بقلم : عبد الحميد الجماهري
لا شك أن كل الذين استسهلوا الكوب 22، أو كانوا يعتبرون تنظيمها فوق التراب المغربي مسألة «بريستيج« أو ترف دبلوماسي غير مبرر، أيقنوا الآن جدواها وتاريخية انعقادها..
لقد ارتفعت العديد من الأصوات قبل القمة تدعو بلدانها إلى تفويض المغرب، رسميا، الحديث باسم القارة من أجل الدفاع عنها وعن حقها في التنمية النظيفة اليوم.
وبما أن الصدفة تصنع الأشياء بشكل فريد، فقد جاء الملك مباشرة من عمق القارة ليحضر المؤتمر 22 لإنعاش الأرض، ثم .. سيعود من المؤتمر إلى أعماق القارة..
في الما قبل، كان الملك قادما من شرق إفريقيا، ومنها إلى السنغال
وفي الما بعد،
سيتوجه من مراكش إلى إثيوبيا ونيجيريا ومدغشقر.
من المحقق أن «الاختراق »الحالي، حلقة جديدة للمغرب أوصلته إلى الحدائق الخلفية لمحور الخصوم.. ومنهم نيجيريا التي سيزورها الملك..
ومن المحقق أيضا أن السياسة الوطنية تريد أن تربح معركة القضية الأولى،..
غير أن في التفويض الإفريقي أشياء ملموسة وعملية تجعل المغرب أهلا للتفويض الإفريقي:
1 - وجود نموذج مغربي في مجال تعبئة الأموال الضرورية لانطلاق التنمية النظيفة. إن عمليات الحصول على الأموال معقدة جدا، ومن الأفضل أن يتولاها شريك يتوفر على خبرة مسبقة، وهو المغرب .
2 - المؤتمر كان مؤتمر إفريقيا، من أجل إفريقيا بل إن الحدث الأبرز بعد لقاء القمة كان هو القمة الإفريقية والتي جمعت الدول المعنية حول مائدة الأرض..
3 - المؤتمر كان أيضا مؤتمر النساء والشباب والمجتمع المدني والفاعلين الترابيين والوسطاء الاجتماعيين من كل نوع، وبالتالي فهو مؤتمر للعمق الإفريقي، في وضع غير مسبوق..
لم يعد المناخ ومستتبعات تقلباته مسألة تهم الأثرياء فوق الأرض، فقد بدا واضحا أن سمكة تموت في نهر إفريقي قد تترك عائلة بلا غذاء ليوم كامل، كما أن تلويث فرشة مائية في جنوب القارة قد يعني ترحال ساكنة دولة إلى دولة أخرى مما يفتح الحرب واسعة لالتهام ما تبقى من استقرار..
سوف لن تحتفظ ذاكرة القارة بكل الأذى الذي ارتكب باسمها في حق بلادنا
ولن تحتفظ بما فعلته الحرب الباردة
وبعدها البترول بالتضامن الإفريقي
لكنها ستحتفظ ولا شك بما سيتبقى من المؤتمر في أراضيها، لفقرائها ومعوزيها وشبابها.
والأكثر موضوعية سيتذكرون أن المؤتمر في مراكش كان في الحقيقة تنويعا دوليا على التزام إفريقي للمغرب، إذ أن بلادنا تشتغل منذ بداية العهد الجديد على شراكات فاعلة ميدانية، وعلى ترسيخ نموذج للعمل المشترك، في قلبه التنمية وتقديم الحلول ، وصناعة المشترك الإنساني ….