بقلم - أسامة الرنتيسي
منذ سنوات؛ والأردنيون يشدون الأحزمة انصياعا لسياسات اقتصادية تعلن أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها الموازنة العامة للدولة تحتاج الى تلاحم ومساندة الجميع، حتى تمر الأزمة الضاغطة على عصب الدولة، لكن بالنتائج، كلما تم الضغط على حياة المواطنين المعيشية، كلما زادت مديونية الدولة العامة، ولم تهبط أو تتجمد مكانها يوما، …شي لا يمكن تفسيره وفهمه.
يضع الأردنيون أيديهم على قلوبهم من قرارات حكومية مرتقبة تتعلق بحياتهم المعيشية، تجرأت حكومات سابقة على ارتكاب بعض معاصيها، وكانت جرأة حكومة عبدالله النسور أكثرها إيلاما، إلا أنها دفعت الثمن، وغادرت الدوار الرابع من دون أن يتأسف عليها أحد، وها هي حكومة هاني الملقي تدور في الفلك نفسه، وتتحدث الخطاب ذاته، وتقطع يدها وتشحد عليها، وتتهيأ لاتخاذ القرارات نفسها، ولم تتعلم الدرس.
إذا طلب من الأردنيين أن يتفهموا أوضاع المالية العامة للدولة، فعلى الدولة، بحكومتها وأجهزتها المختلفة، أن يفهموا رسالة الأردنيين الواضحة، وهي باختصار، لن ندفع فواتير الفساد مرتين، وعلى الفاسدين أن يقلّعوا شوكهم بأيديهم.
ليس هناك ما يغضب الأردنيين جماعات وأفراداً، أكثر من ظواهر الفساد المرتبطة بعناوين معروفة جيداً لشركات استثمارية، ومصالح احتكارية واقتصادية واسعة وشخصيات رفيعة المستوى، اغتنت فجأة، حيث يؤشر الإجماع الوطني إلى 25 شخصية متهمين بممارسة الفساد، ونهب خيرات البلاد، فلما لا تتوجه السهام إلى هؤلاء، بدلا من جيوب الغلابى؟.
لا نريد اغتيال أحد ولا إعدامه، فقط نريد للقانون ان يأخذ مداه، ويقطع يد كل فاسد، أوصل البلاد الى هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة، حتى تكون رسالة واضحة للجميع، خاصة الذين في أعينهم رمد، وما زالوا يتوهمون أن منظومة الفساد محمية.
لا أحد ينكر حجم الارتياح الشعبي العام لاستجابة الحكومات والجهات المعنية للمطالب الشعبية بالكشف عن ملفات الفساد ومحاسبة المسؤولين، الذي سيريح أكثر ويسجل هدفا مباشرا في أجندة الإصلاح الشامل عندما تكون هذه المحاسبة علنية أمام الجميع من خلال وسائل الإعلام بكافة أطيافها.
سيتعزز يقين الأغلبية الساحقة أن معركة مواجهة الفساد قد انطلقت فعلا، عندما تأخذ هذه السياسة مجراها، وتعتمد استراتيجية ثابتة في برامج عمل الدولة وليس الحكومة، وأن لا تقتصر على إثارة زوابع في وجه المطالب الشعبية حتى تهدأ، او تقديم ضحايا من الوزن الثقيل أمام الرأي العام، لأننا تعبنا من الحديث عن الفساد، ولا نرى فاسدين خلف القضبان.
يجب أن نتذكر أن النجاح لن يكتب لمكافحة الفساد إلا إذا كانت مع الدعم السياسي الجدي، ولا بد أن تكون جهود مكافحة الفساد، بعيدة عن التشهير والتسقيط والتسييس.
تعب الأردنيون من سماع حديث متواصل عن الفساد ومكافحته، لكنهم لم يجدوا ملفا واحدا تم فتحه ومحاسبة المتورطين به الى النهاية، وقد حقدوا على مجلس النواب السابق الذي أغلق ملفات الفساد جميعها، وأعطاها صكوك براءة .
“على الفقراء ان يشدو الاحزمة من جديد.. وصفة جديدة من صندوق النقد الدولي لمدة عامين” مقال كتبته في صحيفة العرب اليوم في 5 آب 2002 وجدته منشورا في الحوار المتمدن، للأسف لم تتغير الاحوال كثيرا… http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=2403