بقلم : حسن طارق
عقدت الجمعية المغربية للقانون الدستوري، مساء الجمعة الماضية، بالرباط، ندوة علمية لمناقشة نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة ومسلسل مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة .
النقاشات الغنية التي شهدتها هذه الندوة المهمة، توحي بمجموعة من الخلاصات السريعة :
أولاها، التقدير الجماعي للمشاركين بصعوبة إنتاج خطاب علمي /فقهي في علاقة بالتفاعلات المستمرة للأحداث والوقائع، وخاصة وسط كثافة الخطابات المنتجة حول “القانون الدستوري” من أوساط حزبية وإعلامية، وهي خطابات لا تخفي رهاناتها التكتيكية والسياسوية، البعيدة كل البعد عن شرط خطاب المعرفة القانونية.
ثانيها؛ يتعلق بالمسافة التي وضعها غالبية المتدخلين في النقاش، مع خطاب الأزمة الدستورية كواحد من التوصيفات “الدارجة” لتعقد مسار المفاوضات من أجل تشكيل الأغلبية البرلمانية.
ذلك أن هذا الخطاب مجرد محاولة لتصدير الأزمة إلى حقل القانون الدستوري، الذي لايزال قادرا على التأطير المعياري لتطورات الحالة السياسية المغربية.
والواقع أن توصيف الأزمة السياسية نفسه لا يبدو مطابقا للواقع، إذ إن الأزمة ستقع عندما سيصرح المعنيون المباشرون بذلك !
ثالثها؛ نهاية أسطورة “الأعمال التحضيرية” لدستور 2011، ذلك أن السياق القانوني والسياسي لمراجعة دستور 1996 ارتبط بممارسة الاختصاصات “التأسيسية” للمؤسسة الملكية في موضوع التعديل الدستوري، لذلك فصلاحيات لجنة عبداللطيف المنوني أو الآلية الموازية، لم تكن سوى صلاحيات للاستشارة والدعم، حيث ظل الملك صاحب الكلمة الأخيرة في حسم المشروع النهائي للمراجعة، وهو ما يجعل من منطق الأعمال التمهيدية للدستور، منطقا لا علاقة له بنوعية المسطرة التأسيسية، ولا بطبيعة عمل لجنة المراجعة. (سبق التطرق إلى هذا الموضوع في عمودنا بالحيز نفسه، وذلك بتاريخ فاتح أبريل 2013، تحت عنوان: “من كتب فعلا دستور 2011”).
رابعها؛ استمرار الموقع المركزي الذي بات يحتله الفصل 47، وخاصة فقرته الأولى (1.47)، كإحدى البؤر المركزية للنقاش العمومي، وطبعا داخل الجماعة العلمية، خلال هذه المرحلة السياسية .
خامسها؛ الخروج العمومي لعدد من أعضاء اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور، لمناقشة بعض فصوله ومقتضياته المثيرة للجدل، وتقديم قراءات قد تتطابق في بعض الحالات، وقد تختلف في حالات أخرى، ويبدو هذا الأمر طبيعيا، ذلك أن هؤلاء الأعضاء يملكون اليوم المسافة نفسها مع مجموع الباحثين الدستوريين، لمناقشة دستور 2011، وأن مرورهم في تجربة اللجنة كخبراء مساهمين في استشارة وطنية، لا تمنعهم – مع استحضار الحدود المعقولة لواجب التحفظ في مستويات معينة من المعلومة – من الاستئناف الطبيعي لاجتهاداتهم البحثية، كما أنها لا تمنح لآرائهم العمومية أي سلطة خاصة، خارج سلطة الحجج الفقهية التي يقدمونها حول وثيقة يوليوز 2011.
المصدر : صحيفة اليوم 24