيف ولّت
غنينا زمانا بالحمى ثم أصبحت / بزلق الحمى من أهله قد تخلّت
ألا ما لعين لا ترى قلل الحمى / ولا جبل الريان الا استهلّت
وقالت إمرأة من بني جديلة:
ولولا مقال القوم للقوم أسلموا / للاقت سليم يوم ذلك ناطحا
قال رجل:
أتينا الى سعد ليجمع شملنا / فشتتنا سعد فلا نحن من سعد
وهل سعد إلا صخرة بتنوفة / من الأرض لا تدعو لغيّ ولا رشد
قالت إعرابية:
إذا الريح من نحو العقيق تنسمت / تجدد لي شوق يضاعف من وجدي
إذا رحلوا بي نحو نجد وأهله / فحسبي من الدنيا رجوعي الى نجدي
وقالت أخرى:
يا من أناس بين مصر وعالج / وأبين إلا قد تركنا لهم وترا
ونحن قتلنا الأزد أزد شنوءة / فما شربوا بعدا على لذة خمرا
قالت إعرابية:
خليليّ إن حانت بمورة ميتتي / وأزمعتما أن تحفرا لي بها قبرا
ألا فاقريا مني السلام على فتى / وحرّة ليلى لا قليلا ولا نزرا
وقالت أخرى:
وبالعرضة البيضاء إذ زرت أهلها / مها مهملات ما عليهن سائس
خرجن لحب اللهو من غير ريبة / عفائف باغي اللهو منهن آيس
إذا الحرّ آذاهنّ لذن ببحرة / كما لاذ بالظل الظباء الكوانس
قالت إمرأة تزوجها رجل فحنت الى وطنها:
ألا ليت لي من وطب أمي شربة / تشاب بماء من ضبيع وأبضع
وقالت شاعرة من دمشق:
إذا فاخروا قالوا مياه غزيرة / عذاب وللظامي سلاف مورّق
وقد قال قوم جنة الخلد جلّق / وقد كذبوا في ذا المقال ومخرقوا
فما هي إلا بلدة جاهلية / بها تكسد الخيرات والفسق ينفق
قالت إمرأة الأزدي:
عين بكّى لسامة بن لؤي / حملت حتفه اليه الناقة
قالت إمرأة في مكة:
اليوم يبدو بعضه أو كله / وما بدا منه فلا أحلّه
أخثم مثل القعب باد ظله / كأن حمى خَيْبَر تملّه
وقالت إمرأة أخرى:
أيا نخلتي ثروان شئت مفارقي / حفيفكما يا ليتني لا أراكما
أيا نخلتي ثروان لا مرّ راكب / كريم من الأعراب إلا رماكما
وقالت إمرأة:
من كان يسأل عنا أين منزلنا / فالاقحوانة منا منزل قمن
وإن قصري هذا ما به وطني / لكن بمكة أمسى الأهل والوطن
وقرأت:
أيا بغداد يا أسفي عليك / متى يقضى الرجوع لنا اليك
قنعنا سالمين بكل خير / وينعم عيشنا في جانبيك