بقلم: أسامة الرنتيسي
قضيتان؛ في الأولى أحكام قضائية، وفي الثانية شبهات فساد، مُعَلّقتان في سمائنا منذ نحو عشر سنوات، إنهاؤهما يُصلِح الحال المايلة كثيرا في البلاد، ويشطب نصف عجز موازنة 2020.
الأولى؛ الكردي والفوسفات، قضية فيها أحكام قضائية بنحو 420 مليون دينار على وليد الكردي الهارب في لندن، إذا تمكنت الحكومة من إحضاره فسوف تسجل هدفا شعبيا ووطنيا أهم بكثير من أفلام التحفيز والزيادة المنتظرة على رواتب الموظفين بين 10 – 50 دينارا، ويُحرم منها المتقاعدون.
والثانية؛ قضية سكن كريم والحديث فيها عن 316 مليون دينار. جرى إغلاق ملفي القضيتين منذ نحو ثماني سنوات عندما حَوّل رئيس الوزراء الأسبق الدكتور معروف البخيت (شافاه الله) الى هيئة مكافحة الفساد ومجلس النواب لوجود شبهات فساد ولا تزال القضية دفينة في أقبية مجلس النواب ومعلقة في هيئة مكافحة الفساد التي تنتظر تحويل الملف من المجلس.
الأحد المقبل تتلو الحكومة مشروع قانون الموازنة أمام مجلس النواب الذي سيحوله إلى لجنته المالية، وما هي إلا أسابيع ويبدأ ماراثون خطابات الموازنة في الدورة البرلمانية الأخيرة، وما أدراكم ما هي الضغوطات الشعبية في الدورة الأخيرة.
إذا أصر النواب على معالجة قضيتي الكردي وسكن كريم معالجة جذرية، فسيسجلون إنجازا كبيرا في عهد المجلس الثامن عشر، لأنهم مهما حاولوا أن يجدوا مخارج لتخفيف عجز الموازنة فلن يجدوا طريقا لذلك، وطرق الحكومة معروفة، إما الاستمرار في الاستدانة من البنك الدُّولي، أو استسهال السطو على جيوب المواطنين، والخطوتان الواحدة أخطر من الأخرى.
منذ أن أطفأ مجلس النواب السادس عشر بريق ملفات الفساد، وطوى معظمها في سجل التأريخ الذي لا يرحم، وأعلن وفاة لجان التحقيق النيابية في حفلات التأبين التي عقدها، لم نعد نسمع لا من قريب أو بعيد، أية معلومة عن ملف فساد، فتبخرت لجان التحقيق، وتبخرت معها قضايا الفساد، لكن بالضرورة لم تتبخر منظومة الفساد، وما زال هناك فاسدون، لم تصل قضاياهم إلى المحاكم.
تبخُّر قضايا الفساد وصل أيضا إلى الإعلام، فلم نعد نسمع عن قضايا جديدة، وصمتت المواقع الإلكترونية عن نبش الملفات، حتى الملفات الموجهة.
ما جرى ويجري يؤشر لأي متابع ان تلك القضايا يتم تحريكها في فترة ما خدمة لأجندات تريد أن تتكىء على وهج محاربة الفساد، أما المحاربة الفعلية فحتى الآن لم تتم، وإن تمت فإنها لخدمة أجندات خاصة لزمن مُعيّن.
برغم أن الشعار الثابت في معظم الحركات الاحتجاجية هو محاربة الفساد، ولم يتوقف الخطاب الرسمي أيضا عن رفع هذا الشعار، إلا ان محاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين لا تزال تمارَس بالقطعة.
تعبنا من الحديث عن الفساد، ولا نرى فاسدون خلف القضبان.
وها هي قضية “دخان مطيع” بدأت بالتوهان وأبرز المتهمين خارج القضبان.
الدايم الله……..
قد يهمك ايضا
الحكومة تعود إلى منع الحجز على ممتلكات الدولة بأحكام قضائية
جدل "المادة 9" يُنهي التوافق بين فرق الأغلبية في "المستشارين" المغربي