رشيد نيني
عبد الإله بنكيران رجل محظوظ لأنه رئيس حكومة في المغرب، ولا يتعرض سوى للنقد. لأنه «كون كان رئيس حكومة في دولة أخرى لوكان شبع غي تمرميق».
فرئيس الحكومة الفرنسي فرانسوا هولاند تعرض لضربات بـ«الطرطة» على وجهه أكثر من مرة، وبرلسكوني الرئيس الإيطالي تعرض لتخريب فمه وتكسير أنفه بمنحوتة برونزية صوبها نحوه محتج، وقبل أيام تلقى ماريانو راخوي، رئيس الوزراء الإسباني، ضربة لـ«جضارة لودن» من طرف قاصر عمره سبع عشرة سنة.
عندنا يقول رئيس الحكومة إن زمن «الظرافة» انتهى في المجالس الحكومية، وكل وزير يريد أن يتكلم عليه الالتزام بجدول الأعمال، فهل التزم بنكيران بجدول الأعمال الذي وعد به الشعب أثناء الحملة الانتخابية؟
عندما يطلب رئيس الحكومة من وزرائه الالتزام بجدول الأعمال في المجالس الحكومية، فإنه يترك لهم الحرية لكي يشرعوا أفواههم في التلفزيونات لكي يقولوا الحماقات ويسخروا من ذكاء الشعب.
مثل هؤلاء الوزراء الشيوعيين «ديال تواخير الزمان»، الذين كلما فتح واحد منهم فمه إلا وارتكب تصريحا مقرفا، فوزير «قلة الشغل» قال إنه كان يسرح البهائم عندما كان طفلا واليوم أصبح يسرح المغاربة. ووزيرة «الما والزغاريت» قالت إن تقاعد 8000 درهم ليس سوى «جوج فرنك»، وإن النقاش حول هذا الموضوع شعبوي.
وعندما جاءت زميلتها الحيطي وزيرة البيئة لمساعدتها «طبزت ليها العين»، وقالت إنها تشتغل 22 ساعة في اليوم، أي أن الوزيرة لا تنام أكثر من ساعتين، مع أن الكائن الوحيد الذي لا ينام سوى ساعتين في اليوم، حسب قناة «ناشيونال جيوغرافي»، هو «بوبريص».
ويبدو أن الوزيرة الحيطي نسيت كيف تركت الشرقي الضريس ينتظر في اجتماع رسمي، بعدما غدرها النعاس في غرفتها، ونسيت كيف تركت وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في قمة المناخ يبحث عنها لأخذ الصورة الجماعية بينما كانت قد اختفت، وربما غدرها النعاس هذه المرة أيضا، مما عرضها لـ«تجباد الودنين»، والذي يبدو أنه لا يؤثر فيها لأن السيدة «موالفة التجباد».
وحتى تستدر عطف المغاربة قالت إن نفسية شرفات أفيلال «الله بوحدو اللي عالم بيها». ونفسية الشعب مسكين «اللي هابطة تحت الصفر ما عليهاش الله»؟
والواقع أن الوزيرة الحيطي لا تنام كثيرا، لأن جمعها بين عملها الوزاري وتسيير شركتها عن بعد يكلفها ساعات طويلة من العمل.
ومؤخرا جددت عقدا مع بلدية مكناس قبل أن ينتهي أجله بأربعة أشهر، حتى تضمن سنة من العمل لشركتها طوال 2016.
وقد كان رئيس البلدية السابق كريما مع الوزيرة عندما جدد لشركتها عقد «المصاحبة التقنية» مع البلدية قبل ذهابه، فهذه هي المصاحبة… التقنية وإلا فلا.
ما اقترفته وزيرة «الما والزغاريت» ليس سوى عنوان كبير لسلسلة خرجات «خضراء» لوزراء حكومة بنكيران، تعطي الدليل الملموس على أن هذه الحكومة، التي تشارف على السقوط، خرجت من الخيمة مائلة قبل أربع سنوات.
إنهم لا يكتفون فقط بإغراق البلد في المديونية ورهن أبناء المغاربة، بل إنهم فوق ذلك يسخرون منهم ويحتقرون ذكاءهم.
وزيرة الما والزغاريت شرفات أفيلال، التي عوض أن تنشغل بإخراج المخطط الوطني للماء بعد دخول المغرب زمن السنوات العجاف مناخيا، قالت إن تقاعد 8000 درهم ليس سوى جوج فرنك، فيما مدام الحقاوي، وزيرة الأسرة والتضامن، تركت الناس ينتظرونها في اجتماع رسمي وذهبت لكي تحصل على درع تكريمي في حفل.
أما وزير الداخلية فعوض أن يعكف على تسوية وضعية المقدمين، سمعناه يفتخر بأن المقدمين والشيوخ يشتغلون أربعا وعشرين ساعة براتب لا يتعدى 1300 درهم، ويقول إن دولا جربت العمل بنظام «تامقدميت» وفشلت.
طبعا ستفشل يا سيادة الوزير، وهل هناك في كل الكرة الأرضية دولة تحترم نفسها ستقبل بتشغيل موظفيها أربعا وعشرين ساعة مقابل مائة أورو في الشهر؟
ما يسميه وزير الداخلية تضحية لديه في الحقيقة اسم آخر هو الاستغلال.
وفي الوقت الذي يشتغل فيه وزراء الشعب باللعب على الكلمات، ينشغل آخرون، ومع اقتراب نهاية ولاية حكومة عبد الإله بنكيران، بتخليد «موسم إطلاق البوابات الإلكترونية الجديدة» لوزاراتهم، خصوصاً المنتمين إلى حزب العدالة والتنمية، وعياً منهم بالدور الذي قد تلعبه الخدمات التي تقدمها شبكة الإنترنيت، وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، في تلميع صورهم، ومنحها بريقاً، إذ بعدما لم يتمكنوا طيلة الأربع سنوات التي قضوها على كراسي الوزارات الوثيرة من تزيينها، اضطروا لفعل ذلك، من خلال خدمات «النيت».
فبتاريخ 29 أكتوبر الماضي، أطلق مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، في حفل كبير، ما قال عنه «خدمات رقمية جديدة بوزارة الاتصال»، في إطار ما سماه «مشروع تحويل وزارة الاتصال إلى إدارة رقمية متكاملة ومندمجة على المستويين الداخلي والخارجي»، ليأتي بعد أربعة أيام من ذلك، وبالضبط في 03 نونبر الماضي، كل من لحسن الداودي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، وجميلة المصلي، وزيرته المنتدبة، لإعطاء انطلاقة موقع الوزارة الجديد، الذي دشنته الوزير المصلي التي «بلاصات» الوزيرة السابقة سمية بنخلدون.
بسيمة الحقاوي، وزيرة الأسرة والتضامن والتنمية الاجتماعية، بدورها أطلقت بوابة وزارتها الإلكترونية، بعدما كانت قد أجلت ذلك من أجل حضور حفل تكريمها، إلى جانب أسماء وشخصيات أخرى، في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي الثالث لمنظمة المجتمع المدني الدولية لقيم المواطنة. فالموقع الإلكتروني الذي ستطلقه الوزيرة الحقاوي، يعود إعلان طلب العروض المفتوح الخاص به، والذي يحمل رقم 2013/14، إلى سنة 2013، بحسب ما أعلنه حينئذ قسم الميزانية والتجهيز، التابع لمديرية الموارد البشرية والميزانية والشؤون العمومية، التي كان يديرها آنذاك عادل النجار، قبل إعفائه بسبب معارضته لتوجه الوزيرة، وجاء بعده المصطفى المجذوبي المقرب من العربي التابت الكاتب العام للوزارة، ليتولى تركة هذا الموقع الإلكتروني، ويعلن أنه في يوم 08 أكتوبر 2013، في تمام الحادية عشرة صباحاً، سيتم فتح الأظرفة المتعلقة بطلب العروض الخاص بـ«الحلة الجديدة» للموقع الإلكتروني للوزارة، والذي نالت شركة يوجد مقرها في الدار البيضاء صفقته، وهو ما تم فعلاً وبدأ مهندسوها في «تحديثه» منذ ذلك الحين، ولم يكملوه إلا بعد مرور ضعف الوقت المخصص لهم.
القيمة المالية الإجمالية «السخية» التي مرت بها الصفقة، بلغت 301440.00 درهما، وهو مبلغ مالي كاف لإنجاز عشرة مواقع إلكترونية، تكون أكثر تفاعلية.
وفوق كل هذا، ورغم كل الكوارث التي يرتكبها بنكيران ووزراؤه، فإنهم يتأففون ويتضايقون من انتقادات الصحافة وسخرية مواقع التواصل الاجتماعي.
عليهم أن يكمدوها ويحمدوا الله ويسكتوا، لأنهم لو كانوا في دولة أخرى يتم فيها احترام القانون وتقديس المال العام، لكانوا هم من سيقف في ردهات المحاكم وليس نحن.
«عندكم الزهر طحتو فالمغاربة دراوش».