ربيع المقاطعة وخريف التخوين
إستعدادات وتحضيرات يشهدها قصر بعبدا بانتظار الرئيس اللبناني الـ14 للبلاد بدء عملية تصويت نواب البرلمان اللبناني بالاقتراع السري في الدورة الثانية لانتخاب الرئيس الجديد بدء جلسة الدورة الثانية في البرلمان اللبناني لانتخاب رئيس الجمهورية نادي وست هام يونايتد يُعلن أقال مدربه الإسباني جولين لوبتيغي بسبب سوء نتائج الفريق هذا الموسم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يُقدم العزاء في وفاة أسطورة الملاكمة عبد القادر ولد مخلوفي مقتل 3 وإصابة 3 آخرين جراء تحطم طائرة مائية في جزيرة سياحية أسترالية توقف حركة الطيران بين سوريا والإمارات بعد انطلاق أول رحلة جوية أمس الثلاثاء قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدينة الظاهرية جنوب الخليل في الضفة الغربية وتصادر عدداً من المركبات إدارة بايدن تُحذر ترامب من كارثة إنسانية في غزة حال دخول قانون حظر الأونروا حيز النفاذ وزارة الخارجية السورية تدعو إلى رفع العقوبات بشكل كامل بعد زوال السبب الذي وجدت من أجله
أخر الأخبار

ربيع المقاطعة وخريف التخوين

المغرب اليوم -

ربيع المقاطعة وخريف التخوين

بقلم- نور الدين مفتاح

عندما تفجرت ثورات الربيع العربي، كان الوعاء الأساسي هو الشبكة العنكبوتية وكان الناظم الرئيسي هو مواقع التواصل الاجتماعي، وكان الدافع القوي هو العجز في الحرية والكرامة، وكانت القوة التي أسقطت أنظمة عتيدة هي قوة الشباب والشعب. ورغم كل هذه البديهيات، سارت التحليلات وربما القناعات بأن أم هذه "الثورات" ما هي إلا مؤامرة أمريكية بتواطؤ مع إسلاميي العرب. وكانت هذه إهانة صارخة لملايين المواطنين الذين آمنوا بالتغيير وهبّوا من أجله، ورغم أن مآل أغلب هذه الثورات كان هو فوضى وخراب لدول مازالت تعيش ويلات الدمار والتقتيل والتهجير، إلا أن التاريخ لن يلتفت إلى تشفي دول الاستبداد من مآل هذه المحاولات الشعبية للانعتاق ولا إلى نظرية المؤامرة، ولكنه لن يسجل إلا المحاولة بمداد من ذهب، ويسجل أيضا حالات النجاح بفخر في تونس مثلا وليبيا جزئيا، فألم الهدم في أفق البناء أهون بكثير من قذافي كان يضع سرير النوم في الطابق السفلي للمدارس ليفتض بكارة التلميذات على إيقاع الكوكايين، وأهون من تحكم مصففة شعر وعائلتها "الطرابلسي" في مصير شعب الياسمين.

ونظرية المؤامرة إذا كانت سلاحا معروفا لكسر الخصوم والأعداء مهما كانت طبيعة حركاتهم وصدقيتها وشرعيتها، فإنه يتقوى أكثر في بيئة ثقافية ملوثة ونظام قيمي تم تحطيمه مع سبق الإصرار والترصد لمدة عقود، ولأسباب سياسية محضة. والمشكل أن النظام في المغرب استعمل نظرية المؤامرة ضد خصومه السياسيين وسجن ونفى واختطف في ما سمي بسنوات الرصاص، كما أن المعارضين الثوريين ومن في حكمهم تأثروا بطول مدة السرية ليبلوروا كتمانا تحول تدريجيا إلى خلق نوع من نظرية المؤامرة المضادة، فكل معارض وسط  المعارضة يكاد يكون مدفوعاً من النظام، والتهمة القاتلة كانت طيلة خمسة عقود هي: المخبر أو المندس.

ونلاحظ أن هذه الثقافة عموما استفحلت وأصبح الجميع مشبوها إلى أن يثبت العكس، وأصبحت حسن النية بمثابة غباء، وهذا لم يكن إلا في صالح المخوضين والسابحين في المياه العكرة والمستفيدين من الفساد أو صانعيه.

وهذه المقدمة الطويلة كانت ضرورية في رأيي المتواضع للتعليق على موضوع الدعوة الفيسبوكية لمقاطعة ثلاث علامات لمواد استهلاكية هي المحروقات والماء المعدني والحليب. ولولا الانتشار الذي لقيته هذه الدعوة للمقاطعة، لما كانت القضية اليوم قضيّة رأي عام، إلا أنه بدل أن ينصب النقاش السليم في بيئة سليمة على أسئلة من مثل دور وسائل التواصل الجديدة في التعبئة الشعبية أو حقيقة ضمور الوسائط المجتمعية التقليدية من أحزاب ونقابات، أو واقع الأسعار في المغرب أو أثر غياب سلطة للمنافسة على انتشار الجشع والاحتكار، أو دور المنتوج الوطني في تنمية الاقتصاد، أو دراسة كلفة الإنتاج وهوامش ربح كبريات الشركات، أو أخطار الضغط الاقتصادي على الاستقرار في المغرب… بدل كل هذا انصب جل النقاش حول من وراء هذه الحملة "المغرضة"؟ ولماذا ثلاث شركات بالضبط؟ ولماذا السيد عزيز أخنوش؟ وما علاقة هذا بإقالة  السيد عبد الإله ابن كيران وبالتهييء لانتخابات 2021؟ وبدا حتى في إعلامنا شيء عجب انطلاقا من الإعلام العمومي الذي يفترض أن يتناول ما يهم الرأي العام، بما أن الشعب هو الذي يموِّله، بحيث لم يقل كلمة واحدة عن الموضوع، فما بالك تخصيص برنامج للتحاور حول قضية جوهرية حساسة، ووصولا إلى مئات الأقلام التي تراشقت الاتهامات في إطار نظرية المؤامرة، وفي الوقت الذي يكتب في سجلات المغاربة فصل من فصول التحرك المدني  السلمي الذي ينم عن حيوية مجتمعية محمودة، كان البعض يسكب عليه سوائل التمييع والمزايدة والتحقير.

إن الحق في التعبير مقدس لا حجر عليه من أي أحد، والحق في التعبير الجماعي المنظم ليس جريمة، بل هو ارتقاء في سلم المسؤولية، والشعب أو جزء منه حر في اختيار ما يشاء في إطار القانون، وإذا كان مالك السلطة السياسية أو الاقتصادية متمتعا أصلا بسلطة على المواطنين، فعلى الأقل يجب أن يترك للآخرين الحق في التذمر، والحق في الغضب، والحق في الاحتجاج، والحق في المقاطعة، والحق في التنفيس، وهذه الحقوق ليست مشروطة بالصواب ولا بالجائز أو المحظور، لأن العفوية في ردود الفعل على أضرار عامة مفترضة تستوجب قرينة البراءة وشرعية المبادرة، خصوصا إذا كان واقع الحال صارخا، وهو فوارق اجتماعية مهولة وغلاء فاحش واحتكار وضغط على الشعب يكاد يولد الانفجار. ولهذا قد يختار المحتجون صوابا أو خطأ علامة هي رمزية في الاحتجاج، ولهم الحق في ذلك دون تخوين، لأن حسن النية هو الأصل وليس سوؤها.

فهل في إطار حرية التعبير أيضا يمكن لوزير المالية أن يصف المواطنين المقاطعين للمنتوجات بالمداويخ؟ وهل يستقيم أن ينعت مدير شركة الحليب الناس بالخونة للوطن لمجرد أنهم دعوا إلى مقاطعة منتوجه؟ أعتقد أن الحق في رد الفعل يجب أن يراعي وزن الكلمات والمسؤولية، فالناس الذين قاطعوا ليسوا مسؤولين عن الأوضاع المزرية في البلاد والوزير مسؤول، وبالتالي ليس من حقه أن يكون مسؤولا عن مآسي شعبية وفي نفس الوقت يسب الضحايا، ومسؤول الشركة الفرنسية للحليب يزاول نشاطا اقتصاديا هدفه الربح، وإذا احتج الناس على منتوجه أو غلائه فعليه إما أن يقنعهم بالعكس أو يعيد النظر في أثمنته، أما ربط شركته بالوطن، فهذا فيه تجنٍّ على الوطن الذي هو أكبر بكثير من الحليب وشركته، وفيه تجنٍّ على جزء من المواطنين الذين قذفهم بالخيانة، وهو غير مؤهل لذلك، لسبب بسيط هو أن شركة  الحليب غير منصوص عليها في الدستور، وللتشبيه المفيد، فإن ما قاله مدير الحليب هو كما لو قالت صاحب شركة الماء إن مقاطعة مائها هي خيانة لله سبحانه وتعالى الذي قال: "وجعلنا من الماء كل شيء حي"!

هذه بلاد ليبرالية فيها مستثمرون يوفرون عشرات الآلاف من مناصب الشغل، والحق في الثراء مشروع والحق في النجاح ثابت، ولكن هذا لا يمنع من الإنصات لملايين الفقراء عندما يتأوهون أو يئنون، فنعم لمكافأة مجهوداتكم الاستثمارية بالملايير من الأرباح سنويا، ولكن لابد أن تراعوا وترعووا، فهامش ربح أقل لن يقتلكم إذا خفف على الناس في معيشتهم، أما أن يكون عندنا في المغرب بضعة أغنياء يدخلون نادي العشرة الأكثر ثراء في إفريقيا والعشرين الأكثر ثراء في العالم، في الوقت الذي يوجد فيه ملايين المغاربة تحت عتبة الفقر، فهذا على الأقل كان يجب أن يجعل اللبيب ينصت إلى نبض الشعب بدل أن يسارع إلى تخوينه، فالبلاد لا تصنع لا آلات ولا صواريخ ولا تكنولوجيا متطورة، فما هي إلا مجالات خدماتية استهلاكية تدر ذهبا وتترك للمواطنين التراب. فماذا لو كان السيناريو مختلفا وقام أرباب المحروقات بإعادة النظر في أثمنتهم وسار على نفس المنوال كل ربابنة الاقتصاد الوطني؟ ألن يكونوا آنئذ قد خدموا الوطن بتجنب مخاطر الانفجار الاجتماعي؟ قلتها من قبل وسأعيدها، صحيح أن المغاربة فقراء ولكنهم ليسوا أغبياء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ربيع المقاطعة وخريف التخوين ربيع المقاطعة وخريف التخوين



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 04:02 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

ملخص وأهداف مباراة توتنهام ضد ليفربول في الدوري الإنكليزي

GMT 21:17 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

المكاسب المالية تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 02:19 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

فالنسيا يواصل نزيف النقاط بالتعادل مع ديبورتيفو ألافيس

GMT 17:49 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

بشرى بوشارب تُعلن عن رواية "المهاجرة" في القاهرة

GMT 22:17 2016 الإثنين ,10 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد لاستخدام العشب الصناعي في حديقة منزلك

GMT 17:54 2016 الجمعة ,14 تشرين الأول / أكتوبر

سون هيونغ مين يفوز بجائزة لاعب الشهر في الدوري الإنجليزي

GMT 15:48 2016 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

آن هاثاواي تفتخر برشاقتها بعد الولادة في فستان أسود
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib