ضربة مقص
الحوثيون يؤكدون إفشال هجوم أميركي بريطاني على اليمن باستهداف حاملة الطائرات "يو إس إس هاري إس ترومان" إسرائيل تنفي مغادرة أي وفد لمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة إلى القاهرة 10 جنود إيرانيين شباب لقوا حتفهم في حادث سقوط حافلة في واد غرب إيران سقوط نحو 300 قتيل في اشتباكات عنيفة بين قوات سورية الديمقراطية وفصائل مسلحة مدعومة من تركيا في محيط سد تشرين وزارة الصحة في غزة تكشف أن عدد ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع ارتفع إلى 45,259 شهيداً و107,627 مصاباً من 7 أكتوبر 2023 تسجيل 76 حالة وفاة و768 إصابة جراء إعصار شيدو الذي ضرب مقاطعات "كابو" و"ديلغادو" و"نابولا" و"نياسا" في شمال موزمبيق زلزال متوسط بقوة 5.3 درجة غرب يضرب جنوب إفريقيا تكريم الفنان الكوميدي محمد الخياري في الدورة العاشرة لمهرجان ابن جرير للسينما وفاة الفنان المغربي القدير محمد الخلفي عن عمر يناهز 87 عامًا بعد معاناة طويلة مع المرض ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 45227 شهيد و107573 جريح منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

ضربة مقص

المغرب اليوم -

ضربة مقص

بقلم : جمال بودومة

صحيح أن باريس عاصمة الموضة وفيها أمهر الحلاقين وأرقى الصالونات، لكن الأسعار مؤلمة ولم يعد عندي شعر يستحق أن أخسر عليه مزيدا من النقود، لذلك اخترت أن أسلم رأسي إلى حلاق جزائري ميزته الوحيدة أنه غير بعيد عن بيتي و”عار الجار على جارو”. غير أنني لم أتوفق، الأحد الماضي، في اختيار موعد الذهاب عند جاري “الكوافور”، لأنني وصلت بعد أن سجَّلت زيمبابوي هدفا ثانيا في شباك الجزائر، التي كانت تخوض مباراتها الأولى ضمن منافسات كأس إفريقيا لكرة القدم، ووجدت الحلاق في حالة غير طبيعية، يعالج شعر أحد الزبائن وهو يتابع “الماتش” على شاشة هاتفه “السامسونگ”، لأن القنوات التي يتوفر عليها تلفزيون الصالون لا تنقل المباراة، وكان عليه أن يقرصن “بين سپور” على أحد المواقع كي يتفرج. المقص في يده والهزيمة على وجهه، وكلما ضيع “الثعالب” فرصة يتوقف عن الحلاقة ويرقص – مثل المجنون- ملوحا بيديه في كل الاتجاهات.

أما الزبون فكان يبدو محرجا، كأنه وقع في فخ، ليس بإمكانه مغادرة المحل وخريطة اليابان على رأسه ولا يستطيع تحمل إيقاع الحلاق المسعور، الذي كان يعتذر عن تصرفاته بين ضربة ركنية وضربة مقص، قبل أن يعدل الهاتف المثبت أمامه لعل الحركة تكون بركة على منتخب بلاده… لحسن الحظ أن الجزائر سجلت أخيرا هدف التعادل وانتهت المباراة قبل أن يأتي دوري وإلا كانت العواقب وخيمة… ولحسن الحظ أنني أقضي وقتا قصيرا بين يدي الحلاق، منذ أن فعل الزمن فعلته بشعري وفرّق بين الزغبة وأختها بسنتيمترات محترمة. دقائق معدودة تكفي كي يعالج المقص الرشيق زغباتي الخفيفة.

أيام كان الشعر يتبختر على الأكتاف، لم يكن ينفع معنا إلا “الطوندوز” في نسخته اليدوية، يمسك الحلاق بمفكيه ويشرع في جز سوالفنا الكثيفة مثل خرفان صغار، يحرثه من الأعلى إلى الأسفل ومن الأسفل إلى الأعلى، محدثا ذلك الصوت الذي مازال يرن في آذان أجيال بكاملها، بالتناغم مع حركة “الطوندوز”. أحيانا تشد الآلة على الجلد أو تجر بعنف كومة من الشعر لدرجة تطفر معها الدموع في العيون، كنا نعود دائما ببثور حمراء على الرقبة، بسبب العتاد العتيق وغير المعقم. كان الدخول عند الحلاق، في تلك الأيام، يشبه الذهاب إلى حصة تعذيب. يقتادنا الكبار رغما عنا ونحن نبكي، وكي نسكت يشترون لنا الحلوى وساعة مزيفة أو قطا من البلاستيك… ذلك الهرّ السخيف ذي الخدود المنتفخة والعينين الجامدتين، الذي يعرف بـ “المش ديال الميكا”، لا يتحرك ولا يفعل أي شيء، كان يضحك به الكبار على الصغار في ثمانينيات القرن المنصرم!

في المراهقة صرنا نذهب لوحدنا عند “الحجام”. في معظم الأحيان نهجم جماعة على أرخص حلاق كي يتفنن في رسم خرائطه العجيبة على رؤوسنا الصغيرة ونوفر من المبلغ الذي في جيوبنا. أرخصهم بدرهمين. نصل إلى المحل ونجلس في انتظار دورنا، صامتين متوجسين كأننا في فصل دراسي. في النهاية نخرج من عنده بتسريحة سخيفة نسميها “تحسينة الزلافة”، ونسخر من بعضنا البعض، لكننا نربح درهما أو نصف درهم، وذلك أهم شيء لأن الشعر سيكبر مجددا في نهاية الأمر.

الحلاقة مهنة فريدة، تتطلب مهارات يدوية وأخرى شفوية. لكي تكون حلاقا ناجحا، عليك أن تكون بارعا في الكلام قدر براعتك في ضربات المقص. لأن النهار طويل ومليء بالزغب، يقضي “الحجام” وقته في الثرثرة وهو يعالج عشرات الرؤوس. أحيانا يطرح عليك أسئلة دون أن ينتظر جوابا، ويشتم فنانين أو سياسيين أو رياضيين، دون سبب، على وقع القهقهات وضربات المقص. يتعامل مع الزبائن كما يتصرف الخضّار مع حبات البطيخ. الأحاديث التي تسمعها في الصالون قلما تجد مثيلها في مكان آخر. إذا كان الحلاق موهوبا، تكون القصص مسلية والنكات مضحكة، وإذا كان ثقيل الدم يكون نصيبك حكايات مملة وقفشات سخيفة، لا تملك إلا أن تتظاهر بالضحك وأنت تسمعها، خصوصا عندما يكون ممسكا بالموسى كي يشذب الشعيرات التي تمتد أسفل الرقبة، لأنه يستعمل الشفرة لاستكمال الحلاقة… “وله فيها مآرب أخرى”.

المصدر : جريدة اليوم 24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضربة مقص ضربة مقص



GMT 16:20 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

سعيد في المدرسة

GMT 11:52 2020 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

تيفيناغ ليس قرآنا!

GMT 14:26 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

«بيعة» و «شرية» !

GMT 05:27 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

«لا يُمْكن»!

GMT 03:32 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 09:12 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

لاعبو منتخب "الأسود" يؤكدوا ثقتهم في الركراكي

GMT 08:54 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

العام الحالي 2023 الأكثر حرّاً في التاريخ المسجّل

GMT 16:07 2023 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

علماء الآثار يزعمون اكتشاف "خريطة كنز عملاقة"

GMT 05:19 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زينّي حديقة منزلك بـ"فانوس الإضاءة الرومانسي"

GMT 09:00 2018 الثلاثاء ,12 حزيران / يونيو

" ديور " تطرح ساعات مرصعة بالألماس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib