المهدي المنتصر

المهدي المنتصر

المغرب اليوم -

المهدي المنتصر

بقلم : عبده حقي

مما لا شك فيه وهذه شهادة لله وللتاريخ أن أذني إلتقطت إسم الشهيد المناضل المهدي بنبركة أواسط الستينات وكنت وقتئذ طفلا صغيرا في سنتي الأولى من التعليم الإبتدائي .. لاأذكر بالتحديد في ذلك العمر أين ومتى حدث ذلك بالضبط وهل كان خبرا جرى باقتضاب بين أفراد العائلة أم عند حانوت الخياط التقليدي في رأس الدرب الذي كنت أساعده بضفر البرشمان أيام العطل ، أم عند حلاق الحومة ، كل ما أذكره على بعد مايناهز خمسين سنة خلت هو همس وكلام خفيض يروج عن رجل سياسي وطني عظيم وزعيم إسمه (بنبركة) إغتالته أيادي المكروالخيانة ولم يكن رأسه هو المطلوب بحمولة شغبه السياسي وأفكاره الثورية بل كان المطلوب أساسا هو حلم المشروع النهضوي العالم ثالثي التواق إلى إستقلال حقيقي وليس إستقلال وهمي ...
ومنذ تلك اللحظة الملتبسة التي إلتقطت فيها أذني إسم (بنبركة) مكثت صورة الرجل ــ وأي رجل ــ غامضة ومعلقة بدمائها وآخر زفراتها في جهة ما من الذاكرة والقلب إلى أن ساقني سبيل الثقافة وبدايات الكتابة وعلاقتهما الجدلية بالوجع السياسي المغربي في سبعينات القرن الماضي إلى تمثل بروفايل كاريزمي للفقيد من خلال بعض المقالات المنفلتة من تحت مجهر الرقيب هنا وهناك ، وأحاديث الأصدقاء السرية والإحتفاءات السنوية على صفحات جريدتي المحرروالإتحاد الإشتراكي لتخليد ذكرى الإختطاف المشؤوم في 29 أكتوبر من كل سنة ، مما جعل الصورة تكبر أكثر فأكثر لتصير ليس بحجم المغرب أو العالم العربي فحسب وإنما بحجم العالم الثالث من كوبا غربا حتى الفيتنام شرقا ومن شمال إفريقيا حتى بريتوريا جنوبا ، العالم الثالث الحالم بالتحرر بزعامة بنبركة وغيفارا وماوتسيتونغ وغيرهم...
لم يكن إغتيال الشهيد المهدي بنبركة جريمة عادية كما كنت تمثلتها في طفولتي على غرار عشرات جرائم القتل والسيبة التي كانت تقع في مدينة مكناس غذاة فوضى الفراغ التي أعقبت الإستقلال وغياب شبه تام لمؤسسات الدولة بل كانت جريمة في حق مشروع سياسي مغربي وعربي وإفريقي وعالم ثالثي كبير وطموح لم يتحقق إلى اليوم ولن يدركه هذا الربيع العربي الملغوم ...
وأعتقد أنه لو كان المهدي بنبركة رحمه الله حيا يرزق اليوم لكان المشهد السياسي والحزبي بالمغرب على درجة متقدمة جدا على مستوى المؤسسات والممارسة الديموقراطية الحقيقية وليس على هذه الدرجة الدنيئة من اللهاث المسعور خلف الحقائب الوزارية أو الكراسي البرلمانية الوثيرة ...

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المهدي المنتصر المهدي المنتصر



GMT 15:00 2020 الثلاثاء ,26 أيار / مايو

مستقبل العالم بعد فيروس كورونا؟

GMT 08:45 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا غير الويب في مهنة المتاعب ؟

GMT 04:55 2017 الأحد ,11 حزيران / يونيو

بداية الحكاية

GMT 05:13 2017 الخميس ,08 حزيران / يونيو

عودة الروح لابن عربي

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 03:01 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدفاع الجديدي يهزم حسنية أكادير

GMT 17:39 2024 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

إنستغرام تطلق تحسينات كبيرة على قنوات البث

GMT 03:53 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

فئات الرجاء البيضاوي العمرية تعيش وضعية مزرية

GMT 05:47 2019 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

الملكية البرلمانية

GMT 05:37 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل الفنادق في فيينا ذات القيمة الجيدة

GMT 07:40 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

إلينا سانكو تفوز بلقب "ملكة جمال روسيا" لعام 2019

GMT 04:53 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

مواطن عراقي يُغرّم شرطة المرور في أربيل 30 ألف دينار

GMT 11:35 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

فنانات سرقن أزواج زميلاتهن بعد توقيعهم في "شِبال الحب"

GMT 08:41 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

إليك أجمل التصاميم لطاولات غرف المعيشة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib