بقلم : أسامة الرنتيسي
فعلًا؛ أقسى أنواع السخرية عندما يسخر المرء من ذاته، ويبدأ يُقلّب الأوجاع إلى دعابة، تمنح الضحك، لكنه ضحك حارق، يُدمي القلب والنفس.
مِن وهج الحالة الأردنية وصلتني الدعابة التالية لا أعرف مصدرها الأول، حيث تم تداولها بشكل واسع خلال دقائق على وسائل التواصل الاجتماعي، وبدوري أوصلتها لعدة أصدقاء من بينهم رئيس الوزراء الذي يمتنع عن التواصل معي منذ تكليفه رئاسة الحكومة، من دون أن أعرف السبب…(ما علينا).
الدعابة القاسية تقول: “تم تعيين وزير التربية السابق رئيسًا للوزراء وسامي هلسه وزير الأشغال السابق مديرَا للمبادرات الملِكِية في الديوان المَلِكي خلفًا للعيسوي الذي عُيّن رئيسًا للديوان الملِكي خلفًا لفايز الطراونة، وتم تعيين فايز الطراونة عَيْنًا في مجلس الأعيان مكان المعشر الذي عيّن نائبًا لرئيس الوزراء. ومحمد المومني وزير الإعلام السابق مقررًا لمجلس السياسات والملقي رئيس الوزراء السابق عَين، ورئيس الوزراء الأسبق عدنان بدران رئيس أمناء الجامعة الأردنية.
زي خطة خالد ابن الوليد رضي الله عنه الميمنة ميسرة والميسرة ميمنة”.
طبعًا؛ ليست المعلومات الواردة في الدعابة كلها صحيحة، فحتى الآن لم يُعيّن سامي هلسه في الديوان الملِكي، ولم يُعيّن هاني الملقي عينًا، ولا محمد المومني مقررًا لمجلس السياسات، بل تم تعيينهم من قبل بعض المواقع الإلكترونية.
هذه الدعابة تُلخّص بدقة واقع التعيينات والتشكيلات في الدولة الأردنية، العلبة ذاتها، تفتح في اللحظات كلها التي تتطلب فيها تشكيلات او تعيينات جديدة، ويتم الاختيار بتدوير الوجوه بالاتجاهات جميعها بعيدًا عن الكفاءة والقدرة والتخصص.
التشكيل الحكومي أُشبع نقدًا ولطمًا وملحوظات ولا يحتاج الأمر إلى لطمٍ جديدٍ، انظروا إلى تشكيل مجالس أمناء الجامعات، كم كشف عن بؤس الحالة.
لقد تحولت مجالس الأمناء إلى ساحة ترضية جديدة لمن فاتهم القطار في مواقع أخرى، كما تم نفض الغبار عن أشخاص غابوا فترة عن مواقع المسؤولية.
بعض تعيينات مجالس أمناء الجامعات وصلت إلى حد الفضيحة، حيث تم تعيين ثلاثة أشخاص اكتشف أنهم لا يحملون درجة البكالوريوس، وفي إثر ذلك قرر وزير التعليم العالي تشكيل لجنة تحقيق مع الموظف المعني بمتابعة ملف التشكيلات لأنه كما يقول الوزير “أخطأ في التدقيق على بيانات أعضاء مجالس أمناء الجامعات ما تسبب بالموافقة على تعيين ثلاثة أعضاء لا يحملون شهادة البكالوريوس”.
ما حصل ليس خطأً إداريًا كما يقول الوزير وانما خطأٌ في “سيستيم” التعيينات والتشكيلات والمحاصصة، وألأولى أن يُحاسب الوزير ذاته.
ليصنع الأردنيون سخريتهم الخاصة بطريقتهم، وكم هو عبقريٌ ذاك الذي استحضر خطة خالد بن الوليد “الميمنة ميسرة والميسرة ميمنة” في تشكيلة منتخبنا الوطني في الوظائف والتشكيلات والوزراء في الأردن.
الدايم الله…