جمال عبدالناصر يموت مجددا

جمال عبدالناصر يموت مجددا

المغرب اليوم -

جمال عبدالناصر يموت مجددا

بقلم - أسامة الرنتيسي

(إلى  الصديق الطبيب أحمد العرموطي.. القابض على حلم الناصرية)

قبل سنوات، كتبت مقالاً في صحيفة “أوان” الكويتية بعنوان “عبدالناصر يموت مجدداً في تل أبيب”، وكان رسالة إلى الزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر، بعد أن احتفلت سفارة مصر في إسرائيل بالذكرى الثامنة والخمسين لثورة يوليو، بحضور قادة إسرائيل يتقدمهم نتنياهو.

في فجر ذلك اليوم، اتصل بي الأديب الكويتي الناصري  الصديق عبدالعزيز السريع، معاتباً بقسوة لم أعرفها منه، ولم أسمعها عنه، وهو المؤدب حد الخجل. يومها اكتشفت أن السريع من أوائل من انتصر للناصرية في الخليج العربي، وما يزال قابضاً على الحلم، وقال لي بحسّ الواثق: “يا بني مصر ولاّدة، وسترى الحلم العربي يتجدد قريباً من أحفاد أحمد عرابي وسعد زغلول والخالد جمال عبدالناصر”.

رؤية السريع، شاهدناها تتلألأ في ميدان التحرير، وفي شوارع مصر المحروسة، كما شاهدناها في كل الشوارع العربية، وعيون المواطن العربي، من المحيط إلى الخليج.. إنها الفرحة بالإنجاز العظيم الذي حققه أحفاد عبدالناصر.

أستميحكم عذراً بإعادة نشر المقال اليوم، اهداءا الى الدكتور أحمد العرموطي بعد أن منع محافظ العاصمة سعد شهاب المنتدى العربي الاحتفال بمئوية الراحل الكبير جمال عبدالناصر من دون ابداء الاسباب، وشخصيا، أموت واعرف أي سبب مقنع لدى المحافظ في هكذا قرار.

سيادة الرئيس.. أعرف أن جسدك يحاول أن يستريح منذ أن وُضع تحت التراب قبل نحو أربعين عاماً، لكن الراحة تأبى أن تصلك، لأن ذكرك ما يزال يفرض إيقاعه كلما وصلت الانكسارات إلى العظم.

يستحضرك عشاق الناصرية والقوميون العرب كلما هبت الرياح على أشرعتهم، وكلما عصفت بهم الشدائد. ينادون باسمك في مؤتمراتهم، ويرفعون صورك في تظاهراتهم الموسمية كلما أصاب الجسد العربي وجع ما، وما أكثر ذلك، حتى وصلنا إلى زمن نرفع فيه الأحذية انتصاراً.

سيادة الرئيس.. أعترف بأنني من غير المعجبين بخطاباتك الشعبوية البليغة، لكنّ والدي رحمه الله كان لا يذكرك إلا ويقول الرئيس الخالد، لهذا لا أستطيع أن أقسو عليك.

نذكرك في زماننا هذا بعد أن تبخّرت أحلامنا، وبعد أن ضحكت علينا شعاراتكم، فلا فلسطين حرة عربية، ولا شعار “حرية وحدة اشتراكية” بقي على حاله، حتى جماعة “أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة” أصبحوا أمماً تتنازعها الرياح وسموم الطائفية.

نستذكرك يا سيادة الرئيس بعد أن نبشوا قبرك مجدداً في تل أبيب، وشربوا الأنخاب في ذكرى ثورتك، بحضور شمعون بيريز والنتنياهو، هل تصدق: لقد وقف الزعيم الصهيوني على المنصة في بيت سفير مصرك في تل أبيب ليحيي ذكرى ثورتك “ثورة يوليو”؟!

لقد وزّع النتنياهو ابتسامة خبيثة بعد أن نظر إلى صورتك في منزل السفير بمناسبة ذكرى ثورة يوليو، وقال إنه يأمل في إقامة سلام مع الفلسطينيين، ورحب بمبادرات عربية باعتبارها نقطة بداية محتملة، لكنه لم يعرض أي تفاصيل بشأن تحقيق السلام.

هو يكذب يا سيادة الرئيس، مثلما كذبت علينا الشعارات، فلا “ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة” أفلح، ولا “فلسطين حرة عربية” صلح، ويكذب علينا يا سيادة الرئيس أصحاب الشعارات الجديدة الذين يصرخون في التظاهرات الموسمية عندما تملأ دماء الأطفال والفقراء الشاشات “خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود”.

سيادة الرئيس.. كلهم حضروا من دون أن ينسوا ارتداء القلنسوات، شاهدتهم يا سيادة الرئيس، وكيف كانوا يدلعون ألسنتهم لـ”لاءاتك الثلاث”: لا صلح لا تفاوض لا اعتراف، ويضحكون من هتافات جماهيرك: “كلنا قنابل بشرية أمام الهجمة الصهيونية الأميركية”.

لقد وضعوا شعاراتك يا سيادة الرئيس في سطل ماء، وعرضوا علينا شربها “يا حكامنا اشتد الضرب، عايزين دولة تعلن حرب”، و”مش حنطاطي مش حنطاطي، إحنا كرهنا الصوت الواطي”.

سيادة الرئيس، هل تذكر اليمن التي أرسلت جندك لمناصرة ثورتها؟ إنها تتقاتل الآن للخلاص من الوحدة، بعد أن أكلت صنعاء خيرات الجنوبيين. وهل تعرف ماذا يجري في مصر وفلسطين ولبنان والسودان والعراق؟

بالمناسبة سيادة الرئيس، تستطيع أن تسأل سعادة السفير المصري في تل أبيب ياسر رضا: هل وقف الحضور دقيقة صمت لروحك وقرأوا الفاتحة؟!

الدايم الله….

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جمال عبدالناصر يموت مجددا جمال عبدالناصر يموت مجددا



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 15:47 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل
المغرب اليوم - منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل

GMT 16:06 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجات لم يشفع لها الذكاء الاصطناعي في 2024

GMT 08:33 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الطقس و الحالة الجوية في تيفلت

GMT 00:40 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

حطب التدفئة يُسبب كارثة لأستاذين في أزيلال

GMT 05:45 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

بنغلاديش تعتزم إعادة 100 ألف مسلم روهينغي إلى ميانمار

GMT 07:34 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

نادال يُنهي 2017 في صدارة تصنيف لاعبي التنس المحترفين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib