دروس من موناكو

دروس من موناكو

المغرب اليوم -

دروس من موناكو

المختار الغزيوي

كان لقاء أكثر من متميز، لابد من شكر اتحاد الصحافة الفرانكوفونية والمكتب الشريف للفوسفاط وإمارة موناكو طبعا عليه، أتاح لنا مرة أخرى مقارنة التجربة بالتجارب، والوقوف على مكامن الخلل وما أكثرها ومشاهدة الوجه في المرآة، وإن لم يرق لنا لكن على الأقل يعرف المرء نفسه، ويعرف أين يقف، ويعرف أين سيتموقع وسط أقرانه من تجارب صحافية دولية وقارية محترمة.
التخصص. هي الكلمة المفتاح التي انتهى إليها ملتقى الصحافة والبيئة في موناكو، الذي انعقد الجمعة والسبت الماضيين. والتخصص هو الحل السحري الذي التقى عنده المدافعون عن البيئة والصحافيون، من مختلف المنابر والدول، للعثور على حل لمشكلة تطرق صحافتنا لميدان يلزمه الشيء الكثير من العلم، من أجل تفادي الخطأ فيه.
وقفنا في الورشات التي انتظمت على حالات تضليل إعلامي كبيرة، قادها أحيانا من يدعون الدفاع عن البيئة وقادها أحيانا أخرى الرأسمال العالمي الكبير وكبار الملوثين عبر لوبياتهم، والوسيلة كانت سهلة للغاية من خلال نشر أي شيء باسم البيئة والتهويل أحيانا والتقليل من الخطر أحيانا أخرى، وكل ذلك تحت قناع البحث العلمي وأحاديث «المتخصصين».
طبعا، سيقف الصحافي حائرا وهو الذي لا يمتلك إلا القليل من المعلومات عن الميدان أمام رغبته في التأكد من صدقية روايات هذا الطرف أو ذاك، وفي الختام سيجد نفسه أمام واقع مؤلم، لكنه موجود وحقيقي وقائم: أن يكتب أي شيء دون أن يعرف عم يكتب ودون أن يتأكد من صحة ما يكتب.
ولقد تزامن الملتقى مع توصلي بعدد كبير جدا من رسائل الشجب والاستنكار لما نشرناه في عدد يوم الخميس، عن دواء يوصف للعجز الجنسي أعطاه طبيب لطفل صغير.
كل الانتقادات صبت على أن ذلك الدواء يوصف في حالات مرضية معينة للصغار، وكل من اتصلوا بي أو عاتبوني على الخبر طلبوا مني شيئا بسيطا في الختام «في الشؤن الطبية والعلمية إسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون (ونحن لا نعلم حقا)، قبل أن تكتبوا أي شيء».
اعتبرته درسا آخر موازيا لدروس الملتقى، ووافقت على الانتقادات رغم شراستها – ورغم النية السيئة لبعض مطلقيها – وليس كلهم – الذين وجدوا فيها فرصة الانتقام من أشياء أخرى، ورغم تأكدي من النية الحسنة لصاحب المقال، ووجدتها تساير ما كنا بصدد مناقشته في الملتقى عن ضرورة التخصص بالنسبة للصحافيين الراغبين في الكتابة عن البيئة، بل وضرورة التخصص بالنسبة لأي صحافي يريد الكتابة في ميدان ما يجب أن يكون ملما بكل تفاصيله.
طبعا عبرنا في الملتقى إياه على الموضوع الذي لا يمكنك أن تلتقي صحافيا في العالم اليوم دون أن يتحدث عنه وهو أزمة الصحافة، ووجدنا أنفسنا ذات ليلة نلعب لعبة التوقعات من كل الدول حول العمر الافتراضي المتبقي للصحافة التقليدية، ونتفق – كل بطريقته – حول ضرورة اقتحام عوالم الديجيتال والوسائط الجديدة للإعلام، وعن ضرورة التسخير الجيد لمواقع التواصل الاجتماعي مع الحذر منها طبقا لما قاله أحد المتدخلين البارزين في الملتقى «قديما كنا نصدق الخبر حين نراه في الجريدة ونقول «لقد قرأته في الجريدة»، اليوم أصبحنا نكذب الخبر إذا ما نشر في الجريدة ونصدقه إذا ما نشر في تويتر أو فيسبوك مع أن الكثير مما ينشر لا صحة له نهائيا».
وكان المغرب حاضرا بقوة أيضا في الملتقى، إن من خلال شراكة المكتب الشريف للفوسفاط القوية مع الملتقى ومنظميه أو من خلال موعد مراكش هاته السنة «كوب 22»، الذي ينتظره المنشغلون بالبيئة على أحر من الجمر، أو من خلال خطوات البلد الكبرى في مجال الحفاظ على البيئة وتبني سياسة الطاقات البديلة والحرص على عدم التلويث.
تركنا الصخرة تداعب مياه بحرها وتبني بين طرقات جبالها المزيد من أوجه التعمير الذكي، والتقطنا عبارة أميرها ألبير خلال افتتاح الملتقى «هذا البحر وهذا الجبل أمانة بين أيدينا، علينا فعلا أن نفكر في طريقة ما للحفاظ عليها من أجل القادمين».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دروس من موناكو دروس من موناكو



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:49 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

المغربية عزيزة جلال تعود للغناء بعد توقف دام 30 عامًا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib