«عاصفة الحزم» وولادة نظام إقليمي جديد

«عاصفة الحزم».. وولادة نظام إقليمي جديد

المغرب اليوم -

«عاصفة الحزم» وولادة نظام إقليمي جديد

مصطفى فحص


عاد الوفد الإيراني المفاوض إلى لوزان بعد عطلة «النوروز» مطمئنا إلى موقفه وموقعه في المفاوضات مع مجموعة دول 5+1، وخصوصا مع الولايات المتحدة. بالنسبة إلى المفاوض الإيراني فإن الخريطة السياسية الجديدة في المشرق العربي، وسواحل المتوسط التي يسعى إلى إتمام السيطرة عليها، اكتملت أجزاؤها. فرجال الحوثي على أبواب عدن، وحزب الله يحرس ما تبقى من نظام دمشق، أما الجنرال قاسم سليماني، فهو يتحرك بحرية كاملة بين العراق وسوريا ولبنان، وقد وصل إلى حدود الأردن، مستعجلا الانتهاء من رسم حدود الإمبراطورية الجديدة.

منت طهران النفس، أنها ستعود من مفاوضاتها النووية منتصرة سياسيا، على الرغم مما ستقدمه من تنازلات تقنية وسيادية، ستعوضها بصك اعتراف دولي، بأنها الشرطي الجديد للمنطقة، بمباركة أميركية، لن يتجرأ أحد على الطعن بها أو الاعتراض عليها، وقد تهيأت لذلك عبر سلسلة من التصريحات، لمسؤولين رسميين في النظام والدولة، وصلت في فجاجتها إلى مستوى مطالبة دول المنطقة وشعوبها، بمبايعتها والاعتراف بأدوار عامليها، الذين من خلالهم طوعت إرادة الشعوب، وهددت الأنظمة ورسخت حدود توسعها.

حتى فجر السادس والعشرين من مارس (آذار)، كانت المنطقة والعالم مشدودين إلى تداعيات ما بعد توقيع اتفاق الأطر السياسية للاتفاق بين إيران والدول الكبرى، وانعكاسه على العلاقات والمصالح الدولية، والاستعداد للقبول بشرق أوسط جديد، تقوده إمبراطورية فارسية، تخضع لسيطرتها أجزاء من سواحل الخليج العربي والبحر المتوسط، والممرات والمضائق المائية حيث يمر 40 في المائة من احتياجات العالم من الطاقة.

وجاءت رياح «عاصفة الحزم» بما لا تشتهي سفن أسطول التوسع الإيراني، فاختلطت أوراق المنطقة والعالم بشكل لم يتوقعه أحد، وتغيرت أولويات اللاعبين والمؤثرين، وأجبر الجميع وخصوصا طهران، على مراجعة حساباتهم، وعليه لم يعد التاريخ المفترض لتوقيع الاتفاق النووي بينها وبين الدول الكبرى، هو التقويم المحتمل لولادة نظام سياسي إقليمي جديد، بل أصبح الإعلان عن تحالف إقليمي (عربي - إسلامي) تقوده الرياض سياسيا وعسكريا، من أجل دعم الشرعية في اليمن، ضد تمرد «الحوثي - صالح» المدعوم من طهران، صافرة الإعلان عن انطلاق مرحلة تاريخية عربية جديدة بخصوصية خليجية، تعلن القطيعة مع ما سبق من سياسات الاحتواء والانتقال إلى مرحلة التصدي والهجوم، وإعادة الخيال الإمبراطوري الإيراني الجامح إلى عالمه الافتراضي، لأن واقعا عربيا وإسلاميا أخذ بالتشكل، لن يسمح بتمرير المصالح الإيرانية على حساب مصالحه، حتى ولو اقتضى الأمر المواجهة العسكرية المفاجئة.

وانتقلت عاصفة الحزم من الواقع الميداني إلى الفضاء السياسي، فقطعت الطريق على نظام طهران، بأن يفاوض العالم على مستقبل سوريا، فالثوار يتقدمون على الجبهتين الجنوبية (درعا) والشمالية (إدلب)، أو وضع شروطه بسهولة على مستقبل العراق، فتجاوزات الحشد الشعبي في العراق لم تعد مقبولة، كما لم تعد تجدي مواجهة العنف السني بآخر شيعي، إضافة إلى أن الهيمنة على القرار السياسي اللبناني لم تعد مطلقة، بعد أن فشلت كل أساليب تعطيل المحكمة الدولية، لمحاسبة قتلة الرئيس رفيق الحريري، التي تستمر بزخم كبير.

سياسيا، أعادت «عاصفة الحزم» فريق المفاوضين الإيرانيين إلى جنيف ولوزان خالي الوفاض، باحتياطات استراتيجية نافذة، ليس بإمكانها تغطية حسابات التنازلات النووية، وذلك بعد أن أطاحت الأحداث المتسارعة في المنطقة، بالمضمون السياسي للمشروع النووي الإيراني، محولة إياه إلى اتفاق تقني، تقدم فيه طهران تنازلات مهينة، تحد نهائيا من قدراتها النووية، مقابل فك تدريجي للعقوبات، والخضوع لاختبار حسن سلوك أمام الدول الكبرى، لكي يتم تدريجيا إعادتها إلى الحاضنة الدولية، كنظام يهتم بشؤونه الوطنية، ويلتزم القيام بدور إقليمي بناء، يحترم من خلاله مصالح جيرانه وخصوصياتهم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«عاصفة الحزم» وولادة نظام إقليمي جديد «عاصفة الحزم» وولادة نظام إقليمي جديد



GMT 10:34 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:32 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 10:31 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:29 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 10:27 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:25 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المثقف وزرقاء اليمامة وكناري المنجم

GMT 10:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تطابق من سبايك لى إلى هانى أبو أسعد!!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

عمان - المغرب اليوم

GMT 15:56 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
المغرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 03:18 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن ولاد رزق
المغرب اليوم - أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن ولاد رزق

GMT 17:41 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 18:27 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميداليتان للجزائر في الدورة المفتوحة للجيدو في دكار

GMT 17:40 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم ليفربول يشعل مواقع التواصل بمبادرة "غريزية" غير مسبوقة

GMT 14:14 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

متزوجة تعتدي على فتاة في مراكش بسبب سائح خليجي

GMT 10:41 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

عروض فرقة الفلامنكو الأندلسية على مسرح دونيم الفرنسي

GMT 16:22 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

جدول أعمال مجلس الحكومة المغربية في 25 كانون الثاني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib