بقلم - أسامة الرنتيسي
هل تذكرون حكاية أزعر الحارة….
هو موجود في كل الحارات، كان يحضر إلى ملعب الحارة متأخرا، وإذا لم يكن محسوبا حسابه في توزيعة الفريقين المتنافسين، يغضب ويخرب اللعبة.
كان يتحجج بكل شيء، وإن لم يجد، يستولي على الكرة حتى لو لم تكن له، ويخرب اللعبة.
شراسته كانت تتعدى الاحتمالات كلها، لا يقبل الخروج من الملعب إذا خسر فريقه، وتصل به الأمور إلى رفع الصوت، يا لعيب يا خريب.
بالضبط؛ هذا ما يفعله الرئيس الأميركي دونالد ترمب، سلوك يشبه أزعر الحارة، فقد أرسل تهديدات واضحة للدول التي ستصوت لمصلحة فلسطين في الجلسة الخاصة الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة المؤلفة من 193 دولة، اليوم الخميس، بناء على طلب دول عربية وإسلامية بشأن القدس.
تجاوز وظيفة شرطي العالم، ليتحول إلى أزعر الحارة، يهدد بقطع المساعدات عن تلك الدول، في حال صوّت مندوبوها ضد قراره بشأن القدس في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث من المتوقع، أن يحظى قرار ترمب في القدس بمعارضة معظم تلك الدول، التي تعتبر أن أي حل يجب أن يكون على أساس حل الدولتين، إضافة إلى اعتبار مدينة القدس عاصمة للفلسطينيين والإسرائيليين معًا.
لم يكتف ترمب بتهديد مندوبته في الأمم المتحدة، بل تدخل هو مباشرة لإيصال الرسالة بوضوح، فالجزرة الأميركية مشروطة بالخضوع الكامل لسياسات وإملاءات ما يقرره البيت الأبيض.
لا أمل كثيرا من جلسة الجمعية العمومية، بعد أن فشل مجلس الأمن في حفظ ماء الوجه، وصفعه ترمب بالفيتو، فكيف الحال بدول كثيرة تعتمد في حياتها واقتصادها على المساعدات الأميركية.
للأسف؛ أزعر الحارة سينفذ تهديده، وهو لا يمزح في ذلك، فهو يدير البيت الأبيض منذ دخوله بعقلية التاجر صاحب الشركة، وهو ينظر للعالم على هذا الأساس، فدمج عقلية التاجر مع أزعر الحارة، وهكذا يتصرف.
ألم تراقبوا طريقة إعلانه قرار القدس، لم يلتفت إلى النصائح التي سمعها عن خطورة القرار وانعكاساته، فخرجت الأصوات التي وصفته بالأهوج الأرعن وكل المصطلحات المرادفة، لكنه أحب أن يضيف جديدا في مهمة أزعر الحارة.
المشكلة ليست في ترمب، بل فينا، حينما تركنا أزعر الحارة يتصرف على هواه، وخلعنا عنا كل ثيابنا وكرامتنا وعزتنا ليستر هو عورته.
الدايم الله…..