بقلم - أسامة الرنتيسي
إنقبض قلبي أكثر مما هو عليه وأنا أستمع لعبقري وزارة المالية عمر ملحس وهو يروج لمشروع قانون الضريبة عبر “ستون دقيقة” على شاشة التلفزيون الأردني، ويبشر بأن الحكومة ستقره وترسله إلى مجلس النواب تأريخ 21 الجاري.
أسباب الانقباض كثيرة، أهمها أنك تكتشف فعلا أن صناع القرار الاقتصادي في بلادنا يعملون على قاعدة “سارحة والرب راعيها”.
ألم يبدع قبل أيام من استعانت به الحكومة على رأس التعديل الوزاري الأخير لقيادة الفريق الاقتصادي جعفر حسان عندما رد على الزميل العزيز أحمد حسن الزعبي : “القرض الميسر من البنك الدولي حتى نستطيع سداد قروض سابقة مكلفة مستحقة، وليس زيادة في المديونية إحنا ماشيين بنفس واحد ولن نسمح بتفاقم المديونية، ونصرف زيادة حتى ييجي الفرج!”.
يا لطيف؛ رأس الفريق الاقتصادي ينتظر الفرج مثلما تنتظر “أم عبدالرحمن” في مخيم المحطة “وأم حابس” في قرية حمود أن تتكرم عليهما الجمعيات الخيرية بزيادة حصتيهما من طرود الخير!.
وزير المالية؛ وهو فعلا لا يتعدى الوصف الذي انتشر في السوشيال ميديا (جابي برتبة وزير) أمضى وقت البرنامج وهو يتحدث عن التهرب الضريبي، التبرير الساذج لتغيير قانون الضريبة، وعندما هبط عليه الوحي قال: “السياسة المالية ستنعكس بالضرورة على حياة المواطن”.
أموت وأعرف أين هي السياسة المالية، ما هي أسسها وبرامجها ، آفاقها وخططها، وبعد ذلك كيف ستنعكس على حياة المواطن، سلبا كانت أم إيجابا، والأهم متى ستنعكس على حياة المواطن إن كانت إيجابا.
أما العبقرية الفذة فتفتقت عند ملحس بقوله: “النمو يحتاج الى محرك؛ ألا هو الاستثمار، الذي يحتاج بدوره الى استقرار اقتصادي حيث عموده الفقاري هو الاستقرار المالي، وهذا ما نعمل عليه”.!
بالله عليكم أين هو الاستقرار الاقتصادي الذي يتحدث عنه وزير المالية، واين هو محرك الاستثمار.
بالمناسبة؛ ملحس؛ ومنذ جاء وزيرا يحمل البلد جمايل أنه قبل أن يكون وزيرا، وخسر كثيرا من جراء هذه الوزارة، لكن القاصي والداني يدرك جيدا انه لم يبدع كثيرا في عمله وزيرا للمالية، وهو لا يتعدى مختصا ماليا يحمل كالكوليتر (آلة حاسبة) يجمع ويطرح، ولا يقدم سياسات مالية تحمي المالية العامة للدولة، ويمارس سياسة الجباية وتقديم التوصيات للحكومة بزيادة الضرائب على السلع التي يستفيد منها كثيرا.
الفوضى الواقعة في الأسواق من جراء قرارات رفع الأسعار ونسب الضريبة يتحمل الوزير ملحس مسؤوليتها بشكل مباشر، وما صدر من إشاعات قبل أيام حول زيادة على أسعار بطاقات الهواتف هي نتيجة للتخبط في القرارات والسياسات الاقتصادية والضريبية، فالمواطن ممكن أن يصدق اي خبر له علاقة بزيادة الأسعار والضرائب، فهذا هو ديدن الحكومة وعملها.
الدايم الله……