بقلم - أسامة الرنتيسي
إسقاط طائرة إف 16 الإسرائيلية بصواريخ الجيش السوري، بسواعد سورية او إيرانية، هو أكبر إنجاز هز الكيان الصهيوني، وأربك إسرائيل وقادتها وجعلهم يبحثون عن وسطاء للتدخل، بعد أن وصلتهم الرسالة أن قواعد الاشتباك تغيرت، ولم يعد المجال الجوي السوري او اللبناني مسرحا لعدوانهم المستمر.
إذا اختلفت الآراء حول ما يحدث في سورية، فلا يجوز بأي حال من الأحوال أن تختلف لحظة في إدانة العدوان البربري الإسرائيلي على دمشق، ولست من المصدقين أن هناك من صفق وابتهج لهذا العدوان من أبناء جلدتنا العربية، مهما كان موقفه مما يحدث في سورية، حتى لو رأيت ذلك بام عيني.
فإسرائيل عدو الأمة العربية، في كل زمان ومكان، ولا يمكن أن تحيد البوصلة لأي عربي، بحيث يجد تبريرا، لعدوانها على اي أرض عربية.
العدوان على سورية والرد الحازم هذه المرة، كشف كثيرا من العورات، فقد كشف تخاذل العرب جميعا، المؤيدين للمعارضات السورية، قبل المؤيدين للنظام السوري.
أكثر ما كشف العدوان عنه هو حجم العربدة والخروج على القانون الدولي من قبل دولة العصابات المدعومة من قبل الإدارة الأميركية ودول عظمى أخرى، لأنها لا ترى اي رد من ما تبقى من النظام العربي الرسمي، ولا ما يهدد مصالحها، لذلك لم تعد تتستر او تخفي مواقفها العدوانية ودعمها لفاشية حكومة العدو الإسرائيلي متجاوزة دفاعها الزائف عن الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان الذي لا تتذكره الا عند المس بمصالحها.
ما حدث في العدوان الإسرائيلي انتهاك للأمن القومي العربي والأمن والسلم الدوليين، والرد أصبح واجبا لوقف كل أشكال العدوان ووضع حد للعربدة الإجرامية المنفلتة من عقالها، والرد الحازم بصواريخ سام 5 وإسقاط الطائرة الإسرائيلية جعل قادة الكيان الصهيوني يعيدون حساباتهم من جديد.
في العدوان على دمشق فإن الرسالة الأبعد الى الحليف الإيراني، والسؤال هل سيتبع هذا العدوان ضربة أقسى لحزب الله؟
الجواب بالتأكيد نعم، وإذا لم يصل صدى هذه الضربة الى الولي الفقيه في طهران، فإن الذراع الإسرائيلية الطويلة ستمتد الى العمق الإيراني أكثر وأكثر.
هنا تستوجب النصيحة أن يتوقف الخطاب الإيراني، الذي يشبه خطاب القومجيين، مثلما قال نائب رئيس الحرس الثوري الإيراني ” قادرون على فتح أبواب جهنم على إسرائيل إذا ما أردنا ذلك” حيث شبعنا من هذا الكلام، فخسرنا القدس وبغداد، ولا نريد ان نخسر دمشق.
كل ملفات المنطقة تبحث عن حلول، وحل الحرب مع إسرائيل بعد إغلاق المنافذ السياسية زاد من طبيعة التحديات التي تواجه إسرائيل اليوم، وتعرف إسرائيل جيدا أن ما وقع منها أثناء عدوان 2006 على لبنان مجرد “مزحة”، قياساً بما يمكن أن يكون عليه الأمر في حال اللجوء للخيار العسكري مع الملف النووي الإيراني، الذي يمكن أن يتطور إلى حرب إقليمية غير مضمونة النتائج.