جمال بودومة
قبل أسبوعين كتبت أن «مول لمليح باع وراح»، وأن العدالة والتنمية في 2016 يمشي على خطوات الاتحاد الاشتراكي في نسخة 2002، ولا شيء يؤكد أن مصير عبد الإله بنكيران سيكون أفضل من عبد الرحمان اليوسفي، الذي لم يخسر عليه القصر أكثر من استقبال مدته عشر دقائق كي يقول له: «شكرًا على المشاركة»، علما أن حزبه احتل المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية وقتها، وكانت «المنهجية الديمقراطية» تقتضي أن يكلّف بتشكيل الحكومة من أجل استكمال «الانتقال الديمقراطي». ورغم أن المقال مجرد تحليل يحتمل الصواب والخطإ، ليس الهدف منه «إحباط أحد»، فقد جر علي سيلا من الانتقادات من طرف من يسمون بـ»الكتائب الالكترونية لحزب العدالة والتنمية»، إذ نشر موقع pjd.ma مقالا يلمّح فيه إلى أنني جزء من «الآلة الدعائية لإلياس العماري»، وأنني «أهدف إلى إقناع القارئ بأن العماري رئيس الحكومة المقبل»، وإلى نشر «الإحباط بين أنصار بنكيران وإخوانه»! والواقع أن من يتابع هذا العمود يعرف أن أشرس المقالات، منذ تشكيل حكومة بنكيران، كانت من نصيب المعارضة، سواء منها الأصالة والمعاصرة أو الاستقلال أو الاتحاد الاشتراكي، الذي تعلمت بين مقراته الجهر بالحقيقة مهما كلّف الثمن، ولأن تهجمات الأمين العام لحزب «الميزان» على العدالة والتنمية كانت مجانية وفاقدة للمصداقية، فقد وقفت دائماً ضد شباط، لدرجة أن الرجل فقد صوابه ورفع عليّ دعوى قضائية، اعتبرتها ضريبة «عادية» لا بد أن يؤديها الصحافي الحرّ في المغرب! المشهد بات اليوم مختلفا. شباط «دار عقلو» بعد صدمة الـ4 من شتنبر، وغيّر نبرته وتحالفاته، و»الراس اللي ما يدور كدية». تصريحاته ورزانته في الآونة الأخيرة تجعل منه زعيما حزبيا جديرا بالاحترام، في حين بدأ العد العكسي لحكومة بنكيران، التي يبدو واضحا أنها وقعت في المصيدة «المخزنية»، بعد أن وضعوا في فمها كميات محترمة من الثوم مضغتها دون أن يرف لها جفن، حتى صارت رائحتها تزكم الأنوف، مما جعل الجميع ينفض من حولها، بمن فيهم أولئك الذين كانوا إلى وقت قريب يدافعون عنها. ولا داعي للتذكير بالتدابير المتشددة التي اتخذتها ضد البسطاء من أبناء هذا الشعب، من عاطلين وموظفين ومتقاعدين وأساتذة متدربين… مقابل التسامح مع لوبيات الفساد وناهبي المال العام، وبدل أن يتحمل بنكيران صلاحياته الدستورية، يفضّل تعليق فشل الحكومة على ذيل «التماسيح» و»العفاريت»! في كل الأحوال، السباق على رئاسة الحكومة انطلق، وبوادر سيناريو «مول لمليح باع وراح» بدأت تلوح في الأفق، وهاهو مزوار يوجه لكمة غادرة إلى بنكيران أسابيع قليلة بعد أن أمسك إلياس العماري بمقود «الجرار»، مما يدل على أن المعركة مفتوحة على كل الاحتمالات، وبقاء العدالة والتنمية في الحكومة مهدد أكثر من أي وقت مضى، مع وجود بديل جدي لبنكيران، وفي ظل ظرفية مواتية انتصرت فيها الثورات المضادة في العالم العربي وطويت صفحة الأحزاب الإسلامية واحدا تلو الآخر.. والبقية تأتي. لقد سخرنا كثيراً من صلاح الدين مزوار، حين حكى كيف «فعفع» وزيرة الخارجية السويدية، والبعض شكك في قدرته على إحداث تلك «الرجة المباغتة التي يرافقها تململ لكل أعضاء الجسد وامتقاع في الوجه ووقوف للشعر بعد سماع كلام صريح غير متوقع»، وهو تعريف كلمة «فعفع» في «لسان العرب»، الطويل طبعا. اليوم ندعو كل من لديهم شك في قدرة لاعب كرة السلة السابق على «التفعفيع» أن يتأملوا ملامح بنكيران بعد سماع خطاب وزيره في الخارجية أمام المجلس الوطني لحزب التجمع الوطني للأحرار، ويردّو علينا لخبار… «فعفعو ولا ما فعفعوش، يا متعلمين يا بتاع المدارس؟»… في انتظار «التفعفيعة» الكبرى طبعا بعد الانتخابات!