ماذا سيتبقى بعد انتخابات الجمعة

ماذا سيتبقى بعد انتخابات الجمعة؟

المغرب اليوم -

ماذا سيتبقى بعد انتخابات الجمعة

بقلم : عبد الحميد الجماهري

يسعد الديموقراطيون دوما بالانتخابات، لا لأنها تربحهم دوما ، بل لأنها تثبت بأن طريق الديموقراطية يمر عبر صناديق تحددها السيادة الشعبية، ولأنها تثبت بأن الديموقراطيين المغاربة، بالأساس، منذ الاستقلال كانوا على صواب لأنهم يدافعون عن صناديق الاقتراع ونزاهتها وشفافيتها …الخ.
لكن هذا لا يمنعهم من أن ينتظروا أن ينتصر الناخبون والناخبات لأطروحاتهم وممثليهم وللآفاق التي يريدونها لبلاد قدموا من أجلها الثمن العالي..
غير أن الوسيلة الانتخابية، مهما كانت حدة الوضع الذي تعبر عنه، لا تجزم كليا وبشكل نهائي في العديد من القضايا … المجتمعية أو ذات الصلة بالمؤسسات، أو المشاريع التي تطرح على قوى المجتمعات.
قد نقيس بها، مثلا درجة تقدم أو تراجع هذا الأصل الثقافي أو ذاك، وقد نقيس بها درجة تفكك هذه الإيديولوجيا أو تلك، لكنها لا تقضي على/ تحل القضايا الثقافية بشكل نهائي..
في العديد من القضايا تبقى الاشكالية أكبر من الاقتراع:
أولها: سنظل دائما في منطق الانتقال الديموقراطي، والتأويل الديموقراطي لعلاقة المؤسسات بينها وعلاقتها بالقوى المجتمعية. وهي قضية، تعبر الانتخابات عن التوجهات الكبرى بخصوصها: بمعنى درجة الشفافية في الاقتراع، حجم ودور قوى الضغط والمركبات المصالحية… لكن الأساسي هو ما يتبقى من بعد الانتخابات، أي ما تفعله السياسة عمليا في توزيع السلط وضمان حياد الادارة والخدمة العمومية الخ.. ومن أهداف الانتقال الذي نحن بصدده تأمين السياسة من الرداءة والانصياع، وتحجيم ثقافة الدسائس والأمزجة في صناعة اللحظة الوطنية، والرفع من مستوى العمل السياسي وتنمية النخب السياسية ….
الدستور سيبقى موضوع تقاطب بين الماضي العريق في الدولة والمجتمع، وبين المستقبل الذي يطمح إليه كل ديموقراطي، وأول الديموقراطيين اليسار!
الدستور بما هو روح، ومؤسسات وممارسة على حد قولة شارل دوغول!
ثانيها - الانتخابات تعطي للمتابع فكرة عن نوعية التقاطب الفكري الموجود في المجتمع، لكن لا يمكن أن نستخلص من ذلك أن الاشكال حُسم لهذا الفكر أو ذاك.
وبمعنى آخر، نلاحظ عودة التمايز le clivage السيوسيو ثقافي الى مجال الشأن العام وتحديد خيارات الناخبين..بل من المفيد أن نقول بأنه بدون تغذية هذا التمايز لن تعود السياسة الى الانتخابات، بل سيستمر إسقاط الصبغة السياسية على الاقتراع dépolitisation des élections. صحيح أن الاحتكام الى الحصيلة السياسية والاقتصادية والتنموية هو قلب المعادلة في الحكم على تجربة حكومية ما، لكن هذه التجربة تكون مسنودة بخلفية سوسيوثقافية تغذي الانتماء الى مشروع حاملها.. لهذا سيظل تواجد الفكر الديموقراطي التقدمي، مشروطا بما بعد الانتخابات ..
- الرأسمال الاخلاقي، الذي عادة ما كانت الدولة متهمة بتبديده في الانتخابات، عبر وسائل الخرائط المخدومة، هو أيضا مسؤولية المكونات المتنافسة، وعلى أساسها قد تعود السياسة الى نبلها، للدفاع عن مشاريع كبيرة من قبيل الحداثة والديموقراطية والتعددية الحقيقية..
لا يمكن أن ندافع عن وطن كبير بمواطنين مصغرين أو صاغرين أو صغّرناهم بأساليب الاستخدام الممقوتة، كما لا يمكن أن ندافع عن قيم نبيلة، مثل الحرية بوسائل غير نبيلة، من قبيل التسخير غير السليم للمال أو للرأسمال الرمزي والتراث الروحي.. 
أمام الاخطار الكبيرة لا خلاص إلا بالعظمة! 
ثالثها- أن التفاؤل ، كما يقال يليق جيدا بمن يملك وسائله! ولهذا أن ينجح الاقتراع و تتجاوز الديموقراطية امتحان الشك والتدخل، كما عبر عن ذلك جلالة الملك، لا يعني بأن الصراع انتهى.. بل علينا أن نطرح دور الدولة في بناء التاريخ المغربي المعاصر.
الدولة ليست كجهاز انتخابي، بل باعتبارها رأي كل الآراء l’opinion de toutes les opinions.. إن اليسار- لا سيما منه الذي يعتبرها عالَةً- بالضبط، مطالب بأن يحدد علاقته، المفاهيمية والفكرية والسياسية مع الدولة ودورها بوضوح تام!
كما على الدولة أن تعيد ترتيب أولوياتها ، وتحديد علاقتها بالحقل الحزبي بشكل لا يشوش على التمايز الذي توخيناه أعلاه. وتعلن عن هذا الدور ، كفاعل في ترشيد التاريخ وعقلنته …
يتبع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا سيتبقى بعد انتخابات الجمعة ماذا سيتبقى بعد انتخابات الجمعة



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib