بقلم - هناء حمزة
عندما كنّا نتحلق حول النار لنغني كان عمر من القلائل الذين يجيدون اللحن فهو عازف بيانو منذ نعومة أظافره في شوارع طرابلس .. فمن منا نحن أبناء منطقة مار مارون وجيل الحرب من لا يعرف عمر ووليد .. عمر بنظاراته وجسمه النحيل ونوتات البيانو على ورق أبيض تحت إبطه ووليد شقيقه الشقي المرح .. لم يكنا يفترقان مع ان قليل من الصفات كانت تجمعهما الا انهما كانا ولاد حرفوش الساكنين بين مركز المخبارات السورية وكنيسة مار مارون بعز ايّام المخابرات السورية في طرابلس وعز ايّام كنيسة مار مارون حبيبتنا جميعا .. سنة ومسيحيون .. كنّا جيل يخشى حتى المرور من امام مركز المخابرات ويعشق المرور من امام الكنيسة .. أتذكرون .. هنا في الكنيسة كنّا نجتمع من وقت الى اخر نحن كشافة لبنان فرع مارمارون بهم كشافة لبنان فرع مدرسة الفرير .. ونغني معا وننشد الأناشيد الكشفية معا ..ولا أنسى عمر بقميص الجوالة النبيذي اللون ونظاراته الطبية وجسمه النحيل وهو يغني صح .. ينشد صح بعكسي تماما .. دعاني يوما الى بيته لا اذكر المناسبة ولكن اذكر انني زرته وشقيقه وكنت اسكن في الحي المقابل له ويومها سألتني أمه عن علاقتي ببيت المرعبي لاكتشف يومها ان عمر ووليد حرافشة من عكار أيضا .. اذا عمر هو سني مار ماروني طرابلسي عكاري عازف بيانو وكشفي ابن مدرسة الفرير وصديق لوسيم عيسى وزاهر مرعبي ..اذا عمر هو لاعب بيانو في زمن الحرب .. حساس حتى العظم .. عاطفي حتى النخاع .. اذكره وهو لا يستطيع حتى ان يقسو على مفاتيح البيانو في الرابطة الثقافية حيث يلعب نخبة طلاب معهد الموسيقى في حفل سنوي كنّت اثابر على حضوره ليس حبا بالموسيقى بل حبا بمقر الرابطة الثقافية ورغبة في المشاركة بكل نشاطاتها .. لم يغب عمر عن بالي رغم انه غاب فجاة عن طرابلس .. هاجر في زمن هجرنا به تقريبا كلنا المدينة الحبيبة .. الى بيروت للعلم او الى خارج لبنان غالبا في منحة دراسية طمعا بمستقبل أفضل .. نحن هذا الجيل لا يمكن ان يفرقنا العالم لو فرقنا وجودنا شتاتا في أرجائه .. ما يجمعنا هو روح طرابلس يومها.. وروح طرابلس يومها كانت جسدا سنيا بنفسا مسيحيا وكنا هكذا ننبذ الحرب الأهلية .. نحقد عليها ونحلم بلبنان على غرارنا منفتح على نفسه عاشق للحياة وحالم بالدولة .. افترقنا افترقنا جميعا كل في زاوية من هذا العالم ليجمعنا بعد سنوات طويلة الفايسبوك ويدل كل
منا على كل منهم.. حتى كان اصبح عمر ومن ثم وليد على لائحة الأصدقاء على الفايسبوك .. تغير كثيرا ولَم يتغير أبدا .. تظهر فجاة صورة له في بيته في باريس او في عمله او بين نساء جميلات او مع شقيقه او قرب البيانو او بين الكتب .. هذا هو عمر .. عمر هو عمر . اسمع عنه انه اصبح رجل اعمال ناجح جدا وثري جدا .. افرح له فرحي لمدينتي بنجاح ابن منها اعرف تماما ماذايشعر تجاهها .. بعض الليكات من وقت لآخر على بوستات ينشرها عمر على صفحته تشعرني انه مازال يرتدي ذلك القميص النبيذي ويدندن نشيد الكشافة ويبتسم من خلف زجاجات العوينات .. لم يتغير رغم ان السنين غيرته .. غيرتنا .. أصبحنا اكثر حساسية وأكثر تعلقا بالماضي وأكثر عشقا لطرابلسنا ... يزور عمر طرابلس وشكا وعكار بعيون قادرة ان تطير فرحا وعشقا وحنانا لكل زاوية .. تزوره أمه في باريس وينشر عمر صورة واحدة تجعلك تشعر ان طرابلس هناك تتربع على عرش قلب عمر في باريس .. عمر هو عمر لم يتغير كنت أقول لنفسي كل ما لمحت عيني بوستا لعمر على صفحته .. الىى أمس عندما قرأت ما كتبته بعض وسائل الاعلام اللبنانية عنه
اضحكني إعلام لبنان .. عمر مسشار لوبن ووووووو.. شيء من الخيال وشيء من وكيبيديا وبعض البهار اللبناني الإعلامي .. اسالوا طرابلس عن عمر حرفوش اسالوا عكار عن الحرافشة اسالوا بحر شكا عن عمر اسالوا مار مارون .. اسالوا الرابطة الثقافية اسالوا جيلي .. جيلنا يخبركم ان عمر هو عمر مهما كبر مهما اغتنى مهما نجح مهما وصل ومهما كان من استشاره في عمله او سياسته او فنه.. ارتاحوا وانظروا خلف نظارات عمر تجدون تلك العيون العاشقة لطرابلسنا والحالمة بعالم جميل كنوتات الموسيقى .. اطمئنوا واسالوا طرابلس عن عمر حرفوش.. او فقط اسمعوه يسقط احساسه علىً تلك المفاتيح البيضاء والسوداء لتعرفوا ان ان تغيرت طرابلس وتغير لبنان وتغير الاعلام في لبنان و يبقى عمر هو عمر.