بقلم : المختار الغزيوي
لسمية ابن كيران ما لبقية بنات وأبناء الشعب المغربي من حقوق ومن واجبات. لها حق التوظيف وحق اجتياز المباريات لدخول الوظيفة العمومية، بما فيها المباريات الخاصة بالأمانة العامة للحكومة التي يرأسها والدها.
من هذه الناحية لا إشكال إطلاقا، ولاحديث، ولا مجال لأي “بوليميك” من أي نوع كان
بالمقابل من حق أي شاب فقير أو شاب فقيرة في أقصى دوار في البلد أن يرى في توظيف إبنة ابن كيران مساسا بحقه في العمل، وتفضيلا لإبنة رئيس الحكومة، وتأكيدا لذلك المنطق المغربي المعيب أن “اللي عندو خالتو فالعرس عمرو مايبات بلا عشا”.
سمية لا خالة لها في العرس الحكومي، سمية لديها والدها “كامل” – أدامه الله لها – علي رأس هذا العرس الحكومي المغربي الناتج عن انتخابات 2011 وما أدراك ما انتخابات تلك السنة الغريبة من حياة الناس. لذلك هناك شيء مزعج في القضية ككل
شيء يسمى “شبهة استغلال الإسم العائلي والمنصب الحكومي” استغله معارضو ابن كيران لكي يحاربوه بنفس سلاحه عبره، وهو سلاح الشعبوية المقيت.
كم مرة أتى ابن كيران إلى البرلمان سواء وهو في المعارضة أو وهو يرأس الحكومة لكي يطلق كلاما شعبويا كثيرا على عواهنه ودونما بينة أو دليل أو على الأقل دون أن يقدم نماذج واضحة علي مايقول بخصوص خصومه وعائلاتهم وأبنائهم.
هل تتذكرون أموال ومنازل الخارج وكيف قالها في قلب البرلمان لقياديين استقلاليين في وجوههم دون أن يطرح نموذجا واضحا محددا ودون أن يمارس صلاحياته التي يعطيه إياها الدستور ومنصبه ويأمر النيابة العامة بالتحرك؟
ابن كيران أقسم لمن تحدثوا معه عن موضوع سمية أنه والسيدة والدتها فقط رفقتها هي طبعا من كانوا على علم بأنها تقدمت لامتحان الوظيفة. ربما هو صادق في الكلام. لكن أكيد أن عددا آخر من موظفي الأمانة العامة كانوا على علم بأن ابنة رئيس الحكومة تقدمت لشغل المنصب، وأكيد أنهم وهم يتولون مراجعة ملفها كانوا يقولون لأنفسهم “إنها ابنة ابن كيران”، وهو مايدخل في إطار الحلال البين الذي لا نقاش حوله لكن الذي تمسه المتشابهات التي أمرنا الحديث بالابتعاد عنها.
تماما مثلما مست المتشابهات تعيين زوج برلمانية من البيجيدي، وتعيينات لزوجات وزراء من البيجيدي وتعيينات لزوجات مستشارين من البيجيدي، وامتيازات أخرى تتيحها الحكومة اليوم، لمن كانوا يقولون لنا قبل الانتخابات إنهم “لن يستغلوا أبدا امتيازات المرور من فوق الكرسي وسيبقون مثل الشعب المغربي وأبنائه حتى نهاية المطاف”.
لو كنت مكان ابن كيران لوظفت إبنتي في المدرسة الخاصة التي كنت أسيرها قبل الاستوزار، أو لطلبت منها الابتعاد عن الوظيفة العمومية مثلما يطلب ذلك من كل بنات وأبناء الشعب المغربي، ولنصحتها بالمغامرة في القطاع الخاص والتوظيف بالكونترا، وبقية الكلام الذي يقوله لأبنائنا وبناتنا يوميا.
لكنني لست مكان ابن كيران، وسمية عند عبد الإله ليست في مكانة أبناء وبنات هذا الشعب، لذلك عادي أن تكون اليوم في قلب كل هاته الزوبعة. لنعتبرها زلة أب مقبولة، ولنردد مع المغاربة مايقولونه في المأثور “الله يسمح لينا من حق الوالدين”، خصوصا إذا كان هؤلاء الوالدين أول من أدخل الشعبوية ونقاشاتها الظالمة إلي المشهد السياسي المحلي.
أخيرا لنتذكر أن رئيس الحكومة الذي سبق ابن كيران إلى منصبه، وظف إبنه…مديرا لقناة تلفزيونية بالكامل، دون مباراة ودون أن نكون قد تعرفنا عليه نحن في الصحافة ولو ليوم واحد. لذلك لا تخرج قبل أن تقول سبحان الله، وحوقل كثيرا وأنت ذاهب، فهؤلاء هم سياسيو المغرب في نهاية المطاف.
سمية، أي بنيتي، لا أحد يريد تجريدك من جنسيتك، ولا من حقوقك كمغربية. فقط قولي لوالدك أنه ملزم أولا بعدم تجريد أبناء الآخرين من أى شيء، لئلا يمسه في النهاية ظلم مس العديدين قبله بسبب نفس داء الشعبوية الفتاك…