لا أحد يقرأ الكتاب الأخضر
وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023 إغلاق سفارات الولايات المتحدة وإيطاليا واليونان في أوكرانيا خوفاً من غارة روسية منظمة الصحة العالمية تُؤكد أن 13 % من جميع المستشفيات في لبنان توقفت عملياتها أو تقلصت خدماتهاالطبية في القطاع الصحة في غزة تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي أعدم أكثر من 1000 عامل من الكوادر الطبية في القطاع عطل فنى يُؤخر رحلات شركة الخطوط الجوية البريطانية في أنحاء أوروبا وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3544 شهيداً و 15036 مصاباً منذ بداية العدوان الإسرائيلي على البلاد
أخر الأخبار

لا أحد يقرأ الكتاب الأخضر

المغرب اليوم -

لا أحد يقرأ الكتاب الأخضر

بقلم : عبد الحميد الجماهري

حدث للعبد الضعيف لله أن زار ليبيا، أيام العقيد معمر القذافي، ضمن وفد مغربي رسمي، توجه إلى طرابلس في واحدٍ من أعياد «ثورة الفاتح». 
كانت بلاد المغرب، في عهد المرحوم الحسن الثاني، ترى في الوفود الضخمة نوعاً من الإطراء على غرور رجلٍ كان قد رمى المغرب بألف حجر في قضيته الوطنية الأولى، قضية وحدة التراب واسترجاع الصحراء، فقد كان القذافي المساند الرسمي لجبهة البوليساريو الانفصالية، بعد أن كانت الجزائر المحتضن الدولي لها.
وبهذا، كان في سلوك البداوة نوع من الدبلوماسية إزاء العقيد، صاحب النظرية العالمية الثالثة.
الأشقاء الليبيون الذين كانوا يستقبلوننا كانوا ينظرون إلي ويبتسمون، ويجدون في اسمي (جماهري) نوعاً من الإقرار المغربي بجماهيريتهم الخضراء، وفيَّ شخصيا ابنًا جماهيريا للنظرية الثالثة، بنوعٍ من البيولوجيا الفكرية التي تجتهد في إقامة الدليل على بُنوَّتي لليبيا الخضراء.
كانوا يقولون: أنت جماهيري، منا. كنت أقول: سأتابعكم أمام القضاء الدولي، لأنكم سطوتم على حقوق التأليف لجدي الأول الذي سمانا اجماهري. نحن سبقنا جماهيريّتكم بآلاف العقود، آلاف الأجيال.
لم يكن جدي مؤسس جماهيريته البيولوجية في حاجة إلى كتابٍ غير كتاب الحالة المدنية. ولم يكن الحديث يتجاوز حدود اللباقة، لكن الذي كان يطاردني من بعد، أينما حللت وارتحلت، وإلى أرضية المطار، كان هو… «الكتاب الأخضر».
كنا ننساه عمداً في غرف الفنادق ونحن نغادر، ثم تجد دوماً موظفاً جماهيرياً يحمله إلى المطار… تواً. كان «الكتاب الأخضر» ظِلَّ الزائر وحظ المسافرين من ليبيا القائمة، فالزعيم لا يحب أن يحرم سكان دول البلدان الأخرى، تلك التي
لن تهبها السماء نعمة الكتاب الأخضر من السعادة، الهدف النهائي للكتاب. 
في كل شوارع العاصمة، كان الكتاب بمثابة إنجيلٍ من إسمنت أو من مجسّمات الكرتون، وفي كل محل، لا بد لبائع اللبن أن يجد في الكتاب آياتٍ تمجد اللبن،
وبائع الإسمنت أيضاً يجد فيه مواصفات البناء المتين، .. وبائعي الراديوهات.
في الكتاب الأخضر، كان الصحافيون والمذيعون يجدون الأحداث التي ستقع مكتوبة في علم الخيال الأخضر للعقيد. وقبيل نشرة الأخبار الرئيسية عند الساعة التاسعة من كل مساء، كانت تبث على شاشات التلفزيون الليبي، وعقوداً، مقتطفات من «الكتاب الأخضر» لها علاقة بطبيعة الأخبار التي كانت على وشك أن تعلن.
كان أصحاب الفساتين يجدون فيه ما يجعل النساء وصيفات العالم الثالثي الذي بنته المخيلة العسكرية للزعيم.
ينتقم الليبيون من الكتب الخضراء، ويسخرون منه اليوم.
وقد أعادتنا وكالة الأنباء «فرانس بريس» إلى بعضٍ من ذلك، وهي تنبهنا إلى الذكري الخامسة لغياب الكاتب ودخول الكتاب إلى حيز الممنوع. تُرى لماذا يمنعون كتاباً يسخرون منه في كل حارة، وعلى كل جدار؟
عندما يموت الدكتاتور، لا بأس من قليل من السخرية، في عملية كاتارسيس (تطهير) جماعية، ولا بد من سقوط الإسورة في المياه العادمة. 
ومن أجمل ما قرأت، في ذكرى رحيل الكاتب وسقوط الكتاب، أنه «على الرغم من الذكريات السيئة التي يثيرها هذا الكتاب، إلا أن بعض الليبيين لا يزالون يحتفظون به، لمجرد اقتنائه كقطعة تذكارية».
وقد أوردت وكالات الأنباء قول الليبية مها التي تعمل موظفة استقبال في مكتب سفريات في طرابلس، إنها جمعت كل النسخ التي كانت عائلتها تمتلكها، وخبأتها في مكان سري، وأضافت «لا أريد أن أتعرّض لخطر الملاحقة، لكنني لا أريد أيضاً أن أفقد هذه الذكرى». ويشعر بعض الليبيين بواجب «المحافظة على هذا الكتاب، لأنه شاهد على حقبة من تاريخ ليبيا، على الرغم من أنها حقبة أليمة».
والواضح أن الدكتاتورية، لاسيما عندما تكون بألوان حفل أفريقي، تترك وراءها سخريةً مرّةً، فالدكتاتور عندما يكون قوياً يكون عرّافاً. ويتنبأ بمستقبل البشرية، من خلال كتابه وشطحات الصوفية العليلة التي يشعر بها، لكنه لا يتنبأ عادة بمستقبله، ولا بنهايته.
هو عجز السلطة العربية المقيمة في الجينات. عجز على تصور النهاية، وتصور الفوضى التي تعقب الدكتاتوريات العربية.
لم يجب الكتاب الأخضر على أكثر الأسئلة وكاتبه حي. كان العقيد يراسل نفسه، من خلال أحلام الثورة الثالثة. وكان يرى البشرية، ولا يرى ليبيا، فهي قطعة من خياله السياسي الخصب.
لهذا، لا يجد الليبيون اليوم وسيلةً للتسلية سوى.. إراقة الدم!
كم سؤالاً يطرح الغرب على نفسه إزاء ليبيا، من دون وجود أي جواب في الكتاب وفي صاحبه، لكن ليبيا التي نسخها الكتاب كان لها دستور أخضر، واليوم تلتهمها ثورة حمراء.
أول الأسئلة التي طرحها إعلام الغرب نيابةً عن حلف «الناتو»: هل كان التدخل لدعم الثورة الليبية وإطاحة نظام معمر القذافي ضرورياً؟ ويجيب الغرب: علينا أن نتذكّر ليبيا، لكي نعيد طرح سؤال التدخل على ضوء المأساة الحالية في سورية. كما لو أن على فوضى ما بعد الكتاب الأخضر، بالضرورة، أن تحمي الفوضى الدموية لما قبل سقوط دمشق.
ظل القذافي ينقد حافظ الأسد. يسأل الضمير الغربي نفسه: هل كان ذلك خطأ الغربيين الذين لم يستعدوا لما بعد القذافي؟ ويقر الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، بوجود أخطاء بقوله «أسأنا، مثل شركائنا الأوروبيين، تقدير الحاجة لنكون موجودين في اليوم التالي بعد سقوط القذافي». وجد غريمه الروسي، الرئيس فلاديمير بوتين، في ليبيا جواباً للإقناع بأن سورية الأسد أفضل من نبوءة العقيد «علينا أن نتذكّر ما كانت عليه ليبيا والعراق، قبل أن يدمر شركاؤنا الغربيون هاتين الدولتين. هذه الأراضي باتت اليوم مصدراً للتهديد الجهادي». وأضاف «لا نريد أن يتكرّر الأمر نفسه في سورية».
وفي مسيرة البلاد، يغيب الكتاب، ولا يقرأه أحد، لكي ينتبه إلى سطوة الوهم في عقل الحاكم العربي، وسطوة الخرافة في فهمه للدولة في ليبيا الحديثة، فقد كانت نظريته تعتبر أن «الأمة هي القبيلة، بعد أن كبرت وتعدّدت أفخاذها وبطونها، وتحولت إلى عشائر ثم قبائل».
هي ذي حالة الأمة. أليس كذلك، فلماذا لا يشعر الحاكم العربي بأنه معني بالكتاب الأخضر؟ لماذا لا يقرأه، إذا كان، في النهاية، يحول بلاده إلى مجموعة قبائل؟ سؤال لا جواب له في كتابٍ صار ممنوعاً، بفعل خبلٍ متأخر تركه العقيد في أوساط النخبة الليبية.
أليس من الضروري، فعلياً، العودة إليه لكي يفهم الليبيون إلى أي حدٍّ ابتعدوا حقاً عن خرافات الدكتاتور الذي قتلوه؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا أحد يقرأ الكتاب الأخضر لا أحد يقرأ الكتاب الأخضر



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 07:39 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
المغرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 08:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
المغرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 11:30 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

البطولة المنسية

GMT 13:18 2018 الجمعة ,04 أيار / مايو

نصائح خاصة بـ"يكورات" غرف المعيشة العائلية

GMT 17:37 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

دار "آزارو" تصدر مجموعتها الجديدة لربيع وصيف 2018

GMT 14:44 2012 الأحد ,14 تشرين الأول / أكتوبر

48 مليار دولار لبريطانيا من تجارة العقار العالمية

GMT 05:22 2017 الجمعة ,19 أيار / مايو

«بلانات شباط» و«بلانات الشينوا» (2/2)

GMT 06:17 2016 الثلاثاء ,05 إبريل / نيسان

دور المثقف في المجتمعات العربية

GMT 15:18 2012 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

"المحرك المميت" أول مسرحية في إطار مهرجان territoria

GMT 05:34 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

بن زايد يبحث مع عبد الرازق تعزيز العلاقات الثنائية

GMT 21:40 2014 الإثنين ,20 تشرين الأول / أكتوبر

طنجة من أفضل 10 مدن عالمية للسكن بعد سن التقاعد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib