بقلم : عبد الحميد الجماهري
لنعترف أننا هنا، أنتم، أنا والأرواح الكثيرة التي ترفرف هذا المساء قرب الشاشة أمامكم، جئنا لنجرب صيغة غير رتيبة في تمجيد صديقنا المشترك محمد الشوبي..
جئنا لنجرب صيغة أخرى هي أقرب إلى عفوية الطائر، وهو يحلق في ظهيرة ربيعية، أي بلا ترتيب مسبق للهواء ولأجنحته..
وقد لا يسعفني الحظ، ويسعفكم في تسمية هذه الصيغة بالتدقيق، لكننا سنتفق بأنها ستكون
صيغة أقرب إلى بساطة الشجرة، وهي تعد نفسها لفرح عابر بين فصلين..
مثل حقل واسع تحت المطر..
بدون الحاجة إلى سيرة الفنان التي تبدأ من يوم مولده إلى .. آخر لمسة في حياة شخصية لا تتذكرها القاعة في لائحة الأفلام والمسرحيات وما يحلم به من كتب..
سأكون مؤرخ الخيال الذي يركض في رؤوس كل المخرجين من... لسعد الشرايبي لطوني سكوت ولكمال كمال ولفريدة بورقية والكندي دانيال جيرفي وللطيف لحلو ولداوود أولاد السيد ولمحمد زين الدين وللحسن زينون ولمحمد نظيف ولفوزي بن السعيدي ولطلال السلهامي... لمحمد منخار، للمخرج السوري حاتم علي، لإدريس الإدريسي ولهشام عين الحياة ولعز العرب العلوي لمحارزي ولنور الدين لخماري ولعبد الرحيم مجد ولسعيد بن تاشفين ولإدريس اشويكة ولعزيز السالمي ولمحمد اقصايب ولمحمد عاطفي وعادل الفاضلي ولمحمد الشريف الطريبق ولمحمد لعليوي.
تلك واحة من خيال
تمتد من مزاج إلى آخر يسكن شخصياته..
ومن فضاءات لن تنتهي هذه الليلة..
من باب المؤانسة: لنقل أننا سنطارد الضوء، وسنحصل على نجم، بعد أن نضع له خمسة أضلاع كما تشاء الهندسة السماوية للنجوم….
أو نطارده ونضعه مثل خيط مضيء صغير جدا، لكن في شساعة القلب..
لنا أن نختار، لكن محمد الشوبي الذي أقف اليوم لأعلن فيكم صفاءه وأحقيته في شامل التكريم، هذا الفتى النوراني الذي أعجبت به من زمان مسرح التسعينيات - زمان «بوحفنة» و «أولاد البلاد» - ليوسف فاضل سنة 1999، مع محمد خويي وعبد المجيد الهواس وعاهد سعيد… وعبد العظيم مباركي وعبد الله الريامي إلى أن جمعتنا الحياة في ورطتها الجميلة مع إنسان رفيع مثل حسن نرايس .. مثلا! هذا الشوبي …هو الذي صنع أسطورته الشخصية كما يحلو له، وأحيانا كثيرة ضد ما تريد له الصدفة، ما بين الحياة العامة، والخشبة، والسينما والكتابة..أي في هذا المشهد اللغوي الواسع الذي نسميه الحياة..!
يفاجئنا هذا النهم أو على الأقل يفاجئني: فأقول تَمَهَّلْ، ثُمَّ أُجاري - على عكس حَظّي من النصيحة- نَهَمَك للحياة. أقول تمهل، هذه الأقحوانة، قد رأت في دمك ما يشبه فرحتها، ثم استقامت لربيعٍ، لم تُبال به، كعادتك، لأنه بروتوكول معروف منذ الخليقة، لهذا تبحث لها، عن مقابل في الشتاء…
كأن تعتكف على مرجانة روحك حين تكثر السيوف.
ويكثر سوء الفهم…
كأن تقهقه عندما لا تحتاج إلى اللغة.
نعترف لك :أننا أحيانا نقول عنك ما قاله الفقهاء :«أكثر أبو هريرة» فندرجها:
الشوبي زاد فيه..
ثم ننتبه إلى أننا مثل الكثيرين الذين لا يعرفون ضرورة الليل في مديح الفجر، قد لا نعرف ضرورة الحرية في الخطأ لتعريف صوابِ قلبِك: ما بين الفكرة والفعل، لا مسافة عندك سوى ما يمثله القلب من أخطاء غير قابلة… للتسوية.
أخطاء في الاتجاه الصحيح،
كتلك التي أعرِّف بها الحب.
لهذا يحدث أن يقوم تنافر بين النخبة وبين الناس حولك:
- هناك من يرون ضوء النجمة
وهناك من يرون نتوءات الضوء.
وحقيقة الفرق تكمن في الفارق بين من يراك بقلبه
ومن يراك بفنه..
فتحاول أنت كأي ساحر متأخر بثورة وفكرتين، أن تجمع الضوء.. إلى نتوءات القلب.
قد لا نحتاج إلى كل هذه الرومانسية في الطيران إلى سمائك حلوة، بهية تجمعنا تحت ظلال الأفلام وفي الروايات السعيدة للشخصيات.. لهذا نفكر أحيانا في كل ما قد يترتب عن مغامرتنا في الفن والحياة مثلك: نترك التعريفات الباردة في مواصلة العيش: التفاؤل، الأمل، …المثابرة، كما علمنا إياه معلمون أجلاء قبل أن نفاجأ باللصوص يدخلون المخيلة كما دخلوا البنوك، ويسرقون سذاجتنا..
لهذا تنتفض ..
ولهذا تسخر بقلب مطلق..
ولهذا تغضب، كما لو أن مجال حريتك الوحيد هو الذهاب والإياب بين الغضب والسخرية!
نتلصص عليك في المواقع، في الفيسبوك خاصة، ذاك الذي حولته إلى بيان يومي عن كل الدنيا والدين: ونجدك لحما ودما محاطا بالكثيرين من السحرة والمريدين وعموم المواطنين في المغرب الشقيق:
كم أنت ساخر، كفنان يدافع عن تدين لم يعد يجد نبيا حيا يدافع عنه..
يرافع بألم عن شعب لم يعد يجد شعبا يرافع عنه أو يشخصه، كما يحلو لك…
الشوبي أيها السادة
مثلنا يعشق ظلنا…
ومثلنا يميل إلى اعتبار الحناء أجمل ألوان قوس قزح، وهي توشي الشَّعر الأطلسي بما في الجبل من حظ الجمال..
وهو مثلنا لا يجد فارقا كبيرا بين الفكرة .. والفعل، لهذا يستغرب آخرون عندما يرونه يخط بيده ما لم يصل بعد إلى فكرهم …ويسألون :لماذا يبدو محمد الشوبي مُحْرِجا عندما يسبقنا إلى ما يجول في خاطرنا؟…
لأن نزعة مثالية قديمة، منذ عهد الجدل المقلوب على رأسه، كما في كراسات المنطق الشاعري يسبق الفكرة، هذا فإن أكثر ما يغريه من الوردة، … اليد التي تقدمها أو الابتسامة التي ترافقها إلى حين تستقر في القلب..
نحن الذين سعينا أحيانا، بفرط غير يسير من الحب، أن ننمطه كما يريده عقلنا، كان يفاجئنا بأنه يقنع القلب بعكس ذلك، هو طرفا المعادلة التالية :
تسعفنا عقولنا فيه…
وتسعفه قلوبنا ضدنا… فيربح المعادلة
ولعلي سأجازف بدون خوف من الخطأ بالقول : إن الكلمة التي يكرهها أكثر هي الجبن الأخلاقي
والصفة الأمقت هي الرداءة الفكرية..
…… كأنما أرش عطرا،
وأنا أردد اسمه كما نجتهد ليلة فرح شعبي..
محمد يا شوبي:
كم مرة ارتجلنا الأحد معا ….في ساعة متأخرة من يأس السبت -أو من كأسه - لا فرق!
كم مرة، نسهر إلى منتصف الروح
وكي لا نعثر فينا على ما لا نحبه فينا:ضجر أو خنجر..
وكي نعثر فينا على ما نحبه فينا: سهر أو مطر!.
الحديقة مثل الصداقة تحتاج الى أقمارها لكي تفكر بوضوح ، وتطلق كما تشاء أسماء الورود
ههنا نرجسة، وهناك بالقرب من المَرْيمية وردة الجوري
هناك ياسمين ….وبالقرب منها وردة الكاردينيا..
ونحن أيضا مثلُ الحديقة،
يا محمد يا شوبي
نحبك ونطلق عليك أسماء الورود..
المصدر : صحيفة الاتحاد الاشتراكي