من لا يعرفون “الأحداث المغربية” أو “أحداث.أنفو” يعتقدون أن الأمر يتعلق بجريدة وبموقع يشبهان ماعداهما من الجرائد والمواقع.
بمسؤولين متكلسين لا يبتسمون، يمتطون المصاعد لوحدهم لئلا يختلطوا بمن يشتغلون معهم، بموظفين خائفين يتمنون صباح مساء أن يبتسم لهم المسؤول المباشر عنهم، وبتعليمات فوقية وتحتية ومن الوسط تأتي من كل مكان توحي بما يجب ومالايجب أن ينشر في الجريدة وفي الموقع وفي كل الأشياء التي ترتبط بهما.
هذه الصورة تسعى كتائب الإخوان المسلمين في المغرب عبر الأنترنيت لإدخالها إلي الأذهان قسرا وعنوة، لأن هاته الكتائب تربت داخل هاته الأجواء، ولم تعرف غيرها، وهي تشتغل بمنطق الشيخ والمريد أي بمنطق الصحافي الذي لم يكن ممكنا أن يكون صحافيا في جريدة الحزب أو الحركة وفي موقع الحزب أو الحركة لو لم يكن أولا وقبل كل شيئا عضوا منخرطا وفعالا، ولو لم يأتمر يوميا وآناء الليل وأطراف النهار بتعليمات الشيخ الأول ثم للشيخ الثاني ثم الشيخ الثالث وهكذا دواليك…
لذلك نقرأ مبتسمين في غير ما موقع تافه وغير ما جريدة باهتة أن (جريدة الشرعي) قالت كذا وأن (موقع الشرعي) قال كذا، ونضحك ملء القلب، ونقول إنهم لا يعرفوننا، وأنه من حسن حظنا أنهم لا يعرفوننا لذلك يرتكبون كل هاته الأخطاء..
الشرعي أتى إلى هذه المؤسسة بعد إنشائها بعشرة سنين، وقد التحق بالمشروع مساهما فيه ضمن آخرين بعد إيمانه بالمشروع، وبعد اقتناعه بدفاع الأحداث المغربية عن تصور مجتمعي للمغرب قوامه الإيمان الحق لا الإيمان بالكلام فقط بالشعار الوطني “الله الوطن الملك”، والعمل يوميا لتثبيت هذا الشعار قولا وفعلا في كل لحظات الحياة..
لذلك ونحن ننشر مانشرناه عن قضية “السيدة اعتماد الزاهيدي” و”السيد عبد الله بوانو” بعد تحقيق مستفيض بدأ منذ أشهر عديدة، وشاءت له صدف الحياة أن ينشر عشية الحملة الانتخابية – وفي كلِّ خير على كل حال – كنا نلتزم بما نعرفه من عملنا الصحافي، وماتعلمناه من أبجديات المهنة، وما أمضينا سنوات طويلة في تشربه من خيرة أساتذة الميدان..
من هاته المدرسة مر كبار الصحافة المغربية، وعلى أيديهم تعلم من يسيرون “الأحداث المغربية” اليوم أبجديات المهنة، وتعلموا أخلاقيات الحرفة، وتعلموا احترام الإنسان ولا يمكنهم إطلاقا أن يتلقوا دروسا من باعة ضمائرهم، ولا من عابري السبيل ولا من الذين يتصيدون الهفوات لأنفسهم قبل الآخرين.
هذه المدرسة التي انتمى إليها المساهمون الشرعي والبكوري وفسوان ومساهمون آخرون، انتماء فكريا وحضاريا قبل الانتماء المادي، وقرروا من خلال انخراطهم فيها أن يعلنوا الانتماء للمغرب فخورة – يوما بعد الآخر – أن تقدم الدروس تلو الدروس في الانتماء للوطن لا للجماعة، في الوصول إلى الخبر قبل الآخرين، في نشر الخبر بعد التيقن منه وإن توفر لها أشهرا كثيرة قبل نشره وفي عدم بيع البلاد لأول مشتر مثلما فعل عدد من زملاء المهنة الذين أنشؤوا الدكاكين الصحفية فقط لكي ينفخوا في أرصدتهم البنكية، ولكي يصبحوا أغنياء بعد أن كانوا فقراء ولكي يخرجوا الأعين في الجميع لئلا يسألهم هذا الجميع “من أين لكم هذا؟”..
نحن هنا في “الأحداث المغربية” وفي “أحداث.أنفو” واضحون، ندافع عن الانتماء الحداثي للبلد، ندافع عن حرمة المؤسسات الدستورية، ندافع عن بعض من مقاومة لمد رجعي يريد تقديم نفسه باعتباره البديل الوحيد، ندافع عن حق المواطن المغربي في الخبر، في المعلومة، ندافع عن ضرورة مساءلة أي مسؤول حزبي مهما كان صوت حزبه عاليا، إذا ما اقترف شيئا يستحق المساءلة، ونمنح أنفسنا فرصة الاختلاف مع بعضنا البعض وفرصة التعبير عن هذا الاختلاف علانية في مواقع التواصل الاجتماعي دون أن نطرد من عبر عن ذلك الاختلاف، دون أن نعاقبه، دون أن نمنعه من الكتابة، ودون أن نفعل معه ما يفعله الآخرون في دكاكينهم دون أدنى ذرة حياء..
لدينا مايثبت ماقلناه وكتبناه، ولم ننشر حرفا واحدا إلا بعد أن تأكدنا ومستعدون للمساءلة أمام قضاء بلادنا وأما قضاء أصدقائنا الفرنسيين، ومستعدون إذا ما أراد السيد بووانو ورفيقته السيدة الزاهيدي الذهاب إلى لاهاي أن نقف أمام محكمة العدل الدولية…
فقط نتمنى ألا يقولوا لنا في أي لحظة من لحظات هذا الهروب إلى الأمام وهذا التحدي الكبير “رجاء لا تنشروا مالديكم”.
قد لانستطيع حينها، وقد نجد أنفسنا مضطرين فعلا للضغط على أنفسنا واستحلال أعراض من يقولون لنا اليوم إننا استحللنا أعراضهم فقط – رغم أننا لم نفعل لحد الآن – لأننا نشرنا حقيقة كان المشهد السياسي المغربي في أغلبيته يعرفها، وكان ينتظر فقط من يعلنها على رؤوس الأشهاد، وقد كنا – كالعادة أكاد أقول – في الأحداث المغربية وفي “أحداث.أنفو” سباقين إلى قولها وتحمل كل المسؤوليات وكل التبعات فيما سيترتب عنها.
ليست أول معركة نخوضها ضد الظلام، فقد تأسسنا سنة 98 لأجل هذا الأمر، وهانحن قرابة العشرين سنة بعد التأسيس نواصل المعركة رغم كل ماتلقيناه من ضربات دلالة انتماء فعلي للمكان، ودلالة انتساب فعلي لمن ينتسبون إليه حقا لا لمن يدعون ذلك فقط…