غزة ــ لبنان بين فك الارتباط وفصل الاشتباك

غزة ــ لبنان: بين فك الارتباط وفصل الاشتباك

المغرب اليوم -

غزة ــ لبنان بين فك الارتباط وفصل الاشتباك

مصطفى فحص
بقلم - مصطفى فحص

بات شبه مؤكد أن المفاوضات الإيرانية - الأميركية المباشرة التي جرت في العاصمة العُمانية مسقط قد توقفت قبل نهاية السنة الماضية، من دون التوصل إلى اتفاقات مبدئية تؤسس لترتيبات إقليمية شبه ثابتة بين الطرفين ما بعد الحرب على غزة. في مسقط نجح الطرفان في فك الارتباط ما بين وحدة الساحات، فلم تنزلق المواجهة إلى حرب إقليمية تتجنبها طهران وتمنعها واشنطن وتدفع تل أبيب نحوها، باعتبارها فرصة قد لا تتكرر من أجل إنهاء التهديدات الأمنية على حدودها الشمالية تحت ذريعة تنفيذ القرار الأممي 1701.

من طهران إلى واشنطن مروراً بمسقط، راهن المفاوض الإيراني على عامل الوقت أميركياً وإسرائيلياً من أجل تحقيق أهدافه أو تثبيت مكاسبه، لكن طهران أخفقت في الحصول على المزيد من الرُّشى الأميركية من أجل خفض الاشتباكات، وعلى الأرجح أنها طالبت بما لا تستطيع أن تعطيها إياه الإدارة الأميركية الحالية، وبما لا تقبل تل أبيب بأن تعطيه هذه الإدارة لطهران، حيث اصطدمت طهران مجدداً بالعامل الانتخابي الأميركي الذي يفرض نفسه على أي تسوية أو اتفاقيات خارجية تقوم بها إدارة الرئيس بايدن، ولعل هذا المعطى أحد الأسباب الرئيسية في تأخر عودة الفرق التفاوضية مجدداً إلى العاصمة العُمانية.

من طهران إلى تل أبيب مروراً بغزة، راهنت طهران على أن تل أبيب تتجنب الحروب الطويلة أو الجبهات العديدة، ولكن الحرب على غزة تجاوزت المائة يوم وقد تستمر لعدة أشهر وإن بوتيرة مختلفة، وذلك في إطار ما فرضته واشنطن على حكومة الحرب الإسرائيلية من أجل استمرار الغطاء الغربي لها، ما يعني أن غزة ستشهد خلال الأسابيع المقبلة الانتقال إلى المرحلة الثالثة من القتال التي سيكون عنوانها منطقة خان يونس، والأغلب أن من بعدها ستطبق تل أبيب استراتيجية جديدة أقل هجومية وأكثر أمنية ونوعية، الأمر الذي سيدفعها إلى نقل مجهودها الحربي إلى الحدود الشمالية التي باتت أمام احتمالين، إما أن ينعكس خفض التصعيد في غزة على الحدود مع لبنان، وإما التصعيد وليس بالضرورة الحرب المفتوحة.

من بيروت إلى تل أبيب مروراً بطهران وواشنطن، يحمل المبعوث الأميركي الخاص آموس هوكشتاين عروضاً كثيرة معقدة ومركبة، تركز على عدم ارتباط الحل السياسي ما بين غزة وبيروت، وتعمل على فك الاشتباك العسكري ما بين غزة وجنوب لبنان، وهذا أقرب إلى ما ترغب فيه واشنطن وتتحفظ عليه طهران وتل أبيب، فالأولى أي طهران تُصر على نوع من سلّة حلّ إقليمية تحفظ لها موطئ قدم في القضية الفلسطينية ما بعد غزة، لذلك لجأت إلى التصعيد على أكثر من ساحة بهدف الضغط على واشنطن، أما الثانية أي تل أبيب فهي مُصرة على الحلول العسكرية والأمنية في جنوب لبنان وتمارس ضغوطها داخل الإدارة الأميركية.

في جعبة هوكشتاين كثير من العروض التي وإن كانت مغرية للمنظومة اللبنانية الحاكمة التي صرح أحد أركانها في وقت سابق بأنهم مستعدون أن يطبقوا القرار الأممي 1701 مقابل بقائهم في السلطة، لكن هوكشتاين الأميركي المولود في إسرائيل، أولوياته حماية مصالح بلده «الأم»، فهو لن يقدم للبنان براً أكثر مما أعطاه بحراً، وهذا ما يطمئن تل أبيب إلى الدور الذي يلعبه مع أصدقائه اللبنانيين الراغبين في تسوية طويلة الأمد تحفظ لهم مواقعهم وتعزز مكاسبهم.

في بيروت يفاوض هوكشتاين أو يناور لكنه يتحرك مدفوعاً بتهديدات إسرائيلية جدّية ضد لبنان هدفها فصل الاشتباك ما بين غزة وجنوب لبنان، وإغراءات بفك الارتباط بما بعد غزة تُحرج المعنيين في طهران بالرغم من أنها تحفظ مكاسبهم الفرعية، كما من الصعب أن توافق طهران على مسار منفصل عن مسار مسقط، لذلك فإن الوصول إلى هذا الحلّ قد لا يكون دبلوماسياً فقط إذا رفض أحد الأطراف بعض البنود وقرر الطرف الآخر فرض بنوده ولو بالقوة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة ــ لبنان بين فك الارتباط وفصل الاشتباك غزة ــ لبنان بين فك الارتباط وفصل الاشتباك



GMT 23:25 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

بمناسبة المسرح: ذاكرة السعودية وتوثيقها

GMT 19:34 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

لماذا نهتم بالانتخابات الأميركية؟

GMT 19:31 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

تغريد دارغوث إذ ترسم ضد تسليع الكارثة

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

مصر وحماس؟!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
المغرب اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 16:13 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
المغرب اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 13:16 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

التعرض إلى الضوء في الليل يُزيد من خطر زيادة الوزن
المغرب اليوم - التعرض إلى الضوء في الليل يُزيد من خطر زيادة الوزن

GMT 18:43 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

محمد إمام يتعاقد على فيلم جديد بعنوان "صقر وكناريا"
المغرب اليوم - محمد إمام يتعاقد على فيلم جديد بعنوان

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 13:06 2024 الإثنين ,02 أيلول / سبتمبر

إطلالات أيقونية لملكة الأناقة رانيا العبد الله

GMT 13:41 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib