بقلم : أسامة الرنتيسي
لعل وزير المياه المهندس منير عويس يتذكر – عندما كان مديرا لشركة مياهنا – أنابيب المياه التي تم ضبط متنفذين يسرقون المياه من خطوطها الرئيسية، ووضعها لعدة أيام في مكتبه لكي يشاهدها كل من يزور الشركة.
برغم نفي عويس الخجول ما تردد من أخبار عن ضبط أحد النواب يسرق مياه إحدى الآبار، مؤكدا أن ذلك عار عن الصحة ولا أساس له، لا يعني أن كوادر الوزارة لم تضبط آبارا مخالفة تعود لورثة والد أحد النواب وإخوانه، يسرقون المياه ويبيعونها.
ماذا سيكون موقف الوزير الذي دعا الى توخي الدقة والتحقق من الإشاعات غير الدقيقة التي فيها اغتيال للشخصية، عندما يقوم أحد موظفي الوزارة بتسريب التقرير، كما تم تسريب تقرير معلولية الوزير ذاته.
المصيبة أن الوزير عويس يمنح أعضاء مجلس النواب جميعهم أوسمة الاحترام والتقدير على الدعم الكبير الذي قدموه لوزارة المياه وكوادرها لإنجاح حملاتها وحماية مصادر المياه على مدى الفترة الماضية، وهو يعلم جيدا ان كوادر الوزارة دخلت في الخامسة فجرا برفقة خمس مدرعات من الدرك مزرعة ومنزل نائب في أيار العام الماضي لضبط الآبار المخالفة ووقعت اشتباكات مسلحة مع عمال وحرس المزرعة.
كانت خطوة ذكية جدا عندما أعلنت وزارة المياه العام الماضي أنها ستنشر بالأسماء الصريحة الرباعية، كل من يتم ضبطهم يسرقون مياه الدولة، وهذا السلوك الإعلامي ردع كثيرين عن الاستمرار في ممارساتهم.
كما كانت خطوة أكثر ذكاء عندما أعلنت الوزارة نيتها توجيه إنذارات خطية إلى شخصيات سياسية من بينهم وزراء ونواب ومسؤولون سابقون وضباط متقاعدون وجمعيات، لسداد ما هو مستحق عليهم من ذمم مالية للوزارة، خاصة أن ضبط بعض المسروقات تم عبر صور الأقمار الاصطناعية بالتعاون مع مؤسسات عالمية، حيث تمت قراءة العدادات ومراقبة الآبار والمساحات المزروعة المروية ونوع المحصول والطاقة الكهربائية.
الذين يتحدثون صباح مساء عن ضرورة إعادة الهيبة للدولة، ويمارسون «شو» إعلاميا في ذلك، عليهم ان يعرفوا جيدا ان اهم ما يعيد الهيبة للدولة هو تطبيق القانون على الجميع، وان اللجوء الى سياسات الترضية والطبطبة هو الذي يدمر هيبة الدولة، وما فعلته وزارة المياه في فترات سابقة وتشديدها على إنفاذ القانون على الجميع وفي قضية حساسة ومصيرية للاردن البلد الأكثر فقرا في المياه، هي الخطوة العملية المباشرة في إعادة الهيبة للدولة.