زهايمر

زهايمر!

المغرب اليوم -

زهايمر

رشيد مشقاقة

كنت وصاحبي نقطع الشارع، فاعترض سبيلي رجل ثم قال:

ـ «كيف حالك، اشتقت إليك. بالمناسبة يبلغك السلام رشيد مشقاقة»، فقلت له مستغربا: «أنا هو الأستاذ فلان».

فأردف قائلا: «معذرة يبلغك السلام الأستاذ الفلاني، وذكر اسم صاحبي». فلما أشرت إليه، اختفى الرجل من أمامنا وذهب إلى حال سبيله!

وأتذكر هنا كذلك أن الرئيس المباشر للأديب نجيب محفوظ ظل يحملق فيه جيدا، ويقول هامسا لزوجته: «هل فعلا هذا هو الرجل الذي حصل على جائزة نوبل للأدب، كان موظفا بسيطا عندنا».

فقد كان نجيب محفوظ كالنسيم العليل في تواضعه وأدبه الجم، زاهدا في كل ما يعتقده المتهافتون مجدا ومكانة رفيعة، على خلاف المفكر عباس محمود العقاد الذي ظل يقول: «لو كُنت فِي بَلدٍ بتقدَّر كانـُوا عَملوا لِي تَماثِيل».

المؤكد أننا لا نعرف بعضنا بعضا، وننتصر للقوة الظرفية التي ينتهي بنهايتها وَهْمُ مفتول العضلات حتى إذا خارت قواه دخل ذاكرة النسيان!

والمؤكد، أيضا، أننا بدلنا قصارى جهدنا كي نكبح جِماح الطموح، ونخرس لسان الصادق، ونفت في عضد المُجِّد، ونجحنا فعلا في ذلك. ولازالت أذكر ـ زمن الطفولة ـ ذلك الطفل الماكر الذي لم يَرُقْ له أن يرى زميلا لنا فرحًا بكِسْوَة العيد، فقال لنا: «إن أحسن حارس مرمى في حَيّنَا، هو فلان». وأشار بأصبعه إلى الطفل البريء، ثم حمل كرة وبدأ يقذفها نحو طفل صَدَّقَ الوهم فعلا وبدأ يرتمي أرضا لِصد الكرة، فاتسخت ملابس العيد، وارتاح بَالُ المسيء.

وقد كبر مع البعض منا هذا السلوك وتأسست له مدارس وأطرته نظريات، فوضعت أسلاك شائكة وإبر خفية تفَرْقِعُ الطوق وتدفع به إلى غياهب المجهول.

يبذل الصينيون مجهودا مضاعفا لعلاج داء الزهايمر وإنعاش الذاكرة من جديد، وإعادة المادة الرمادية للدماغ نشطة مثلما كانت، وهم مهما فلحوا في مسعاهم، فلن ينفعنا نحن هذا اللقاح، لأن الزهايمر عندنا ليس مرضا نُصاب به خارج إرادتنا، بل هو سلوك عمدي نفتعله لقطع الطريق على الناجحين منا، ونتصيد أخطاءهم، والنيل من سمعتهم والضحك على ذقونهم.

نحن سوق تَزْدَهِرُ فيها تجارة بيع القردة بامتياز، نخفي أصابعنا خلف أثوابنا، وندفع بالحالمين مِنَّا إلى المصيدة ليعيشوا كوابيس أقوالهم.

انظر جيدا إلى واقعنا، هل استطعنا أن نفعل شيئا، لا، نحن نغرد خارج السرب، ونؤذن في مالطا، وحال من ينظر إلينا كحال ذلك المريض الذي زاره الطبيبُ بغرفته لعيادته وسأله:

ـ هل تعرف من أنا، فردّ عليه الرجل بعينين جاحظتَيْن.

ـ أنت «السَّفة ُّ» كنوع من الطحين:

فردّ عليه الطبيب.

ـ إذا شـُفيت يَوما إرْمِي عَليَّ «القرْفـَة».

ـ الذين ينظرون إلينا غاب عنهم الوعي، ولا أمل في شفائهم، وقد استطاع الفنان عادل إمام أن يربي أبناءه الذين افتعلوا مرضهُ بالزهايمر!

فمن يربينا نحن؟؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زهايمر زهايمر



GMT 04:53 2017 الأربعاء ,17 أيار / مايو

غَنِّي لِي شْوَيَّ وْخُذْ عينيَّ!

GMT 04:46 2017 الأربعاء ,10 أيار / مايو

السَّمَاوِي!

GMT 05:44 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

شُفْتِنِي وَأَنَا مَيِّت!

GMT 05:01 2017 الأربعاء ,26 إبريل / نيسان

القاضي الشرفي!

GMT 04:55 2017 الأربعاء ,19 إبريل / نيسان

لاَلَّة بِيضَة!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 05:02 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
المغرب اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 15:40 2022 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انخفاض أسعار النفط بعد بيانات عن إنتاج الخام الأمريكي

GMT 15:58 2022 الإثنين ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهم اليابان تحقق مكاسب طفيفة بتأثير من مخاوف رفع الفائدة

GMT 21:29 2022 الأربعاء ,26 كانون الثاني / يناير

الأمن المغربي يطيح بسارق وكالة بنكية في مدينة فاس

GMT 04:02 2022 الأحد ,16 كانون الثاني / يناير

الرجاء المغربي يقدم عرضا رسميا لضم اللاعب حمزة خابا

GMT 20:31 2021 الجمعة ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الإصابة تُبعد نوير عن مواجهة رومانيا في تصفيات المونديال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib