بقلم - جهاد الخازن
المفكر اللبناني- الأميركي جيمس زغبي ذكرني بكتاب قديم له هو «الفلسطينيون: الضحايا غير المرئيين»، الصادر قبل أربعة عقود، الذي يسجل مأساة قيام إسرائيل في أرض فلسطين سنة 1948 (سبعون سنة من الاحتلال) وهجرة حوالى 700 ألف فلسطيني الى ديار اللجوء العربية المجاورة.
أسجل مرة أخرى في هذه الزاوية أن فلسطين للفلسطينيين، وأن الصهيونيين الذين اجتمعوا في بازل بسويسرا وغيرها غزاة لا تاريخ يؤيد مزاعمهم التوراتية. كنت رجوت مرة أن تؤدي عملية السلام في أوسلو الى قيام دولة فلسطينية مستقلة في 22 في المئة فقط من أرض فلسطين، إلا أن اليمين الإسرائيلي المتطرف قتل اسحق رابين وضاع السلام وعشنا لنرى الإرهابي بنيامين نتانياهو رئيس وزراء إسرائيل ومعه مجرمو حرب مثله أو أسوأ إذا كان هذا ممكناً.
الولايات المتحدة انتصرت لإسرائيل عقداً بعد عقد وعشنا لنرى دونالد ترامب في البيت الأبيض ومواقف أميركية، هي في الواقع مواقف إسرائيلية متطرفة؛ فالرئيس الأميركي يعتبر الإرهابي نتانياهو حليفه، ويؤيده بالمال والسلاح لقتل الفلسطينيين حتى داخل قطاع غزة.
إسرائيل احتفلت بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب الى القدس، وكان أكثر الضيوف من الخارج أميركيين من اليهود مثل جاريد كوشنر الذي اختاره دونالد ترامب مبعوثاً للسلام وأسرته تؤيد المستوطنين وتغدق عليهم المال. هل كان الاحتفال في القدس لنقل السفارة أو أنه أيضاً لقتل الفلسطينيين في بلادهم؟ في قطاع غزة قتِل أكثر من 120 فلسطينياً وجرِح ألوف آخرون، وسفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، وهي هندية الأصل لأبوين هنديين هاجرا الى أميركا، قالت في مجلس الأمن إن إسرائيل كانت متحفظة في تعاملها مع المتظاهرين الفلسطينيين. إسرائيل قتلت وجرحت ألوفاً من الفلسطينيين وهيلي ترى أنها متحفظة. لا يوجد ستة ملايين فلسطيني لقتلهم كما قتل النازيون اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، فهل ننتظر مجزرة للفلسطينيين من نوع المحرقة النازية إذا توافرت أعداد كافية منهم للقتل؟
اليوم، المستوطنون وأنصارهم يدخلون الحرم الشريف ويزعمون أنه مكان وجود معبد لهم، لعله الأول أو الثاني مع ترجيحي أنهم يتكلمون عن الثالث.
رأيت والقراء جميعاً صورة للسفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، وهو يهودي صهيوني متطرف، يضحك ويبتسم وهو واقف أمام مجسّم للقدس يظهر فيه المعبد الثالث مكان الحرم الشريف. المعبد لم يوجد أصلاً، وإسرائيل حفرت تحت الحرم وقبة الصخرة ولم تجد شيئاً من المزاعم الإسرائيلية التي كتبت في التوراة بعد حوالى ألف سنة من تاريخ وقوعها المزعوم. ليس في أرض فلسطين آثار يهودية، وإنما هناك مقابر فقد أقام يهود في بلادنا، إلا أنه لم تكن لهم دولة إطلاقاً، فبعد حكم الإغريق ثم الرومان احتل العرب المنطقة وكانت لهم أصلاً لأن الغساسنة حكموا المنطقة بما فيها القدس وآثارهم موجودة، والشاعر النابغة الذبياني زارهم وله فيهم قصائد أكتفي منها ببيت واحد من الشعر هو:
محلتهم بيت الإله ودينهم / قويم فلا يرجون إلا النوائب
القصيدة هذه تتحدث عن عيد الفصح عند المسيحيين العرب من تلك الأيام، قبل الإسلام، فما هي الآثار اليهودية التي تقابل هذا الوجود العربي وتاريخه المسجل الذي لا يمكن إنكاره؟ لا شيء منها في بلادنا.
أذكّر القارئ بشيء أراه مهماً هو أن إسرائيل فرضت ضرائب على الكنائس المسيحية في القدس، خلال ربيع هذه السنة. وثارت احتجاجات عربية واسعة وتظاهر ألوف العرب ومعهم حجاج أجانب خارج كنيسة القيامة. أخيراً رضخت السلطات الإسرائيلية لإضراب الكنائس والحجاج وألغت الضرائب، وكان أن ألوف الناس من أهل القدس والحجاج تظاهروا فرحاً في تحدٍ واضح لسلطات الاحتلال.
الخليفة عمر بن الخطاب سلّم مفتاح كنيسة القيامة لصحابي مرافق وأمره أن يفتح الكنيسة في الصباح ويغلقها في المساء. المفتاح الآن في يدي وجيه نسيبة، المسلم السنّي الفلسطيني، وهو فتح الكنيسة فتدفق المصلّون الى الداخل والفرح يغمر الجميع.
إسرائيل إشاعة. فلسطين حقيقة. دونالد ترامب يؤيد الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين ضدنا.