البوهالي

البوهالي!!

المغرب اليوم -

البوهالي

رشيد مشقاقة

اسْمَع جَيّداً:
كان أول أستاذي هو القرآن، وأسمى مثال للإنسان عندي هو محمد «ص»، وأرفع نموذج للمرأة في كل العصور هي سيدتنا خديجة رضوان الله عليها، وقد قرأت الشعر العربي في كل صوره وعاشت دوَاوين الديلمي وأبي تمام والشريف الرضي معي بِغُرْفة نومي، واعتبرت الشاعر أحمد شوقي خاصية فنية أصيلة، أما كاتبي المفضل فهو طه حسين، في سيرته» الأيام»، إذ أجده شاعرا حساسا، فهي قصيدة الحرمان والأمل.
ولو سألتني عن الموسيقى لقلت لك إنّها لغة خاصة ينبغي أن نحافظ عليها، ولو تأثرنا نغيرها. أنا أرى الجمال خَيْرَ هدية تقدم للناس فَكُلُّ ما أقدمه لهم يعيش معي طويلا لحنا خالدا وكلاما قويا فصيحا.
لو لم أقل لك مَنْ صاحب هذا الأفكار لما اعتقدت أنها سيدة الطرب العربي أم كلثوم، لذلك لم يكن من باب الصدفة أو العبث أن ترسخ في عقولنا وقلوبنا ووجداننا !
عندما أقارن ذلك بما قالته سميرة بن سعيد: «إن الربيع العربي أبعدني، فاختفيت حتى تتضح الرؤية»، وعندما يُلِحُّ الجمهور على الفنان عبد الهادي بلخياط أن يتحفهم بروائع عبد الرفيع الجوهري وعبد السلام عامر، فترتفع يده إلى السَّمَاء مُوحياً بالحضرة الإلهية، أدرك تماما البون الشاسع بين الثرى والثريّا، وأقف على الخواء الثقافي والروحي والتفاهة والسطحية المستبدة بالنفوس.
في صورة نادرة جدا يتوسط أم كلثوم الأديبان نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم، بكل تأكيد لنْ يُعَلماهَا سوى الالتزام والخلود والفن الرفيع!
وفي مسيرة ثنائية لازم الفنان محمد عبد الوهاب أمير الشعراء أحمد شوقي، واستمع إلى طه حسين يقول له: «لن تثنيك وفاة والدك بالأمس عن موعدك اليوم مع الجمهور، فالغناء تعبير عن الحزن والفرح». وما كان للجماهير إلا أن شاركت أحزان المُغَنِّي وبَكَتْ أمامه على المسرح الكبير.
ومن أحمد شوقي تعلم محمد عبد الوهاب عزة النفس والأناقة، وتدبير الوقت، ولغة العقل، والذوق الرفيع، فما كان مقامرا ولا عربيدا ولا متسولا بِفَنِّهِ، فضمن بذلك الخلود.
أنا لا أعرف بالضبط من قصد الفنان المسرحي الطيب الصديقي بقوله يوما: «استمعوا إلى ذلك الفنان يُغَنِّي، ولا تستمعوا إليه يحاور»، فالرجل أجوف مِنْ حتَّى وهو نموذج فقط، لوجود كحالة أعياها السفر والمجون والتعب، واسْتَبدَّ بِهَا عقل فارغ ولباس مغر، وكلام ساقط، ونزوة الاسْتِجْداء بيد لا تكف عن السؤال !
في لحظة لا تُنسى غضبت أم كلثوم من الملحن السيد مكاوي عندما قال لمَنْ حوله: «سأضع لها لحنا يجْعلها ترقص على خشبة المسرح».
التي غَضِبت هي من قالت:
هل رأى الحب سُكارى مثلنا
كم بَنَيْنَا من خَيال حولنا
وهي من قالت أيضا:
أبا الزهراء قد جاوزت قدري بمدْحك بيد أنَّ لي انتسابا
لم تتصابى في الأولى، ولم تتلفع بعباءة وحجاب في الثانية، وجلس إليها الجمهور في المشهدين معا ببدلات وربطات عنق وفساتين أنيقة محتشمة، فليس ضروريا أن أتعرى لأغني للحب، أو أن أكون بُوهَالياً بِقَبْقابٍ وجَلابِية تجر تُرَابَ الأرض لأغني لأسمى المعاني في الحياة دينا ودنيا!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البوهالي البوهالي



GMT 19:20 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بائع الفستق

GMT 19:17 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

على هامش سؤال «النظام» و «المجتمع» في سوريّا

GMT 19:15 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

دمشق... مصافحات ومصارحات

GMT 19:13 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

السعودية وسوريا... التاريخ والواقع

GMT 19:10 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

ورقة «الأقليات» في سوريا... ما لها وما عليها

GMT 19:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

مسمار جحا

GMT 18:58 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

جمال بدوي محارب قديم!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 05:02 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
المغرب اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 15:40 2022 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انخفاض أسعار النفط بعد بيانات عن إنتاج الخام الأمريكي

GMT 15:58 2022 الإثنين ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهم اليابان تحقق مكاسب طفيفة بتأثير من مخاوف رفع الفائدة

GMT 21:29 2022 الأربعاء ,26 كانون الثاني / يناير

الأمن المغربي يطيح بسارق وكالة بنكية في مدينة فاس

GMT 04:02 2022 الأحد ,16 كانون الثاني / يناير

الرجاء المغربي يقدم عرضا رسميا لضم اللاعب حمزة خابا

GMT 20:31 2021 الجمعة ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الإصابة تُبعد نوير عن مواجهة رومانيا في تصفيات المونديال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib