أسامة الرنتيسي
أكثر تجربة كَشَّفَت عُقْمَ الاصلاح في الأردن، وفوضى القوانين والارتجالية في إقرارها هي تجربة اللامركزية.جاءت التجربة في جولتها الأولى طبق الأصل عن شكل وطريقة إقرارها، بحيث لم يَعلَق منها شيء في عقول وضمائر الأردنيين، واضيفت إلى المؤسسات التي لا تفعل شيئا، أولًا الحكومة وثانيًا النواب وثالثًا جماعة اللامركزية.
لاحظوا؛ حتى قرار حل المجالس أعلنت عنه الحكومة في يوم جمعة وعبر تصريح مقتضب على شاشة التلفاز الأردني لنائب رئيس الوزراء وزير الإدارة المحلية توفيق كريشان قال فيه: “بأن مجالس المحافظات تعتبر مُنحلة بعد نشر قانون الإدارة المحلية يوم أمس الخميس في الجريدة الرسمية”.
وزاد الطين بِلّةً عندما قال: “بأنه سيتم تشكيل مجالس محافظات مؤقتة لحين إجراء انتخابات مجالس المحافظات التي سَتُجرى في اليوم ذاته مع انتخابات المجالس البلدية”.
هذا الإجراء؛ تشكيل مجالس مؤقتة يعطي الملمح الرئيس لعقم القانون، ولم يوضح نائب الرئيس ما الحاجة الفعلية لمجالس مؤقتة معظمها لم يجد مكانا في محافظته ليعقدوا اجتماعاتهم فيها، وتمت استضافتهم في دور المحافظات أو مواقع أخرى.
مرت التجربة الأولى بين أسئلة كثيرة عن دور مجالس المحافظات ومهامها والعلاقة بين عملها وعمل البلديات، والمنافسة مع مجلس النواب، غير الاستقالات الكثيرة، وحالات الغضب التي كانت تخرج من أعضاء على الأحوال التي يمرون بها.
حالة من التَّوهان منذ اليوم الأول عن حدود صلاحيات أعضاء المجالس، وتذكرون عندما زادت الحكومة العبقرية الانتقادات لأعضاء المجالس قبل الانتخابات عندما أعلنت أن عضو المجلس سوف يتقاضى مكافأة 500 دينار والرئيس الف دينار.
منذ أيار 2015 ، بقي مشروع قانون اللامركزية لغزا محيرا، فلم يتحدث سياسي أو برلماني أو قانوني بإيجابية عن مشروع قانون اللامركزية، الذي صاغته الحكومة وأرسلته إلى مجلس النواب، ووضع على أولويات الدورة الاستثنائية آنذاك.
حتى أن برلمانيا وسياسيا من وزن عبدالرؤوف الروابدة، وكان يومها رئيسا لمجلس الأعيان إنتقد مشروع القانون، وأكد في أكثر من لقاء، رفضه أن يقتصر دور المحافظين على استقبال شكاوى المواطنين، مطالبًا بإعادة تفعيل دورهم لنجاح عملية اللامركزية مستقبلًا، مشيرا إلى ضرورة عدم تسييس ملف اللامركزية في المحافظات كما سُيِّسَ ملف الأقاليم سابقًا.
سياسيون كثيرون بالغوا في النقد، ووصفوا مشروع قانون اللامركزية، بأنه مركزية المركزية.! فماذا سيكون موقفهم وموقف غيرهم مع المشروع الجديد، الذي نشر في الجريدة الرسمية الخميس، والمشروع المقترح من لجنة الاصلاح أو للدقة “اللجنة المَلِكيَّة لتحديث المنظومة السياسية”!!
بالله عليكم؛ هل شاهدتُّم فوضى تشريعية مثل الفوضى التي نعيشها في هذه الأيام..
الدايم الله….
شاركها