رشيد نيني
ينظم تقاعد البرلمانيين بالقانون رقم 24 – 92 المتعلق بإحداث نظام المعاشات لفائدة أعضاء مجلس النواب، والذي تم تمديده إلى أعضاء مجلس المستشارين بمقتضى القانون رقم 53 – 99 من طرف الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين، والذي ينص على أن البرلماني يتقاضى 1000 درهم عن كل سنة خدمة وهو عمري، ويبلغ مجموع مبلغ الاشتراك في الصندوق 5800 درهم شهريا عن كل برلماني. وتحدد واجبات الاشتراك بالنسبة للنواب والمستشارين في 2900 درهم شهريا، وتحدد مساهمات الدولة من الميزانية المرصودة لمجلس النواب ومجلس المستشارين في المبلغ المذكور نفسه، أي 2900 درهم شهريا، ويحدد المعاش الشهري لأعضاء مجلس النواب وأعضاء مجلس المستشارين في مجموع 1000 درهم عن كل سنة تشريعية كاملة، وهو مبلغ صاف معفى من الضريبة العامة على الدخل ولا يخضع للتصريح.
نظام تقاعد البرلمانيين إجباري، ويشمل وجوبا كل من انتخب في المجلسين بغض النظر عن انتماءاته الفئوية، ويسير النظام من طرف الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين التابع للصندوق المغربي للإيداع والتدبير، بمقتضى اتفاقيتين منفردتين، تم إبرام الأولى مع مجلس النواب سنة 1994، والثانية مع مجلس المستشارين سنة 2000.
وكان القانون قبل تعديله سنة 2005 يحدد المعاش النيابي الشهري للبرلمانيين في 5 آلاف درهم بالنسبة للنائب أو المستشار الذي زاول فترة تشريعية كاملة، و7 آلاف درهم بالنسبة للنائب أو المستشار الذي مارس فترتين تشريعيتين كاملتين، و9 آلاف درهم بالنسبة للنائب أو المستشار الذي زاول ثلاث فترات تشريعية كاملة أو أكثر. وبعد تعديل القانون تم تحديد مبلغ المعاشات العمرية للبرلمانيين في ألف درهم شهريا عن كل سنة تشريعية، على ألا يتجاوز مبلغ المعاش 30 ألف درهم شهريا، وتم الرفع من مبلغ واجبات الاشتراك الشهرية لكل من الدولة والمستفيدين وتحديده في 2900 درهم عوض 2400 درهم سابقا.
وعندنا في المغرب فقط يخرج البرلمانيون بتقاعد مريح دون استكمالهم لولاية كاملة، كما يخرج برلمانيون بتقاعد مدى الحياة، عن سن لا يتجاوز 23 سنة. وهناك الكثير من الدول التي تتوفر على أنظمة تقاعد خاصة بالبرلمانيين، لكنها تشترط فيها سنا معينا للاستفادة من المعاش، مثلا مجلس الشيوخ الكندي يشترط 75 سنة أو 60 سنة مع قضاء 6 سنوات من الانتداب، وبرلمان فرنسا وبلجيكا يشترط 62 سنة، وألمانيا 63 سنة، واللوكسمبروغ 60 سنة أو 30 سنة من الانتداب، أو سنة من الانتداب في حالة تعرض البرلماني لعاهة مستديمة، أثناء مهامه، والولايات المتحدة الأمريكية تشترط 62 سنة مع 5 سنوات من الخدمة، أو 50 سنة مع 20 سنة من الخدمة، أو 25 سنة من الخدمة مع عدم اعتبار السن. دولة الكامبودج تشترط 60 سنة، وهناك دول لا توفر أي معاش للبرلمانيين، مثل روسيا وتشاد والأردن والكونغو وبوركينافاصو، كما أن هناك دولا تطبق النظام لكن باقتطاع المساهمات في التقاعد من تعويض البرلماني دون مساهمة الدولة.
