بقلم : أسامة الرنتيسي
إذا لمس الأردنيون جِدّية حقيقية في تعامل الحكومة مع تقرير ديوان المحاسبة ومعالجة المخالفات والاختلالات والفساد المعشش في مؤسساتنا، فإن ذلك يُسجّل في مصلحة الحكومة ويرفع من شعبيتها.
وإذا كان الانذار والمهلة الذين حددهما رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز بعين حمراء حتى الخميس المقبل لتجيب كل مؤسسة من 75 مؤسسة ورد ذكرها في مخالفات ديوان المحاسبة، فإن ذلك سيحسن الميزاج الشعبي المحبط واليائس من كل شيء.
وإذا أرادت الحكومة أن تزيد من التفاف الناس حولها، وتعزز مصداقيتها في محاربة الفساد وكسر ظهره، عليها ان ترفع مستوى هذه المكافحة، فتشدد من تعليماتها للأجهزة المعنية بضرورة إحضار المتهم عوني مُطيع في قضية الدخان من مكان اختفائه بالسبل جميعها، وألّا تترك 400 مليون دينار في ذمة وليد الكردي من دون أن يكون هذا بندا رئيسا على جدول أعمالها باستمرار.
منذ صدور تقرير ديوان المحاسبة، وهو يحتل المرتبة الأولى في تعليقات الأردنيين، ومتابعة الكتّاب والصحافيين، حسب ما قام به زملاء بجمع قيمة المبالغ المكشوف عنها في التقرير، حيث اقتربت من ملياري دولار.
وقد تركزت التعليقات، بأن هذا التقرير سيوضع كما سابقيه في الأرشيف بانتظار التقرير المقبل، “وعند عمك طحن”.
استرداد ربع قيمة المخالفات المبينة في التقرير تزيد قيمتها عما هو متوقع من عائدات مشروع قانون الضريبة الذي خلخل أركان البلد، فَلِمَ لا نذهب للفساد المعشعش في مؤسساتنا ونتخلص من وجع العجز وزيادة المديونية.
إذا طُلب من الأردنيين أن يتفهموا أوضاع الدولة المالية العامة، فعلى الدولة، بحكومتها وأجهزتها المختلفة، أن يفهموا رسالة الأردنيين الواضحة، وهي باختصار، لن ندفع فواتير الفساد مرتين، وعلى الفاسدين أن يقلّعوا شوكهم بأيديهم.
ليس هناك ما يغضب الأردنيين جماعات وأفرادَا، أكثر من ظواهر الفساد المرتبطة بعناوين معروفة جيدًا لشركات استثمارية، ومصالح احتكارية واقتصادية واسعة وشخصيات رفيعة المستوى، اغتنت فجأة.
لا نريد اغتيال أحد ولا إعدامه، فقط نريد للقانون أن يأخذ مجراه، ويقطع يد كل فاسد أوصل البلاد الى هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة، حتى تكون رسالة واضحة للجميع، خاصة الذين في أعينهم رمد، وما زالوا يتوهمون أن منظومة الفساد محمية.
تعب الأردنيون من سماع حديث متواصل عن الفساد ومكافحته، لكنهم لم يجدوا ملفا واحدا فتح وحوسب المتورطون فيه الى النهاية، وقد حقدوا على مجلس النواب السابق الذي أغلق ملفات الفساد جميعها، وأعطاها صكوك براءة.
الدايم الله…..