نواكشوط التي في القلب
ارتفاع حصيلة ضحايا الغارة الإسرائيلية على منطقة البسطة وسط بيروت إلى 11 شهيداً و63 مصاباً عشرات المتطرفين اليهود بمدينة الخليل يحاولون مهاجمة رئيس القيادة المركزية لجيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية القوات المسلحة السودانية تُعلن تحرير مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من ميليشيات الدعم السريع الكويت تسحب جنسيتها من سالم الهندي الرئيس التنفيذي لشركة "روتانا" للإنتاج الفني ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير الحكومة الإسبانية تفرض غرامة تصل لـ179 مليون يورو على 5 شركات طيران بسبب ممارسات تعسفية السلطات الأمنية في بريطانيا تُخلي أجزاء كبيرة من مطار جاتويك جنوبي لندن لأسباب أمنية وزارة الصحة في غزة تُناشد المؤسسات الدولية والإنسانية بتوفير الحماية للمستشفيات والكوادر الصحية في القطاع إصابة 6 كوادر طبية وأضرار مادية جراء هجوم إسرائيلي على مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة مقتل 10 أشخاص فى هجوم على مزار فى ولاية بغلان شمال شرق أفغانستان
أخر الأخبار

نواكشوط التي في القلب

المغرب اليوم -

نواكشوط التي في القلب

بقلم : نور الدين مفتاح

اجتمع التاريخ البعيد والقريب والجغرافيا ومكر الجوار ليخلق بيننا وبين الشقيقة موريتانيا جبلا من الحواجز النفسية والعقد المزمنة وسوء الفهم الكبير، ولو كان القدر رحيما بنا جميعا لما وجدت من وشائج أمتن ما بين رباط الخير وبلاد شنقيط، ولكن ما كل ما يشتهي المرء يدركه…
 
وكم هم ودودون لطفاء إخواننا الموريتانيون، لينون بين الأيادي دافئون في الأحضان، قريبون جدا من المغربي ولو كانوا وسط مائة جنسية، متعلمون قارضون أو حافظون للشعر، بدويون بمفهوم العزّة والشرف للبداوة. مؤسف جدا ألا يكون بين شعبينا إلا هذا المد الأثير والجزر الكثير. مؤسف ألا نسمع اليوم إلا عن أصوات الجزمات العكسرية على الحدود، وعن حشد الحشود، وعن ضربة هنا وجرح هناك باستعمال ورقة الانفصال، وما أخطرها من ورقة على الجميع، وموريتانيا أدرى، ولكن هي صروف الزمان الذي أثقلته أسماله المتسخة بالوقيعة القديمة منذ الإطاحة بالمختار ولد داداه، فحلف مغربي موريتاني هو خط أحمر بالنسبة للجارة الشرقية المتعجرفة، ولو أدى ذلك إلى إرسال دبابات إلى القصر الرئاسي بنواكشوط كما حصل سنة 1979 حينما تم ضرب عصفورين بحجر واحد، إرهاب موريتانيا والتخلص من مؤسس البوليساريو مصطفى السيد.
 
صحيح أن موريطانيا كانت جزءا من الإمبراطورية المغربية، ولكن كان هذا زمن الإمبراطوريات، وصحيح أن البيعة للسلطان في مراكش أو فاس كانت في أعناق الموريطانيين، ولكن هذا كان زمان السلاطين، وصحيح أن المغرب كان آخر دولة تعترف بموريطانيا، ولكن هذا كان زمن تقزيم المغرب وفصله عن ترابه الطبيعي في طرفاية والساقية الحمراء، وصحيح أيضا أن المغرب اقتسم الصحراء مع موريطانيا في الاتفاقية الثلاثية الموقعة بمدريد سنة 1975، ثم استرجع المغرب صحراءه لما انسحبت موريطانيا بضغط رهيب من الجزائر، ولكن النزاع ظل قائما بين البوليساريو والجزائر من جهة والمغرب من جهة أخرى، صحيح وصحيح وصحيح… ولكن كل هذه الترسبات الجيولوجية تركت ندوبا، والندوب التي يمكن تجاوزها حوّلها الواقع السياسي في الجارة الجنوبية العزيزة إلى حواجز شائكة في أغلب الأحيان.
 
إن الشعب الموريطاني سيد نفسه، وهو يختار من يراه الأصلح لتدبير شؤونه، والتصويت في موريطانيا وإن كان في جزء منه قبليّاً فهو واع في بلد المليون شاعر، ولكن حكم الانقلابات العسكرية لم يترك الفرصة للحكم المدني حتى يشتد عوده، ولا ترك الفرصة للديموقراطية الناشئة كي تزهر، وهكذا أصبح المغرب جزءاً من السياسة الداخلية لموريطانيا، لأن كل رئيس جديد يعتقد أنه بقدر تقاربه مع المغرب بقدر اقتراب انقلاب عسكري محتمل منه. وكم من أياد خارجية لعبت لعبتها لتفسد ليس فقط المغرب الكبير المفكك، ولكن لتكسر تلك الوشائج القوية التي تربط الشعب الموريطاني الطيب بإخوانه في جنوب وشمال المملكة.
 
إن نصف سكان الصحراء في وادي الذهب حملوا الجنسية الموريطانية قبل أن يحملوا الجنسية المغربية، وهذه حكاية إنسانية مجتمعية لابد للإنسان أن ينصت لنبضها في عين المكان هناك في مدينة الداخلة مثلا، وإلى اليوم ليس هناك فرق بين الموريطاني والمغربي في الكثير من النقاط الجغرافية والإنسانية، ولهذا ستكون الغرابة أكبر والصدمة أقوى عندما نسمع اليوم أن رائحة الحرب تدور في الحدود بين المغرب وموريطانيا!
 
إن الكركرات نقطة حدودية تبعد عن الداخلة بأربعمائة كيلومتر تقريبا، فما الذي كان يجب أن يصلنا كصدى لها؟ الطبيعي أن تتواطأ الرباط ونواكشوط للحد من الجريمة العابرة للحدود لبناء طريق محروس من بضعة كيلومترات، ولكن هذا خط أحمر بالنسبة للجزائر. قد نفهم أن تكون الحدود بيننا وبين جارنا الشرقي مغلقة، ولكن ما الذي يجعل حدودنا مع نواديبو تلتهب هكذا فجأة؟
 
نحن نحسب أن لگويرة التي توجد في أسفل الكركرات هي جزء من السيادة المغربية، وهذا ليس لا منطقا توسعيا ولا حنينا للإمبراطورية، ولكنه واقع ما بعد خروج إسبانيا من الصحراء. وإذا كان الحسن الثاني قد اتخذ مبادرات وأبرم اتفاقات كان لها منطقها في حينها، وتبين في ما بعد أنه كانت تنقصها الحيطة والاحتراز، فإن هذا ليس مبررا للركوب عليها لتصفية حسابات ضيقة لا تمت بصلة للعلاقات الأخوية الممتازة بين الشعبين المغربي والموريطاني، خصوصا وأن الأشقاء في نواكشوط هم الأدرى والأعرف بخبايا ما جرى في ملف الانفصال، وعندهم الخبر اليقين بالدليل والبرهان حول الكيفية التي اختلق بها نزاع الصحراء ليدوم وليحطم آمال الصحراويين والمغاربيين عموما في العيش المشترك الآمن المستقر والمزدهر.
 
لهذا يحس المغرب والمغاربة بظلم أقوى عندما يأتي من هذه الموريتان العزيزة وبحركات استخفافية، من مثل تسهيل المأمورية لزعيم البوليساريو لالتقاط صور بالبزة العسكرية على المحيط الأطلسي، أو رفع علم الجمهورية الموريطانية بالگويرة، أو غض الطرف عن توغل مسلحي البوليساريو في المنطقة العازلة أو حشد القوات على الحدود، أو تعزيز الصداقة ما بين نواكشوط وما يدعى الجمهورية الصحراوية. مؤسف حقا هذا المآل، حيث يعمل بلد مغاربي على المساهمة في لم شمل قارة سمراء شتتتها  المناورات  والدسائس والنزاعات المفتعلة في ذات الوقت الذي يحاول جيرانه اللعب بأوراق الماضي، أوراق الحرب الباردة  وزمن الزعامات والحماقات والقذافيات.
 
لن نقول إلا بأمل صادق في أن تعود المياه لمجاريها، وأن تكون موريطانيا الشقيقة جزءا من أصدقاء المغرب إذا عزّت الأخوة، وأن تكون هذه الجارة حرّة في اختياراتها ولكن ألا تنحاز وألا تعادي، فمصلحة الشعب هي في التنمية والشراكات المثمرة والجيل الجديد من علاقات جنوب جنوب التي أطلقها المغرب ليس تفاخراً ولكن للضرورة من أجل الربح المشترك، وأما قضية الصحراء فإنها في الأمم المتحدة، ولنترك للمنتظم الأممي شأن معالجتها والسلام.

المصدر :صحيفة الأيام 24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نواكشوط التي في القلب نواكشوط التي في القلب



GMT 13:17 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ثلث المغاربة لا يفتخرون بمغربيتهم..لماذا؟

GMT 05:26 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تأملات على هامش ستينية الاتحاد الاشتراكي

GMT 03:32 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تأملات على هامش ستينية الاتحاد الاشتراكي

GMT 00:36 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

في هجاء الريسوني

GMT 04:55 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

قراءة في طلاق ملكي

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 22:23 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مباحثات عباس وبوتين لوجود فلسطين في البريكس

GMT 05:47 2023 الثلاثاء ,11 إبريل / نيسان

أول مواطن تركي يسافر إلى محطة الفضاء الدولية

GMT 14:44 2022 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

 المؤشر نيكي يهبط 0.57% في بداية التعامل بطوكيو

GMT 10:31 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

الاتجاهات في عام 2018 تحمل التكنولوجيا إلى مناطق مخيفة

GMT 05:02 2017 الجمعة ,28 إبريل / نيسان

رباه..إنهم يلقنون فرنسا الديمقراطية !!!

GMT 00:32 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو موسي يتصدر الأكثر مبيعًا بـكتابيه

GMT 21:19 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

النقد الدولي يخفض توقعاته لنمو الصين لـ4.8%
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib