بقلم : جهاد الخازن
فاز الرئيس رجب طيب أردوغان بالاستفتاء على تعديلات دستورية كبرى، ونال تأييد 51.3 في المئة من أصوات الناخبين، بزيادة 1.3 مليون صوت على معارضي التعديلات.
حزب الشعب الجمهوري المعارض احتج فوراً على النتائج المعلنة، وطلب إعادة فرز الأصوات في 60 في المئة من مراكز الاقتراع. الحزب احتج على وجود عدد هائل من أوراق الاقتراع غير المرفقة بختم رسمي كما ينص القانون، ومع ذلك اللجنة العليا للتصويت قبلتها.
لا بد أن تزويراً كثيراً رافق التصويت، فالحزب الحاكم هو الذي أدار الاستفتاء، وهو كان مسيطراً على كل أقلام الاقتراع. وإذا نظرنا إلى الأناضول حيث القاعدة الأساسية لحزب العدالة والتنمية، فإن بلدات كثيرة وقرى كانت مغلقة على الذين وافقوا على التعديلات الدستورية شاءت المعارضة أو أبت.
أسجل هذا ثم أقول إن لحزب العدالة والتنمية ولرئيسه أردوغان شعبية كبيرة في تركيا، وقد فاز في الانتخابات منذ مطلع القرن الماضي عن جدارة ومن دون تزوير، ولو أجريت انتخابات برلمانية جديدة غداً لفاز بها.
ربما شجعت شعبية الرئيس وحزبه على ارتكاب الخطأ، من التعامل مع الأكراد داخل البلاد إلى العلاقات مع دول في الخارج، خصوصاً في أوروبا الغربية. أردوغان لا يستطيع أن يتهم هذه الدول بالنازية لأنها رفضت دخول وزرائه لحض الأتراك المحليين على التصويت بدعم الاستفتاء. هذه الدول ديموقراطية جداً، وهو متهم بالابتعاد عن الديموقراطية، لرغبته في إقامة سلطنة عثمانية جديدة هو يقودها.
الأتراك دُعوا إلى أسهل استفتاء في العالم. صفحتان واحدة «نعم» والأخرى «لا».
غير أن سهولة الاستفتاء لا تعكس الموافقة على نتائجه. منصب رئيس الوزراء يُلغى، وتبقى لرئيس الجمهورية قيادة حزب العدالة والتنمية وإصدار المراسيم وإقرار الموازنة وتعيين 12 قاضياً إلى 15 قاضياً في المحكمة الدستورية التي تنظر في شرعية المراسيم.
الرئيس يُنتخَب لمدة تستمر خمس سنوات وله حق طلب الرئاسة مرة ثانية. إذا أوقف مجلس النواب أو ألغى رئاسته الثانية يستطيع ترشيح نفسه من جديد ما يعني أن الرئيس قد يبقى في الحكم أربع سنوات من أصل خمس في ولايته الثانية ثم تُلغى ويحصل على خمس سنوات أخرى، أي 14 سنة في الحكم. وهذا من دون أن أذكّر القارئ بأن أردوغان يستطيع أن يبقى في الحكم حتى سنة 2029 من دون احتيال على القانون.
أتمنى لو أن الاستفتاء يتبعه عفو عام، فمنذ محاولة الانقلاب الفاشل في 15/7/2016 صودرت مئات الشركات واعتقل رؤساؤها، وبعضهم يُحاكم بتهمة الولاء للداعية فتح الله غولن. حالة الطوارئ التالية لمحاولة الإنقلاب أضرّت بالاقتصاد والليرة التركية هبطت من 2.8 للدولار في مطلع هذا العام إلى 3.8 الآن، والتضخم زاد 11 في المئة والبطالة في حدود 12 في المئة.
مع كل ما سبق طُرِد من العمل أو أوقف عن العمل 130 ألف موظف حكومي، وطُرِد 40 ألف مدرس، واعتقل أكثر من ثمانية آلاف ضابط في الجيش وثمانية آلاف ضابط شرطة، وطُرِد أربعة آلاف قاض من العمل، وأغلقت 1200 مدرسة و15 جامعة و50 مستشفى... والسبب دائماً العلاقة بغولن.
السنة الماضية كانت تركيا أكثر بلد يعتقل صحافيين، فمنظمة العفو الدولية تقول إن 120 صحافياً تركياً سُجنوا سنة 2016، وبينهم 11 صحافياً من جريدة «جمهوريت» التي سلط أردوغان غضبه عليها.
كل ما سبق أردوغان مسؤول عنه، وكله يزول بعفو عام وفتح صفحة جديدة مع الأتراك جميعاً.