بقلم - جهاد الخازن
سنة أخرى والمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس يجذب أنظار العالم كله. أربعة أيام بدأت بخطاب لرئيس وزراء الهند نارندرا مودي أمس، وتختتم بخطاب للرئيس دونالد ترامب بعد يومين. شعار المؤتمر السنوي الثامن والأربعين هو: «خلق مستقبل مشترك في عالم منشق» (على نفسه).
أريد قبل أن أكمل أن أسأل مرة أخرى لماذا لم يحصل البروفسور كلاوس شواب، مؤسس المنتدى ورئيسه، على جائزة نوبل للسلام حتى الآن؟ لا أحد يستحق الجائزة أكثر منه. على صعيد شخصي أشكر الدكتور أدريان مونك فهو يسهل عمل الصحافيين مثلي ويساعدهم.
المؤتمر هذه السنة يضم حوالى 70 رئيس دولة و38 رئيساً لمنظمة عالمية من نوع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وألفي رئيس شركة عالمية كبرى. النساء المشاركات في المؤتمر لا يتجاوزن 12 في المئة إلا أنهن رئيسات أو مشاركات في جلسات عمل عدة.
لماذا يحضر الرئيس ترامب المؤتمر؟ هناك أسباب كثيرة أختصرها في سببين، الأول أن ترامب سيقود حملة دعاية لبرنامجه الاقتصادي الذي يقوم على تخفيض الضرائب للأثرياء مثله وللشركات الكبرى، وأركانها في المؤتمر لسماع كلمته والتصفيق لها. السبب الآخر، وأراه في الأهمية ذاتها، أن المؤتمر يجذب ميديا العالم، ودونالد ترامب يحب الأضواء وهي ستُسلّط عليه أخطأ أو أصاب. أرجّح أن يتبع وجود ترامب في دافوس وخطابه فيها مقالات في الميديا عن أخطائه في المنتجع السويسري المشهور.
طبعاً، ترامب ليس وحده من رؤساء الدول في المؤتمر فمع مودي هناك رئيس وزراء إيطاليا باولو جنتيليوني، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي التي سيكون لها اجتماع خاص مع ترامب، ورئيس البرازيل ميشال تامر اللبناني الأصل، ورئيس وزراء كندا جاستن ترودو، ورئيس اللجنة الأوروبية جان كلود يونكر، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ومفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين، وكثيرون آخرون.
مجلة «برايبارت» الالكترونية اليمينية جداً هاجمت المؤتمر الاقتصادي في دافوس سنة بعد سنة واعتبرته جامعاً للنخب اليسارية والعولمة. المجلة صمتت بعد إعلان ترامب إنه سيحضر المؤتمر وسيلقي خطاباً قرب ختامه. وقرأت أنه سيصل يرافقه أنصار يهتفون له، نسميهم في بلادنا «هتّيفة». لكن سيكون هناك أيضاً مظاهرة من أميركيين يريدون أن يعتذروا للحاضرين عن ترامب وعمله. هذه المظاهرة تنظمها الأميركية ألكسندرا دوفريزنه التي قالت إن الأميركيين خجلون مع رئاسة ترامب ويعارضون جهوده ضد السلام وحقوق الإنسان والعدالة والبيئة.
في أهمية ما سبق أن ترامب كان يستعد للسفر إلى دافوس، ويراجع الخطاب المكتوب له مع معاونيه عندما شنّ عضو مجلس الشيوخ جيف فليك، وهو جمهوري من ولاية أريزونا، حملة لاذعة على الرئيس من على منصة المجلس، وقارنه بستالين الذي قتل ملايين المواطنين الروس في فترة الرعب التي لازمت حكمه. قال فليك إن رجلاً في موقع الحكم يعطي الميديا التي لا تتفق معه صفة «أخبار كاذبة» يصبح هو موضع الشك وليس الميديا.
شهدتُ أكثر من 30 دورة سنوية للمؤتمر الاقتصادي العالمي، وكان بين أهم مواضيع النقاش السلام في الشرق الأوسط، وأذكر جلسات مع الأخ ياسر عرفات ثم محمود عباس، كما أذكر حضور الرئيس حسني مبارك وبنيامين نتانياهو (في أول مرة تولى هذا رئاسة الوزارة الإسرائيلية بين 1996 و1999)، وشاهدت بعيني وكتبت في حينه أن كثيرين من الحاضرين طلبوا توقيع الرئيس المصري على قائمة الطعام في عشاء الشرق الأوسط، ولم أرَ أحداً يطلب توقيع نتانياهو.
قضية السلام في الشرق الأوسط تراجعت كثيراً مع وجود الإرهابي نتانياهو في رئاسة الوزارة الإسرائيلية. هناك حديث عنها إلا أنه لا يرقى إلى زمن كنا جميعاً نعتقد فيه أن السلام على الناصية، أقول اليوم إن لا سلام إطلاقاً مع مجرم الحرب نتانياهو والإرهابيين حوله. عملية السلام تحتاج إلى طرفين، الطرف الإسرائيلي قُتِل مع إسحق رابين.