والغريب في الأمر، أن هناك برلمانيين ملحقين بالبرلمان، لأنهم كانوا موظفين بالوظيفة العمومية، وعند انتخابهم بأحد مجلسي البرلمان، يصدر رئيس الحكومة قرار الإلحاق باقتراح من الوزير المعني بالأمر بعد تأشيرة الوزير المكلف بالمالية والوزير المكلف بالوظيفة العمومية. وينص القانون التنظيمي لمجلس النواب والقانون التنظيمي لمجلس المستشارين على أنه، عند انتهاء مدة الانتداب، يعاد المعني بالأمر تلقائيا إلى سلكه بإدارته الأصلية، ولكن يستفيد في الوقت نفسه من معاش البرلماني، وهذا هو الريع بعينيه.
أما حزب الحركة الشعبية فـ«خرج لها نيشان»، ففي الوقت الذي ينتظر المغاربة تقديم مقترح قانون لإلغاء تقاعد البرلمانيين والوزراء، تقدم فريق هذا الحزب بمجلس المستشارين، بمقترح قانون يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 24 – 92 المتعلق بإحداث نظام المعاشات لفائدة أعضاء مجلس النواب، والذي تم تطبيق أحكامه على أعضاء مجلس المستشارين. يطالب الحزب من خلال المقترح بتوريث معاشاتهم لزوجاتهم وأبنائهم بعد وفاتهم. «هادي هيا ما قدهم فيل زادوهم فيلة». ويتضمن مقترح القانون تعديل المادة بإضافة فقرة تنص على أنه «في حالة الوفاة يصرف المعاش إلى الزوجة الأرملة أو الزوجات الأرامل أو الزوج الأرمل والأيتام، طبق الشروط المنصوص عليها في الأنظمة المتعلقة بالمعاشات المدنية». كما يقترح البرلمانيون تعديل المادة 17 بإضافة «إن المعاشات الممنوحة بمقتضى هذا القانون لا يمكن حجزها لتسديد الديون، ما عدا ديون الدولة أو المؤسسات العمومية أو الجماعات المحلية أو ديون النفقة».
وبالإضافة إلى المعاشات، يستفيد البرلمانيون من ثلاثة أنواع من التأمينات، وهي التأمين على المرض، ويستفيد البرلمانيون وذووهم من عقدين من التأمين على المرض، عقد التأمين الأساسي على المرض، ويمكنهم من الاستفادة من التعويض عن الأمراض، وعقد تكميلي للتأمين على المرض الخاص بالبرلماني الذي لا يتعدى عمره 70 سنة، فضلا عن التأمين على السفر، ويخول الاستفادة من التعويضات عن المرض العرضي خارج وداخل أرض الوطن، وكذا تحمل نفقات أعطاب السيارات.
كما يستفيد البرلمانيون من التأمين على الوفاة، حيث يؤدي البرلمان من المال العام واجبات الاشتراك كاملة بالنسبة للتأمين على الوفاة، والمحددة في 3200 درهم بالنسبة لأقل من 65 سنة، ويبلغ التعويض 75 مليون سنتيم، و9928 درهما بالنسبة لما بين 65 و70 سنة، وتبلغ قيمة التعويض 40 مليون سنتيم، وتساهم الدولة بـ9450 درهما للبرلمانيين الذين يفوق سنهم 70 سنة، ويحصلون على تعويض 10 ملايين سنتيم.
هكذا يظهر لنا أن السادة البرلمانيين قد ضمنوا معاشاتهم وأمنوا أنفسهم ضد كل عوادي الزمن، ولذلك لم يعد يهمهم أمر بقية أفراد الشعب الذين يناضلون من أجل وظيفة تحفظ ماء الوجه.
هذا إذا لم ينشغل بعض هؤلاء البرلمانيين بالدفاع عن ملفاتهم الخاصة تحت قبة البرلمان، على شكل أسئلة أو المطالبة بخلق لجان تقصّ، وهذه قصة أخرى سنعود إليها بالتفصيل، حتى يعلم بعض الأساتذة البرلمانيين، الذين تنفك عقدة لسانهم ويصبحون «قباح» بمجرد ما تأتيهم مراجعة ضريبية، أننا لسنا حائطا قصيرا لكي يحاولوا القفز فوقه بهذه الخفة.