بقلم ـ جهاد الخازن
إرهابي من أوزبكستان يقيم في نيويورك استأجر سيارة شحن، وخلال ساعة أو نحوها قتل 8 أشخاص وجرح 12 آخرين بعد أن اقتحم بالشاحنة ممراً للدراجات الهوائية في جنوب مانهاتن. الشرطة اعتقلته بعد أن أصابه رصاصها في بطنه.
القتلى كانوا خمسة أصدقاء من الأرجنتين يحتفلون بمرور 30 سنة على تخرجهم في الجامعة معاً، ورجلاً دنماركياً وأميركيين اثنين.
الإرهابي قتل الناس باسم الدولة الإسلامية المزعومة. لا هي دولة ولا هي إسلامية، بل عصابة جريمة في تراجع مستمر أمام تحالف غير معلن ضدها من سورية والعراق إلى ليبيا واليمن وغيرها.
الضحايا في نيويورك أبرياء جداً. هم مدنيون لكل منهم حياته الخاصة وأسرته وعمله. هم لم يقترفوا أي ذنب بحق العرب والمسلمين، ومع ذلك فالإرهابي من أوزبكستان قتلهم وهو يصرخ «الله أكبر»، كما قال الشهود. ليس في القرآن الكريم شيء يقول له أن يقتل الأبرياء.
خلال 24 ساعة تلت الجريمة في نيويورك، اعتقلت شرطة مكافحة الإرهاب في إنكلترا ولدين كل منهما في الرابعة عشرة بتهمة أنهما خططا لعمل إرهابي. كيف يمكن مراهقاً أن يفكر في الإرهاب؟ عندما كنت وأصدقائي في بيروت مراهقِين كنا بدأنا ندرك وجود بنات في المدرسة والمدارس المجاورة، من دون أن ننسى فلسطين ودولة الجريمة إسرائيل وبقايا الاستعمار الغربي في بلادنا.
في سورية الإرهابُ يلفظ أنفاسه الأخيرة، من دون أن يعني كلامي أنه انتهى، فهو قادر على تنظيم عمليات انتحارية يُقتل فيها ناس أبرياء، كما حدث في نيويورك. أقرأ أن 35 قرية مسيحية في وادي الخابور يسكنها حوالى 20 ألفاً من المسيحيين الآشوريين هُجِّرت أو دُمِّرت. الإرهاب الذي قتل المسلمين لن يتردد في قتل مسيحي أو يهودي. المسيحيون في بلاد المسلمين قوم مستأمَنون، والقرآن الكريم يقول عن مريم وعيسى ما لا يقوله العهد الجديد الذي كتبه تلاميذ المسيح خلال سنوات قليلة من غيابه.
ربما كنت أبالغ، لكن رأيي الشخصي، وهو قابل للخطأ، يقول إننا إما أن نقضي على الإرهاب وإما أن يقضي علينا. نحن تابعنا ما فعل الإرهابيون في مصر قبل أيام عندما راح ضحيتَهم عددٌ من رجال الشرطة والأمن. هم لا يزالون موجودين في شمال سيناء حتى غرب مصر على الحدود قرب ليبيا.
هل رأى القارئ صور الرقّة بعد تحريرها من الإرهابيين؟ هم قتلوا المواطنين فيها وتركوا الدمار في كل مكان. هل تستطيع الدولة السورية إعادة بنائها؟ هل تستطيع إعادة بناء ما دُمِّر من حلب وريف دمشق وحمص وحماة وإدلب وقراها؟ الغارات الجوية الروسية في محافظة إدلب تقتل من المدنيين أضعاف ما تقتل من الإرهابيين إلا أنها مستمرة، على رغم الخسائر في أرواح المواطنين الأبرياء. في المقابل، سرّني كثيراً أن أقرأ أن مجلس الأمن نوّه بإجراءات التحالف لحماية الأطفال في اليمن، وإعلانُ المدارس الآمنة أقرّته حكومة اليمن قبل بدء مجلس الأمن مناقشة موضوع «الأطفال والنزاع المسلح».
طبعاً التحالف العربي في اليمن يتعرض يوماً بعد يوم لتهم كاذبة يلفقها الحوثيون، وآخر ما قرأت كان عن قصف سوق في صعدة وموت 26 يمنياً. التحالف أعلن أنه سيحقق في التهمة وسيعلن نتائج التحقيق فور انتهائه.
التحالف يحقق، لكن الروس يقتلون مدنيين في سورية ولا يسمعون التهم الموجهة إليهم، أو يسمعونها ويرفضونها.
في النهاية لا يصح إلا الصحيح، فأرجو أن نرى جميعاً نهاية للاحتلال الإسرائيلي وجرائمه. دولنا العربية قد لا تكون من نوع ديموقراطية أثينية، إلا أن دول الخليج ومصر تعمل لمصلحة شعوبها، وسنرى النتائج الطيبة رأي العين.