حياة على ذمة الموت

حياة على ذمة الموت

المغرب اليوم -

حياة على ذمة الموت

بقلم - أسامة الرنتيسي

بعيدا عن لغة الأرقام الجوفاء، والتقارير المدبجة بحبر لا تفوح منه رائحة الوجع، ثمة في مجتمعنا، بشر يوشكون على استنفاد آخر قطرات الحياة من أرواحهم، من جرّاء وصولها إلى مرحلة الفقر الذي حطم “خطوط” التصنيفات الرسمية كلها، من مدقع ومطلق.. وصولا إلى (عيش سريري).

ما حفزني على استحضار هذا النمط من الحياة؛ ما اشاهد من اوضاع لعائلات محرومة من ابسط متطلبات العيش، تتنقل من جمعية خيرية الى مراكز تسد رمق المحتاجين، خاصة في الايام الاخيرة من رمضان.

فقر تعاقبت عليه عقود عاشتها أسر كانت قد فقدت الأمل بحياة مريحة، اعتادت القلة والجوع الذين لا يسدهما الخبز الحاف، غير أن ما قلص من مأساة هذه العائلات، ردود الأفعال من أهل الخير الذين أبدوا الاستعداد للمساعدة بأقصى إمكاناتهم بعد أن يتم نشر قصصهم في الاعلام.

في لحظات معينة كم تشعر أن الدنيا لا تزال بخير، وأن روح العطاء لم تذو بعد، فمجتمعنا بأمس الحاجة لمثل هؤلاء المحسنين الذين لا يبحثون عن الشهرة عند تقديم ما يجودون به، ولمبادراتهم الخيرة، واحساسهم الصادق بالآخرين في زمن صعب ووسط حياة مؤلمة وثقيلة بأوجاعها واحتياجاتها.

مبادرات أهل الخير تعبر عن تكافل اجتماعي يعكس روح المجتمع وإنسانيته وحضاريته، ويؤكد أهمية احساس الفئات جميعها بعضها ببعض، ليكونوا أكثر حرارة وعمقا وطيبة.
استجابة المجتمع لكثير من القضايا التي تطرح عبر وسائل الاعلام، يُحمِّل الصحافيين مسؤولية مضاعفة في تعزيز هذا الدور الانساني الكبير واستثماره لبث روح العطاء والتكافل بين أفراد المجتمع كافة.

والاعلام يلعب دور الوسيط من خلال مأسسة هذا الكرم، والحس الانساني والشعور مع الآخرين في مجتمعنا، ويسهم في مد يد العون لمن يجتاجه.
السؤال عن المحتاج والبحث عنه والاكتراث بأحواله الصعبة لا يكلف شيئا، بل يعيد إلى حياتنا وعلاقاتنا الانسانية بعضا من روحها التي ذبلت في هذا الزمن الذي يزداد جفافا وتصحرا ويباسا. نعول على أن تكون الحياة عكس تلك التي وصفها عنوان رواية الروائي جمال ناجي بأنها “حياة على ذمة الموت”.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حياة على ذمة الموت حياة على ذمة الموت



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib