ومات جميل العدسي…
دونالد ترامب يفضل السماح لتطبيق تيك توك بمواصلة العمل في الولايات المتحدة لفترة قصيرة على الأقل شركة طيران أمريكية تجبر أحد الركاب على ترك مقعده في الدرجة الأولى لصالح كلب مرافق مقتل 10 ركاب وإصابة 12 في تحطم طائرة في البرازيل مطار دمشق الدولي يُعلن تمديد تعليق الرحلات الجوية حتى الأول من يناير 2025 الحوثيون يؤكدون إفشال هجوم أميركي بريطاني على اليمن باستهداف حاملة الطائرات "يو إس إس هاري إس ترومان" إسرائيل تنفي مغادرة أي وفد لمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة إلى القاهرة 10 جنود إيرانيين شباب لقوا حتفهم في حادث سقوط حافلة في واد غرب إيران سقوط نحو 300 قتيل في اشتباكات عنيفة بين قوات سورية الديمقراطية وفصائل مسلحة مدعومة من تركيا في محيط سد تشرين وزارة الصحة في غزة تكشف أن عدد ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع ارتفع إلى 45,259 شهيداً و107,627 مصاباً من 7 أكتوبر 2023 تسجيل 76 حالة وفاة و768 إصابة جراء إعصار شيدو الذي ضرب مقاطعات "كابو" و"ديلغادو" و"نابولا" و"نياسا" في شمال موزمبيق
أخر الأخبار

ومات جميل العدسي….

المغرب اليوم -

ومات جميل العدسي…

بقلم - أسامة الرنتيسي

من خنادق بيروت إلى زوايا عمّان..

ابن يافا الذي عشق أمينة.. وقاع المدينة

أسامة الرنتيسي-

أوجعني موتك يا جميل…

وجميل العدسي، ليس شخصية سياسية معروفة، لم يترشح لمجلس النواب أو مجلس المحافظات، إنه ابن الزمن الجميل عندما كانت بيروت تصنع ما يشبه المعجزات، وتصنّف الرجال، فهو ابن حركة فتح، وأحد عناصر أمن الرئاسة والحماية للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في لبنان.

تعرفت عليه بعد الخروج من بيروت عام 1982، حيث عاد مصاباً فاقداً الحركة في ساقه اليمنى، وصل عمان عن طريق طرطوس، حيث تقيم والدته وأهله في رأس العين، ومكث 38 يوماً نزيلاً في فندق أبو رسول قبل هدمه.

أصبح جميل العدسي أو أبو حيدر أو الحج جميل او ابو محمد (ألقاب لشخص واحد) عنواناً بارزاً في قاع المدينة، وأخذ زاوية قرب سينما الحمراء يبيع فيها الكاسيتات للأغاني الوطنية والفلكلور الفلسطيني، فهو أول من أسمع رواد وسط البلد أغاني فرقة العاشقين (إشهد يا عالم علينا وعلى بيروت إشهد بالحرب الشعبية)، وأغاني الفرقة المركزية للثورة الفلسطينية (طالعلك يا عدوي طالع من كل بيت وحارة وشارع)، وأغاني أبو عرب (هدي يا بحر هدي طولنا في غيبتنا).

تحول أبو حيدر إلى صديق لطلبة الجامعات الذين تستهويهم الأغاني الوطنية، وكان يؤمّن لهم أي كاسيت يطلبونه، حتى لو كان ممنوعاً.

كنت تجد في بسطته كل الأغاني الوطنية لكل الفنانين العرب الذين غنّوا للقضية الفلسطينية ولقضايا الإنسان والحرية.

أعرف “جميل” منذ 35 عاماً، لم أتعرف في حياتي على إنسان شهم وكريم وصادق وقمة في الوفاء مثل ابن يافا التي غادرها طفلاً مهاجراً إلى غزة، ومنها لجأ إلى الأردن ليفقد حقه في الحصول على رقم وطني باعتباره من أبناء القطاع، فأمضى عمره يحمل الوثيقة المصرية وهو لم يزر مصر نهائياً.

قمة وفاء الحج جميل تمثلت في علاقته مع شريكة حياته الراحلة أمينة الناطور، التي تزوّجها بعد علاقة كفاحية مع ابن عمها قائد قوات الـ 17 في الثورة الفلسطينية محمود الناطور أبو الطيب.

كانت أمينة تشبه “جميل” في صفات الكرم والوفاء والصدق، فعاشا العمر معاً من دون أن يمنحهما الله أطفالاً، ولم يفكر يوماً بالزوجة الثانية التي تنجب، وبقيا عاشقين حتى أخذ الله وديعته، وتوفيت أمينة في 6 حزيران 2013.

منذ يوم وفاتها لم تغب أمينة عن يوميات جميل، وهو الرجل الذي يملك سحراً غريباً على النساء، فهو شديد الوسامة، حتى إن صديقنا المشترك المحامي علوان القيسي أطلق عليه لقباً جديداً (هارون الرشيد) في إشارة لعلاقاته الواسعة والصادقة مع عدد من الصبايا والسيدات، اللواتي كن يتعاملن معه من دون أي مخاوف لأنهن شعرن بصدقه وحسن نواياه، وكان علوان يغار منه.

حرص جميل على أن يزور أمينة في سكنها الجديد في سحاب، وفي كل مناسباتهما المشتركة وبخاصة عيد ميلادها كان يذهب محملاً بقطع الكيك لتناولها معاً. لم يقطع هذه العادة نهائياً إلى أن أقعده المرض.

في 9 مارس (آذار) انهار الوضع الصحي للحج جميل، ودخل المركز العربي يومين وغادره إلى البيت ليعود بعد أيام إلى المستشفى التخصصي، وبعد عملية تنظير اكتشف أن السرطان غزا جسده الضعيف واستوطن في الاثنا عشرية وامتد إلى الكبد، ووصل به إلى المرحلة الرابعة.

لم أعرف في حياتي رجلاً جباراً أمام المرض والألم سوى والدي رحمه الله، والحج جميل.. لم أسمع منه طيلة صداقتنا الطويلة شكوى من مرض أو ألم، لكني شاهدت إنساناً هشاً مستقبلاً النهاية بصدر مؤمن ورحب في أيامه الأخيرة، ولسان حاله يقول:

إنَّ في بُرديَّ جسماً ناحلاً .. لو توكّأْتِ عليهِ لانهدمْ

كان يتحدث عن الموت بكل سهولة، كأنه يريد أن يرحل مسرعاً إلى حبيبته أمينة حيث تنتظره بفارغ الصبر مثلما كان يردد دائماً.

لم أبكِ يا صديقي بالحرقة التي بكيت فيها عليك منذ آخر فاجعة تعرضت لها في 27 آب 2016، لأنك صديقي المقرب، وأخي الذي لم تلده أمي، ورفيق سنوات العمر الجميل.

جميل العدسي، على مثلك تحترق القلوب، وتجف الأرواح، وتسفح الدموع.

منذ ثلاثة أيام وانا ومجموعة من الاصدقاء نحاول عبثا تأمين سرير لجسد جميل المنهك لدخول مدينة الحسين الطبية بعد أن تحصلنا بجهود كبيرة على اعفاء طبي من الديوان الملكي، لنخفف عنه كلفة العلاج في المستشفى التخصصي، وبقى إبن اخته رامي الطاهات مرابطا في المدينة الطبية حتى يضمن الموافقة  لكن لم نفلح في ذلك، وقبلنا اليوم أن يتم نقله إلى مستشفى البشير لكن حجة الازدحام منعت تحقيق ذلك.

جميل بحسه المرهف شعر بمدى الحرج الذي يسكننا جراء الفشل في تأمين سرير له، فأختصر علينا الوقت وتعب الضمير وغادرنا من دون استئذان.

اقتربت من جسده قبل أن يفقد حرارته نهائيا، ودعوته أن لا يسامحنا، ولا يسامح قساوة اوطاننا، التي لا يتسع فيها سرير الشفاء للارواح المحترمة.

عليك الرحمة، وعلينا أيضاً، وما بدلت تبديلاً..

الدايم الله..

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ومات جميل العدسي… ومات جميل العدسي…



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
المغرب اليوم - المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع

GMT 13:38 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

نيللي كريم تجتمع مع روبي وكندة علوش في "جاني في المنام"
المغرب اليوم - نيللي كريم تجتمع مع روبي وكندة علوش في

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 10:12 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أسعار الذهب تتراجع بأكثر من 30 دولاراً وسط ارتفاع الدولار

GMT 12:40 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 18:38 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

وفاة معتقل داخل محكمة الاستئناف في طنجة

GMT 12:37 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

محاولات لإقناع الواعد باسي بتمثيل المغرب

GMT 13:31 2018 الأحد ,08 تموز / يوليو

محمد الشناوي يوضح أنه لم يلتفت إلى أي عروض

GMT 00:51 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

كهف مظلم في نيوزيلندا تضيئه الديدان المتوهجة

GMT 08:28 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

نحو 60% من الصينيين يتعرضون لفقدان شعر مبكر وزيادة الصلع

GMT 09:39 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

روائح خلابة وبريق الذهب في "جيل" الجسم الجديد من "شانيل"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib