قرأت مجسات سياسية الحضور البارز لقاضي القضاة المفتي العام للمملكة في جلسة البرلمان المشتركة لمناقشة قانون الأحوال الشخصية بأنها خطوة لترشيح المفتي لرئاسة الحكومة المقبلة.
فقد كان سماحة المفتي الناطق الرسمي باسم الحكومة في الجلسة ودافع عن قانون الأحوال الشخصية مثلما تريده الحكومة التي لم يفتح وزير او رئيس الوزراء فمه بكلمة في الجلسة، وتُرك الأمر بالكامل لسماحة المفتي.
تدخل المفتي في مناقشة وإقرار القانون هو جزء من الدور الكبير المناط بدائرة الإفتاء العام التي أعلنت آخر فتوى صادرة عن دائرة الإفتاء العام، أن استخدام السيجارة الإلكترونية، حرام شرعًا.
وأجابت الدائرة بفتوى عن سؤال، حول الأرجيلة، والسيجارة الإلكترونية، حيث أوضحت أن استخدام الاثنتين حرام شرعًا.
لم توضح الفتوى إن كان الدخان العادي حلال أم حرام، ولم توضح موقفها من فتوى سعودية تشير إلى أن الدخان لا يبطل الصيام في رمضان.
في دولة القانون والمطالبة بسيادة القانون، تصدر يوميًا841 فتوى عن دائرة الإفتاء العام في الأردن بمجموع 212 ألف فتوى خلال العام الماضي، فهل نحن دولة قانون أم دولة فتاوى؟!
قد يكون معظم الفتاوى لتنظيم شؤون أسرية واجتماعية، لكن أتحدى أن تكون في هذه الفتاوى قضايا وطنية يمكن الاعتماد عليها.
هل فكرت دائرة الإفتاء بإصدار فتوى تُحرم سرقة المياه، وتحرم الفساد والوساطة والمحسوبية.
هل فكرت بإصدار فتوى تُحرم استيراد الخُضَر والفواكه من الكيان الصهيوني الذي تملأ منتوجاته الأسواق.
هل أصدرت يوما فتوى ضد خطاب الكراهية من قبل بعض الدعاة والمشايخ.
وهل حرمت إغلاق الطرقات المحاذية للمساجد في أثناء صلاة الجمعة.
هل فكرت يوما بتحريم سرقة الأموال العامة، وتحريم تزوير الانتخابات، واللعب في قضايا المحاصصة.
نتمنى أن لا تحوّل الحكومة (إن فعلت أصلا ذلك) سؤالها إلى المحكمة الدستورية حول دستورية اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني، وتحوّلها إلى سماحة المفتي حتى نعرف موقف الشرع من الاتفاقيات مع العدو الصهيوني.
قد يكون تنظيم الفتاوى من قبل جهة رسمية مسؤولة أفضل بكثير من ترك حابل الفتاوى على نابل مشايخ جاهزين لإطلاق فتاوى حسب الطلب والمقاس، سوق الفتاوى المعروضة للبيع كثيرة، فتاوى دينية، فتاوى سياسية بلباس ديني.. وفتاوى دينية بلباس وطني.. إلخ.
فوضى الفتاوى بعد أن وصلت إلى الفضائيات، وصلت إلى البريد الإلكتروني ورسائل المحمول، فالعديد من الفتاوى يصل من أرقام ومواقع مجهولة المصدر، تفتي في الدين، وتدعو لأفعال وتنهى عن أخرى، ويطلب مرسلها من المتلقي أن يقوم بنشرها وتوزيعها حتى ينال الثواب العظيم، وحتى لا يتعرض لغضب كبير من الله.
لكن وبرغم هذه الفوضى لا يجرؤ شيخ دين معتدل ومتنور على نقد أو تفنيد فتوى أصدرها غيره، برغم سخافة بعض الفتاوى!
الدايم الله….