التعددية سلاح ذو حدين عربيا
وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023 إغلاق سفارات الولايات المتحدة وإيطاليا واليونان في أوكرانيا خوفاً من غارة روسية منظمة الصحة العالمية تُؤكد أن 13 % من جميع المستشفيات في لبنان توقفت عملياتها أو تقلصت خدماتهاالطبية في القطاع الصحة في غزة تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي أعدم أكثر من 1000 عامل من الكوادر الطبية في القطاع عطل فنى يُؤخر رحلات شركة الخطوط الجوية البريطانية في أنحاء أوروبا وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3544 شهيداً و 15036 مصاباً منذ بداية العدوان الإسرائيلي على البلاد
أخر الأخبار

التعددية سلاح ذو حدين عربيا

المغرب اليوم -

التعددية سلاح ذو حدين عربيا

نقولا ناصر

التعددية في سياقها العربي سلاح ذو حدين، فهي كما تسوّقها الولايات المتحدة الأميركية اليوم وكما سوقتها سابقاتها من القوى الاستعمارية الغربية وبخاصة الأوروبية الطامعة في الوطن العربي أداة لتجزئته وتفتيت كياناته القطرية القائمة ومنع وحدتها الوطنية والقومية باسم ديموقراطية تشجع انسلاخ وانفصال مكونات التنوع الغني المتعدد في المجتمع العربي.

أما إقليميا، فقد كان "التتريك" في أواخر حياة "الخلافة" العثمانية التي ما زال أداء سلاطينها لفريضة الحج إلى مكة المكرمة أو عدم أدائها بحاجة إلى توثيق تاريخي، ثم زرع الكيان الصهيوني في المفصل الفلسطيني الاستراتيجي بين شرقي الوطن العربي وبين مغربه، مقدمة موضوعية أولا لتمزيق الهوية العربية الإسلامية ودق الأسافين بين قوامها الديموغرافي العربي وبين روحها الإسلامية الرسالية تمهيدا للصراع الراهن بين العروبة السياسية وبين الإسلام السياسي، وثانيا مقدمة لرسم خريطة "شرق أوسط جديد" لا تكون فيه الأكثرية العربية ديموغرافيا هي السائدة سياسيا من أجل إقامة نظام إقليمي على أساس غير عربي يستوعب الكيان الصهيوني الدخيل.

وقد تحققت السابقة التاريخية للتقسيم في فلسطين حيث قسمها الاستعمار الأوروبي مدعوما بالولايات المتحدة على أساس تعددية الثنائية العربية – اليهودية إلى دولتين ما زالت إقامة العربية منهما، أي دولة فلسطين، في علم الغيب.

والتعددية لها علاقة وثيقة، سلبا أم أيجابا،  بالمشروع القومي لوحدة الأمة العربية، وهي الأمة الوحيدة الكبرى التي ما زالت غير موحدة في العالم، لكن هذا المشروع لم يعطها ما تستحقه من اهتمام لا في النظرية ولا في أبحاثه ولا تجارب حكمه القطرية التي تبنت هذا المشروع سياسيا.

لكنها في سياقها التاريخي العربي منذ وحّد الإسلام العرب لأول مرة في دولة واحدة تراث قومي غني يمكن استلهامه وتطويره لتعزيز وحدة الأمة ثقافيا وترسيخ هويتها العربية الإسلامية، التي تتعرض اليوم للطمس، تمهيدا لوحدتها السياسية التي كان الحكم الشمولي القائم على إقصاء كل التعدديات المعارضة له من الأسباب الرئيسية لفشل التجارب والمشاريع التي أعلنت تبنيها لمشروع الوحدة العربية في القرن العشرين المنصرم.

لذلك فإن للتعددية أيضا علاقة وثيقة بالديموقراطية، وهذه الأخيرة لها علاقة وثيقة كذلك بنجاح المشروع الوحدوي العربي أو فشله، غير أن التيارات السياسية الرئيسية للإسلام السياسي التي تعيش حالة مدّ منذ فترة وحتى الآن على أنقاض اسلافها من التيارات "العروبية" و"اليسارية" ترفض التعددية والديموقراطية كلتيهما بحجة شبهة تسويق "الغرب" لهما، بقدر ما تحاربهما الأنظمة العربية الحاكمة اليوم، لأن هذه التيارات والأنظمة معا التي تبدو متصارعة يوحدها "الخطر" الذي تراه يهددها في التعددية والديموقراطية وأي وحدة عربية تقوم على أساسهما.

غير أن هؤلاء، ومثلهم دعاة توحيد الأمة عن طريق القوة،  يجدون مسوغات لهم في عدد من المفارقات.

ومنها مفارقة أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية واتحادها ومثلهما الاتحاد الروسي، وغيرهم ممن يسوقون للتعددية والديموقراطية في الوطن العربي، ما كانت لتتوحد أو لتستمر موحدة بالاعتماد على التعايش والتوافق الديموقراطي للتعدديات فيها، فمن دون الثورة المسلحة على الاستعمار الأوروبي والحرب الأهلية واستخدام القوة القاهرة ما كانت القوة العظمى الأميركية على ما هي عليه اليوم، ومثلها القوى العظمى الروسية والصينية والأوروبية، بينما قاد طريق المهاتما غاندي الديموقراطي والسلمي إلى تقسيم شبه القارة الهندية وإلى الحروب التالية بين اجزائها حد اللجوء إلى التسلح النووي في الصراع بينها.

ومنها أيضا مفارقة أن الولايات المتحدة بخاصة التي تسوق للتقسيم في الوطن العربي بحجة الحق الديموقراطي في الانفصال للتعدديات فيه لا تسمح بالحق ذاته للتعدديات فيها حدّ أن تنكر على الأقلية الكبرى للأميركيين من أصول لاتينية فيها مطلبها باعتماد اللغة الاسبانية لغة رسمية، وحدّ فرض عقوبات دستورية وقانونية على التمييز أو التميّز على أساس العرق أو الجنس أو الديانة أو غير ذلك، بينما تحرض على الاعتراف الرسمي بالأقليات ولغاتها وثقافاتها في الوطن العربي، وتفرض ب"القوة الناعمة" على الحكومات فيه، على سبيل المثال، تخصيص حصص "كوتات" للمرأة في المؤسسات التنفيذية والتشريعية والقضائية بينما لا تجيز أي حصص كهذه للمرأة الأميركية.

فالولايات المتحدة وأوروبا تمارس الديموقراطية الليبرالية وترفض الديموقراطية التعددية في الداخل لكنها في الوطن العربي تسوق لكلتيهما وللتعددية العرقية والدينية والطائفية والمذهبية واللغوية وحتى القبلية كوسيلة لتجزئة الأرض وتفتيت المجتمع وتفكيك الكيانات السياسية لمنع توحيد فضاء جيوسياسي يوحد التاريخ والديانة واللغة والمصالح المشتركة الأكثرية العربية فيه على الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط لأنهم يرون في أي وحدة كهذه خطرا يهدد بتكرار الفتوحات العربية والإسلامية في الضفة الشمالية له حيث القوميات واللغات والمصالح متصارعة صراعا قاد إلى حربين عالميتين خلال أقل من خمسين سنة في القرن العشرين الماضي.

وفي هذا السياق يلفت النظر أن النظام السياسي الذي اقامه الاحتلال الأميركي للعراق بعد غزوه عام 2003 على حطام نظام كان يقوم على أساس المواطنة والرابطة الوطنية ذات البعد العروبي هو نظام نقيض للأنموذج السياسي الأميركي في الداخل، فالمحاصصة "الدستورية" العرقية والدينية والطائفية والمذهبية والجهوية والقبلية للنظام المنبثق عن الاحتلال الأميركي محظور دستوريا وقانونيا في الولايات المتحدة.

