المختار الغزيوي
أتحف رجل من التوحيد والإصلاح الفيسبوك المغربي يوم الإثنين، بتدوينة عن مضار الساعة الإضافية انفرد فيها – والحق يقال – بضرر لم يتحدث عنه أحد من قبله، هو ضرر هاته الساعة على القدرة الجِماعية للفرد المغربي .
وقد شرح الرجل في تدوينته غير المسبوقة مضار ومساوئ الساعة على الصلاة أولا ثم على الجماع ثانيا، وخلص – لا فض فوه – إلى أن وزير الوظيفة العمومية صديقنا اللطيف مبديع – حسب تدوينته – “ماعندو لا معا الصلاة لا مع الجماع”.
التدوينة – وفي إطار “قلة مايدار” العامة التي تجعلنا نحن أيضا نكتب عنها – شغلت الرأي العام الفيسبوكي الوطني، وهو رأي عام ينشغل عادة بمثل هاته الأمور، ويجد لها وفيها وبها وعنها ومعها حماسا منقطع النظير، وحركت أقلام العديدين، وأثارت سخريتهم، واستفزت حاسة الضحك لديهم، وعلى هذه لوحدها يستحق الرجل ألف تحية – دون استهزاء – لأنه أصبح نادرا أن تعثر على شخص في هذا البلد يستحث في القوم حاسة السخرية وهي أذكى الحواس ، وفي هاته تميز الرجل.
بالمقابل لابد من الانتباه إلى أن الموضوع أثار ما أثار لأنه يتعلق بالجنس، وهذا الغول لازال في الأذهان منا معششا بكل عظمته قادرا على أن يحرك الجموع، وأن يدفع مخيلتها إلى الحديث، ولازال مشكلا حقيقيا نرى آثاره انحرافات عديدة كل يوم وجرائم غريبة، وتشنجات وصراعات لا تفسير لها إلا قلة إرواء الظمأ في هذا المجال
وطبعا حين يقول هذا الكلام شخص من الصف المحسوب على الحداثيين. يقال له إنه إباحي ديوث منحل رويبضة متفكك يريد بث سموم الفتنة الجنسية بين الناس ويريدها فوضى جسدية لا تبقي ولا تذر. لكن عندما يتطوع صديق من أصدقائنا من أهل “علوم النكاح والجماع” ويغلف الحديث كله بلكنة دينية يصبح مستحبا الإنصات إليه، فهو ينفس عن الناس ويجيب على أسئلتهم، وييسر لهم السبل لكي يجدوا إلى المتكئات سبيلا.
وأفضل الأمثلة أو أكثرها سوءا – حسب نظرتنا للأمور – البرنامج الذي حطم كل الأرقام في قناة الجزيرة القطرية، وهي أشهر القنوات الإخبارية عند العرب، وهو ليس برنامجا سياسيا، ولا حوارا مع مفكر أو علامة، ولا انفرادا بالتحقيق عن بلد ما، لكنه حلقة من حلقات برنامج “الشريعة والحياة” لطيب الذكر المزواج المطلاق يوسف القرضاوي الذي يقال – والله أعلم على كل حال- إنه يشغل منصب رئيس اتحاد العلماء المسلمين، والحلقة كانت عن الجنس وعن الحلال والحرام في الإسلام بخصوصه، منقولة عن كتاب القرضاوي الشهير الذي حطم كل الأرقام القياسية في المبيعات لدى شباب الحركة الإسلامية فقط لأنه أباح لهم إخراج الأذى والفصد أي رفع التحريم عن العادة السرية في أوساطهم، فأراح القوم واستراح هو الآخر بالمناسبة
هذا الموضوع الجنسي هو أس البلاء، وهو بداية الحكاية ونهايتها للأمة التي لم تعرف بعد كيفية التعامل معه، حتى أنها جعلته حلمها لدخول الجنة من خلال الانفجار في الآخرين من أجل نيل سبعين حورية عذراء قرب وديان الخمر وما إلى ذلك
واليوم، وإذ نجد أنفسنا على قارعة الطريق الحضاري، وعلى ناصية كل ماتخترعه الأمم الأخرى من تقدم وتطور، عالقين مع أناس يرون أن الساعة الإضافية تسبب مضارا على أوقات الجماع، لابد من الصراخ مجددا متوسلين لدكاترة النفس عندنا وأطبائها أن “ديروا خدمتكم” أيها السادة، وساعدوا الناس على العلاج، فكثير من هذا المصاب الجلل الذي ابتلينا به سببه هذا الكبت المعشش في الأعضاء أولا ثم في الأذهان ثانيا، ولن نبرح المكان، ولن نتحرك من الزاوية طالما ظل القوم على هاته العلاقة المشبوهة فعلا بأجسادهم يغطونها أو يعذبونها أو يفجرونها أو يقومون بالثلاثة في حق الآخرين.
اليوم رجل خرج علينا بنظرية “الجماع تايم” أو وقت الجماع، وغدا زو بعد غد سيخرجون علينا بالمزيد. مع هؤلاء القوم لا استغراب ولا أفق انتظار
الرحابة الشاسعة هي الحل وانتظار المزيد من المفاجآت القاتلة وكفى.
مبديع..أعط الرجل وقته لممارسة مايريد “الله يرحم والديك »، فقد أكثر القوم علينا فعلا، ولم نعد نتحمل المزيد..