بقلم - أسامة الرنتيسي
معنى الانجاز في أول محطّة بعد سحق عش الدبابير
قد يتساءل البعض، وقد سمعت ذلك فعلا، لماذا الاعلان الآن عن الخلية التي خططت لعمليات ارهابية وتم القبض على افرادها خلال شهر نوفمبر تشرين الثاني الماضي.
الاجابة ببساطة أن السلطة مقيدة بالقانون، والاعلان جاء بعد استكمال التحقيق وبناء اركان القضية خلال أسابيع وتسليم المتهمين وملفهم الى القضاء.
ومصداقية المعلومة هي بالضبط تسليم المتهمين الى القضاء وهو عنوان الحقيقة والعدالة حيث ستكون المحاكمة علنية يطلع الجمهور على تفاصيلها بوجود محامين للدفاع عن المتهمين.
هذا هو معنى الدولة المدنية دولة القانون والمؤسسات ومنها المؤسسة الأمنية المناط بها حماية القانون وحفظ النظام العام وملاحقة الخارجين على القانون والقبض عليهم وتحويلهم الى صاحب القرار الأخير وهو القضاء.
ليس هناك سجن واعدامات تنفذها السلطة خارج نطاق القانون أو محاكمات صورية يعلن عنها بعد تنفيذها كما تفعل الانظمة البوليسية الاستبدادية أو الاعدامات الفورية مضافا لها التفنن الاستعراضي في القتل تحريقا وتغريقا وتقطيعا وتمزيقا كما كانت تفعل داعش.
وذروة الانجاز هو القبض على المتهمين قبل تنفيذ جرائمهم وذروة النجاح الاستخباري لأي جهاز أمن كفوء في مكافحة الارهاب هو وقاية المجتمع والمواطنين بإحباط العمليات الارهابية قبل وقوعها وهذا ما نجحت فيه اجهزتنا الأمنية بإمتياز نهلل له ونرفع القبعات.
هذا ليس تبجحا مجانيا انها حقيقة ماثلة يمكن مقارنتها مع واقع الحال في أي دولة عربية وأجنبية بلا استثناء. فمنذ تفجيرات الفنادق عام 2005 التي قام بها متسللون من العراق أي منذ 12 عام لم ينجح الارهاب في تنفيذ انجاز عملية واحدة لا من عناصر محلية ولا من متسللين، وخسائرنا من الشهداء الابطال حدثت في مواجهات استباقية للقبض على مجموعات ارهابية قبل تنفيذ مخططاتها، وهذا المرة يبدو ان العمل الاستخباري نجح مبكرا في مواكبة المخطط الارهابي ومراقبته منذ بدايته وحتى المرحلة المناسبة لالقاء القبض بطريقة آمنة على المجرمين متلبسين بالتحضيرات التي ستظهر تفاصيلها في المحاكمات.
ليس صدفة هذا الانجاز العظيم على مدار سنوات والذي يدلّ على مهنية واحتراف والتزام سهر عليه قائد البلاد الملك المفدى ربما أكثر بكثير مما نعتقد أو نعرف. الاردن ظلّ مستهدفا وبقوة من الارهاب ويمكن ان نتخيل كم من المحاولات المستميتة وعلى مدار الأعوام الماضية لتنفيذ هجمات ارهابية في كل مرفق ومكان في البلاد وأي مسؤولية كانت ملقاه على الأجهزة الأمنية في هذه المواجهة الخطيرة والدقيقة على مدار الساعة، وهي لم تنته بهزيمة داعش في سوريا والعراق، بل دخلت طورا جديدا وفقا لنظرية عش الدبابير، فبعد سحق العش الرئيس كان متوقعا انتشار الارهاب بطريقة عشوائية يائسة لأثبات الوجود في كل مكان تطاله مجموعات أو عناصر مرتبطه بصلة تنظيمية او روحية وفكرية بالداعشية. والحادثة الأخيرة عندنا هي نموذج لنشاط الارهاب في مرحلة ما بعد سحق داعش ونموذج أيضا للنجاح في استباقه وإحباطه بصورة باهرة. نطمئن مجددا الى ان الاجهزة الأمنية تقوم بكفاءة تامّة بدورها والباقي عندنا نحن على الجبهة المدنية سياسيا وثقافيا واجتماعيا وأقتصاديا وتربويا، على الباحة الخلفية للخط الأمامي الذي يقف عليه نشامى الوطن في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والمخابرات.