ومن المفارقات كذلك أنه بينما كان الدين الإسلامي يبيح التعددية المذهبية منذ ما يزيد على أربعة عشر قرنا من الزمن ويرسخ التعددية الدينية في كتابه المقدس، القرآن الكريم، التي حافظت على "أهل الكتاب" وغيرهم من غير أهل الكتاب أقليات تمارس حريتها في العبادة في الدول العربية والإسلامية التي انبثقت عنها - - بغض النظر عن الجدل المعاصر حول المواطنة والرعيّة والجزية وأهل الذمة وغير ذلك من الجدل الذي يحكم على "الامبراطوريات" العربية والإسلامية بمقاييس وقيم العالم المعاصر متجاهلا تجاهلا مقصودا مقارنتها بالامبراطوريات الغربية والشرقية التي عاصرتها – - كانت محاكم التفتيش الكاثوليكية تطرد اليهود من أوروبا إلى أحضان التعددية العربية الإسلامية وتطرد "البروتستانت" الأوروبيين إلى "العالم الجديد" خصوصا في أميركا الشمالية حيث يمثلون الأكثرية فيها اليوم.

ومنها مفارقة أن الاستعمار الأوروبي المباشر للوطن العربي الذي أسس للتجزئة القطرية الراهنة فيه لم يعتمد الديموقراطية التعددية أساسا للكيانات السياسية التي أنشاتها اتفاقية سايكس – بيكو بل دافع عن غياب أي مظهر ديموقراطي فيها حفاظا على مصالحه وعندما انهار الاستعمار الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية لم تتخل وريثته الأميركية عن نهجه حتى بدأت حملتها ل"تغيير الأنظمة" وإنشاء نظام إقليمي جديد بالقوة المسلحة بدءا من غزو العراق إذ بدأت بعدها في التسويق للتعددية والديموقراطية بصورة انتقائية استثنت الدول العربية التي تدور في فلكها الاستراتيجي والمتصالحة أو المهادنة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، في الأقل إلى حين.

لكن بالرغم من كل ما تقدم وغيره فإن الوطن العربي يعيش حالة التعدد المتكامل كجزء لا يتجزأ من تاريخه وكيانه وبنيته الأصيلة وليس كحالة طارئة على خريطته الجغرافية والمجتمعية، وكجزء من عقيدته الدينية وثقافته الإنسانية، "ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم" (سورة الروم آية 32)، "ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة" (المائدة 48)، و"يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم" (الحجرات 13)، إلخ.

إن التيارات الإقصائية في الإسلام السياسي والتيارات القومية المماثلة تتجاهل حقائق التعددية في التاريخ العربي التي جعلت، على سبيل المثال، ثلاثة من الأئمة الذين تتبعهم مذهبيا أغلبية من المؤمنين العرب لم يكونوا من العرب (أبو حنيفة والشافعي ومالك) وكان الإمام أحمد بن حنبل هو العربي الوحيد بين أئمة المذاهب الأربعة الرئيسية، وجعلت أصحاب الصحاح الكبار (ومنهم البخاري والترمذي) من غير العرب باستثناء مسلم بن الحجاج، وجعلت صلاح الدين الأيوبي الكردي من أعلام التاريخ العربي إلى جانب خالد بن الوليد العربي، وقس على ذلك أمثلة لا عدّ لها في تاريخ العرب القديم والحديث.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التعددية سلاح ذو حدين عربيا التعددية سلاح ذو حدين عربيا



GMT 18:56 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تحت البحر

GMT 18:53 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 18:50 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

لا سامح الله من أغلق ملفات الفساد

GMT 18:47 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

انتصرنا!

GMT 18:46 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكر السياسي سيرورات لا مجرّد نقائض

GMT 18:41 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

«إنت بتفهم في السياسة أكتر من الخواجه؟!»

GMT 18:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس ترمب؟!

GMT 18:36 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

المواصلات العامة (3)

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 07:39 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
المغرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 08:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
المغرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 20:49 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

دراسة حديثة تبيّن تهديد أمراض السمنة المفرطة لكوكب الأرض

GMT 02:25 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

مديرة صندوق النقد أسعار السلع المرتفعة ستستمر لفترة

GMT 16:15 2023 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي نصير مزراوي يواصل الغياب عن "بايرن ميونخ"

GMT 04:58 2023 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

وقوع زلزال بقوة 5.3 درجة على مقياس ريختر جنوب غرب إيران

GMT 10:06 2023 الثلاثاء ,27 حزيران / يونيو

المغرب يسعى لاستيراد ما يصل إلى 2.5 مليون طن من القمح
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib