الثعلبة السياسية في الأردن

"الثعلبة السياسية" في الأردن

المغرب اليوم -

الثعلبة السياسية في الأردن

أسامة الرنتيسي


قبل سنوات، وتحديدا في 20 مارس 2013، وأمام قيادات الأحزاب السياسية الاردنية وخلال لقاء مشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة، نحت رئيس الوزراء الاردني عبدالله النسور مصطلحا جديدا  فقال: المرحلة الجديدة بحاجة إلى صفحة نظيفة لا علاقة لها بـ" الثعلبة السياسية".

بعد هذه السنوات ثبت فعلا ان المرحلة التي نعيشها لا تحتاج إلى "الثعلبة السياسية" بل إلى الوضوح والمكاشفة، لأن حجم القلق والارتباك الذي تمر به المؤسسة الرسمية حيال تفاقم الأزمات الاقتصادية والسياسية في البلاد، وفي المحيط العربي، ظاهر للعيان، وبدأ يطفو على السطح بكل وضوح.

والقلق في كيفية ترتيب البيت الداخلي بما يتوافق مع استمرار النهج المحافظ ذاته والسياسات الاقتصادية نفسها، من دون تقديم أي استحقاقات ضرورية تذكر، بضاعة لم يعد يشتريها أحد.

فالتصدي للمديونية وعجز الموازنة لا يكون حسب الاجراءات الرسمية، إلا برفع أسعار المواد الأساسية، التي لا غنى عنها للمواطنين، مثل المحروقات والكهرباء والمياه، وربما الطحين، وما يتبع كل ذلك من توالي الارتفاعات على المواد الاستهلاكية، وبعد كل هذه القرارات تجاوزت المديونية الاردنية الخطوط الحمر وهي في طريقها لان تصل نسبتها إلى 90 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي، حيث تضاعفت المديونية في الفترة الزمنية ما بين استلام حكومة الدكتور عبد الله النسور والفترة الحالية ( من 16,5 مليار دينار الى 23 مليار دينار) (30 مليار دولار) المتوقع في نهاية عام 2015.

لقد فات وقت طويل، أصرت فيه المؤسسات الرسمية للحكم على عدم الاستجابة لاصلاحات جادة وشاملة للمستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فهذا هو الطريق الوحيد المضاء للخروج من ظلمة أزمات الفقر والاحتقان السياسي وغياب المشاركة الشعبية في صنع القرار.

الغريب انه ورغم كل المتغيرات التي وقعت وتقع يوميا داخل البلاد وفي المحيط العربي، الا ان هناك اصرارا على تجاهل التعامل مع استحقاقاتها، لا بل يُجرى الالتفاف عليها وإحكام القبضة المركزية على كل مفاصل الحياة السياسية.

عدم النظر الى التداعيات الاجتماعية لارتفاعات الأسعار، وعدم الالتفات إلى معالجات وطنية جادة لأزمة المديونية والعجز مثل اعادة النظر في خصخصة قطاع النفط، وتغيير أنظمة البناء لاستخدام الطاقة الشمسية، وملاحقة تحصيل الضرائب، يفتح خزائن الفوضى واليأس من اصلاح الاوضاع في البلاد، ويؤثر على استقرار البلاد، والسير بها الى المسارات الخطرة.

في الايام القليلة الماضية، شاخت الحكومة الاردنية، وهرمت كثيرا، واضطر رئيسها ان يتراجع عن قرارات رفع اسعار الغاز ورسوم المركبات، بعد ان شعر بحجم الغضب الشعبي في صدور الاردنيين، ومع كل هذا، إلا ان حجم التفاؤل بالتغيير في العقلية التي تدار بها السياسات الرسمية في ادنى مستوياته، لان التجارب السابقة قاسية، والحكومات في السنوات الاخيرة كانت بلا دسم سياسي، ولا يتعدى دورها تصريف وادارة أعمال الدولة.

لن نتجاوز المرحلة الحالية الى بر الامان من دون استراتيجية اصلاحية شاملة في برنامج الحكومة، وعقل الدولة، وانجاح حوار وطني اقتصادي، ينتشل البلاد من أزماتها الخانقة ويحررها من شروط أدوات الرأسمالية العالمية، واملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثعلبة السياسية في الأردن الثعلبة السياسية في الأردن



GMT 18:56 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 18:54 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 18:51 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 18:49 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 18:47 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 18:44 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 18:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

أميركا والفضائيون... أسرار الصمت المدوي

GMT 18:38 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 16:06 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجات لم يشفع لها الذكاء الاصطناعي في 2024

GMT 08:33 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الطقس و الحالة الجوية في تيفلت
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib